المهدي الزايداوي
للإسرائيليين علاقة وطيدة بالبحر، فمن خلاله عبروا على بواخر بعضها مُتهالك، وبعضها غرق قبل أن يصِل إلى “أرض الميعاد”، التي جمعت أشتاتا من يهود العالم بعد إقناعهم بأنهم أبناء “وطن واحد” وعِرقية واحدة.
واليوم، تتخِذ علاقة الإسرائيليين بالبحر بُعدا جديدا. فمن خلاله باتوا يَفرُّون من أرض الميعاد، بعد أن باتت تل أبيب وحيفا وغيرهما من مُدن هدفا يوميا للصواريخ الإيرانية.
فالصواريخ الإيرانية، وقبلها صواريخ الفصائل الفلسطينية ومعها صواريخ حزب الله اللبناني، حتى تلك التي اعتُرضت أو لم توجع إسرائيل في مناطق حيوية أو تتسبَّب في قتلى، قد بثَّت الرعب في المجتمع الإسرائيلي الذي جاء ذات يوم إلى فلسطين بعد وعود بأن زمن الإحساس بالخوف أو الخطر قد ولَّى بلا رجعة.
إلى الأمام.. فِرَّ
“الشرير يهرب حتى وإن لم يكن هناك مَن يطارده، أما الصدِّيق فهو كالأسد الصغير واثق”. مَثَل عبري
بعد تهديد دونالد ترامب لإيران، مطالبا سكان طهران بإخلاء مدينتهم دون تحديد طبيعة التهديد، نقلت وسائل إعلام صورا للإيرانيين وهم يغادرون طهران هربا مما اعتقدوه تهديدا أميركيا بضرب العاصمة.
ولكن على بعد نحو 1500 كيلومتر من هذا المشهد، لم تنقل لنا وسائل الإعلام الإسرائيلية ولا الغربية مشهدا مشابها، ولعله أكثر غرابة. في ميناء هرتسليا المُطل على البحر المتوسط، وقف عدد من الإسرائيليين يستنجدون بالمراكب واليخوت والأمواج كي تحملهم معها، لا لمغادرة المدن الكبرى نحو مدن “أقل خطرا”، بل للهروب خارج إسرائيل.
وقد أشارت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية إلى أن ميناء هرتسليا بات شبيها بمحطة مؤقتة، فبدءا من الساعة السابعة صباحا يبدأ الإسرائيليون في التوافد مُحمَّلين بأمتعتهم باحثين عن أي يخت ينقلهم إلى قبرص، ثم منها إلى أي مدينة أوروبية.

في الميناء، يلتقي المسافرون بأشخاص بدأوا في تجارة صغيرة مُربِحة تقوم على بيع بعض المؤونة للراكبين. ويبدو التوجُّس على وجوه الناس، الذين نادرا ما يقول المسافرون إنهم من سكان دولة الاحتلال، بل يكتفون بالقول إنهم كانوا في إجازة وعائدون إلى “ديارهم”، وقليلون منهم مَن يعترفون بأنهم يَفرُّون في الحقيقة من الصواريخ الإيرانية، وأقل منهم مَن يريد الحديث مع وسائل الإعلام التي جاءت لتغطية موجات الفرار عبر البحر.
ويتراوح ثمن الفرار من إسرائيل بحرا حسب العرض والطلب، وحسب نوع اليخت وسرعته ووسائل الراحة المتوفرة فيه، فهناك بعض اليخوت مثلا تضم غرفا خاصة، وأخرى تعمل بالديزل وتصل إلى قبرص في ثماني ساعات فقط. فمن الركاب مَن دفع 2500 شيكل (نحو 700 دولار)، ومنهم مَن دفع 6500 شيكل (نحو 1700 دولار) لأجل الرحلة ذاتها.
النزيف
أسوأ ما يُهدِّد إسرائيل هو نزيف العقول: العلماء والمهندسون والأطباء يبحثون عن أماكن أخرى. هذا ليس نزوحا للأفراد فقط، بل فقدان للموهوبين الذين يبنون الدولة. “أرنون سوفر، عالم ديموغرافيا إسرائيلي“
في تل أبيب التي تفخر إسرائيل بأن إيقاعها الصاخب لا يتأثر بالحرب، فهناك الكثير من المقاهي والمطاعم والتجمعات السكانية، وفي الوقت نفسه ثمّة الكثير من النقاط الحمراء التي تقترحها الخرائط الإلكترونية للسكان، وهذه النقاط تُمثِّل الملاجئ التي يفر إليها الإسرائيليون عندما يدوي جرس الإنذار.
وعلى شاشات التلفاز، يتبارى المحللون العسكريون في قراءة خرائط غزة، ويتحدثون عن تحقيق الأهداف العسكرية التي قد تُسبِّب أضرارا جانبية هي دماء الفلسطينيين.
ويعلم الجميع، المُشاهد والمحلل، بأن نتنياهو الذي لا يهتم بشيء يماثل بقائه في منصبه، فإنه صادق في وعده بأن تعيش إسرائيل حاملة سيفها للأبد. لكن هذا السيف، له ثمن، ثمن المقاومة، والصواريخ التي باتت تدك قلب إسرائيل باستمرار.
في الصيف الماضي، انضم البروفيسور الإسرائيلي آرون سيخانوفر، الحائز على نوبل في الكيمياء، إلى مجموعة من الشخصيات الإسرائيلية التي تطالب بوقف إطلاق نار فوري وإبرام صفقة لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى حماس.
وجاء موقف البروفيسور انطلاقا من قناعة بأن عدم استعادة الرهائن سيؤدي إلى انهيار العقد الاجتماعي الذي تستند إليه إسرائيل، مما سيكون له عواقب كارثية على البلاد، ذلك لأنها تشهد موجات هجرة متزايدة لعقول لم تعد ترى مستقبلا في إسرائيل، فقد غادر بعضها، فيما يقف البعض الآخر في انتظار اللحاق بزملائه، وهو أمر يُهدِّد مستقبل إسرائيل دون شك.
صحيح أن الطوفان كان صادما للمجتمع الإسرائيلي، وخلخل ثقة الإسرائيليين في أجهزتهم الأمنية، وفي الجيش الذي من المفترض أنه لا يُقهَر، لكن بوادر رغبة الكفاءات في الفرار من دولة الاحتلال ظهرت في الحقيقة قبل الطوفان بسبب التحولات الديمغرافية والسياسية التي دفعت الكثير من العلمانيين إلى التشكيك في إمكانية إيجاد مكان لهم في إسرائيل، التي تمشي بخطى متسارعة نحو الأصولية الدينية.
وقد ذكرت صحفية “الغارديان” البريطانية قصة نوعام، مدير وكالة علاقات عامة وصيدلية للقنب الطبي وأب لثلاثة أطفال، وكان يريد العيش في إسرائيل بعد سن الأربعين، بيد أن كل شيء تغيَّر، إذ إنه يقضي لياليه هو وزوجته الآن بحثا عن مكان للعيش وعن مدارس لأبنائه.
ويقول نوعام إن السبب في رغبته في الرحيل عن إسرائيل ليس غياب “السلام”، لأن السلام وإن تحقَّق، فلن يُغيِّر من واقع أنه لم يعُد يرى المجتمع الإسرائيلي الحالي صالحا لتربية أبنائه.
ويضيف نوعام: “أخشى أن اقتصاد إسرائيل سيتضرر بسبب الزيادة في عدد الشبان الحريديم غير المؤهلين للعمل المهني، لأنهم لا يدرسون الرياضيات أو العلوم ولا يتقنون الإنجليزية”.
أما من الناحية الاجتماعية، فإن صعود المحافظين الدينيين يجعل الحياة صعبة على العلمانيين. إذا أردتَ معرفة إلى أين نحن ذاهبون، فانظر إلى النموذج الإيراني، حيث يلعب الدين دورا محوريا في الحياة اليومية”.
وتؤكد الأرقام مخاوف نوعام، فبحلول عام 2015 باتت نسبة العلمانيين من اليهود 45%، وفي عام 2023 بلغت نسبة الأطفال المُسجَّلين في المدارس العلمانية 40%، وهي كلها نِسَب في انخفاض مستمر.
بجانب عائلة نوعام، يقول تقرير “الغارديان” إن خمس أو ست أسر من مدرسة أطفاله غادرت العام الماضي، وقد عجَّل السابع من أكتوبر بهذه الخطوة، لكنه لم يكن السبب الحقيقي الذي جعل هذه الأسر تختار الرحيل، فلا أحد من الأسر العلمانية يرغب في أن يرمي بأولاده في آلة الجيش التي تقتات على الجنود في حين يرفض الحريديم الخدمة العسكرية، وتقبل الحكومة حتى الآن رفضهم تودُّدا لهم بسبب تأثيرهم الكبير في السياسة الإسرائيلية.
ويجد بعض اليساريين أسبابا أكثر أخلاقية للخروج من دولة الاحتلال، مثل الشابة الإسرائيلية درور سادو، التي اعتبرت أن قرار خروجها من إسرائيل جاء بسبب صدمتها من الدعم الشعبي للحرب الذي أدى إلى وفاة عشرات الآلاف من الفلسطينيين معظمهم من المدنيين، إذ إن الرغبة في إسالة الدم الفلسطيني لم تعُد مقصورة على مَن يُوصَفون بـ”المتطرفين”، بل انتشرت حديثا في صفوف اليسار الإسرائيلي نفسه، الذي بات يتحدث عن “حرب عادلة”.
وبجانب هؤلاء الذين يتحدثون ويُخطِّطون ويُعبِّرون عن رغبتهم في الرحيل، توجد فئة أخطر ترحل في صمت ولا تقول شيئا حتى صعودها سُلَّم الطائرة، مثل طبيبة أطفال معروفة ذهبت في إجازة، قبل أن تعلن أنها ستُمدِّد إقامتها في الخارج ثلاث سنوات.

أين يفرون؟
“لا تتركوا البلاد. هذا لا يجوز أن يحدث. إسرائيل تحتاج إليكم، لا يمكننا الحياة بدونكم”. نفتالي بينيت، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق
في صحيفة “لوموند” الفرنسية، أشار تقرير إلى أن عائلة آران أنجيوني، التي تقطن كيبوتس (مستوطنة) شمالي البلاد تبعد نحو 7 كيلومترات فقط عن الحدود مع لبنان، انقلب حالها بعد الطوفان بسبب صواريخ المقاومة وحزب الله اللبناني، ومن ثمَّ وجدوا أنفسهم مُطالبين بالاتجاه إلى مستوطنة أخرى في وسط فلسطين المحتلة.
في غضون عام واحد، انتقلت هذه الأسرة الإسرائيلية للعيش في أكثر من خمس مناطق مختلفة، قبل أن تخطر لهم الفكرة البديهية، وهي النزوح إلى جزيرة كريت اليونانية، وليس لقضاء إجازة هذه المرة، بل للاستقرار.
ليست هذه هي الأسرة الوحيدة التي اختارت الذهاب إلى اليونان، البلد الأوروبي الذي يتميَّز بجو قريب من الطقس الذي يعرفه سكان دولة الاحتلال، وتوجد فيه الكثير من الاستثمارات الإسرائيلية التي زادت بعد عملية “طوفان الأقصى”.
في هذه الأيام، يبحث الإسرائيليون الميسورون عن منزل ثانٍ في بلد آمن يمكن الهروب إليه بسرعة، على حد قول كيمون زاكس، مُحامٍ يوناني يعمل مع مواطنين من إسرائيل.
وقد تضاعف عدد التأشيرات التي طلبها الإسرائيليون لليونان، ويطلب بعضهم تأشيرات للعمل، وتمنح اليونان للذين يمتلكون دخلا شهريا يصل إلى 3500 يورو أو أكثر إقامة مدتها سنتان، بيد أن الغالبية العظمى من الفارين يضطرون لتجديد تأشيراتهم كل ثلاثة أشهر.
ومع تزايد أعداد الإسرائيليين الذين يختارون اليونان، ظهرت مجموعات على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك لمشاركة المعلومات وتسهيل الحياة اليومية عبر تقديم إعلانات الإيجار وتوفير معلومات عن المدارس والمناطق الآمنة والمربيات الإسرائيليات.
في دراسة لـ”معهد الدراسات والسياسات اليهودية”، وهو مؤسسة بحثية مقرها بريطانيا تُعنى بإجراء دراسات حول المجتمعات اليهودية في أوروبا والعالم، نرى التغيير الكبير الذي بدأت تعرفه المجتمعات اليهودية في الدول الأوروبية، حيث تقول الدراسة إن الإسرائيليين الذين انتقلوا للعيش في أوروبا أسهموا بشكل كبير في إحياء الجاليات اليهودية التي كانت تتراجع في القارة، سواء كان هذا التأثير ديموغرافيا أو ثقافيا، في نسخة جديدة لشتات يهودي اختياري.
بعد تأسيس إسرائيل، كان الصهاينة الأوائل يُعوِّلون على المجتمعات اليهودية من أجل إحياء إسرائيل، بيد أن الدكتور دانيال ستايتسكي، كاتب هذه الدراسة، يقول إن مؤسسي إسرائيل لم يتوقعوا أن العكس سيحدث في يوم من الأيام، وأن المجتمعات اليهودية في المجتمعات الغربية هي التي ستنتعش من الهجرات القادمة من إسرائيل.
حيث ينقل المهاجرون الإسرائيليون تراثهم الديني والاجتماعي وثقافتهم اليومية إلى الدول التي يهاجرون أو يعودون إليها، فقد أصبح استعمال اللغة العبرية والأسماء اليهودية للأطفال أكثر انتشارا في العديد من الجاليات الأوروبية، وبدأت المطاعم في تقديم أطباق من “المطبخ الإسرائيلي” كما يُسمَّى.
في هولندا مثلا، يقول “آشر وترمان”، المستشار الإستراتيجي للهيئة الوطنية للرعاية الاجتماعية للجالية اليهودية الهولندية، إن الأراضي منخفضة التكلفة استقبلت الكثير من الإسرائيليين في الآونة الأخيرة، وهو أمر يُغيِّر من التركيبة الداخلية للجالية اليهودية، حيث إن اليهود القادمين من إسرائيل يمتلكون هوية وتاريخا مختلفا نوعا ما عن يهود هولندا.
في السياق نفسه، صرَّح “إيتاي غارمي”، عضو مجلس بلدي في أمستردام وُلِد لأب إسرائيلي، بأن الجالية الإسرائيلية في العاصمة غالبا ما تكون أكثر علمانية من الجالية اليهودية التقليدية القادمة من إسرائيل، ويقول: “علاقتنا بإسرائيل تقوم على الثقافة أكثر من الدين. الأمر يتعلق بالموسيقى والطعام وحب إسرائيل كوطن ثانٍ لليهود أكثر من كونه متعلقا بالدين”.
إذ يعيش بعض المهاجرين الإسرائيليين بتركهم دولة الاحتلال صحوة دينية، ويُصرِّح بعضهم بأنه كان يشعر بكونه إسرائيليا، لكن الهجرة إلى أرض أخرى خلقت الإحساس أكثر فأكثر باليهودية بوصفها ديانة وهوية. غير أن هذا الأمر لا ينفع إسرائيل بالطبع، لأن العديد من الخارجين منها هم أصحاب التعليم العالي، والشباب، ومَن لديهم أطفال.
حلم أقرب للكابوس
“قد تكون رحلات الخروج أكبر عددا من رحلات الدخول، وهذا فريد في تاريخ إسرائيل”. غيرج ديلابليرغولا، ديموغرافي من الجامعة العبرية
هجرة، إسرائيل، نتنياهو، بن غفير، سموتريتش، بهذه الكلمات المفتاحية يمكننا أن نحاول الوصول من مُحرِّكات البحث إلى تصريحات لقادة الحكومة الحالية لمعرفة آرائهم في الهجرة العكسية، وفي الإسرائيليين الذين يهربون من فلسطين المحتلة.
بيد أنه لا توجد تصريحات رسمية من هذا الثلاثي تتحدث عن الظاهرة في الحقيقة، كما أن المعلومات حول الظاهرة شحيحة، اللهم إلا إعلان وزيرة النقل والمواصلات الإسرائيلية ميري ريغيف منع مواطنيها من الخروج عبر المطارات.
أما جميع التصريحات حول كلمة “هجرة” فتأتي في سياق مختلف تماما، وهو تهجير أهل غزة، ولكن أعداد الغزيين الذين هُجّروا رغم التقتيل والتجويع مُثير للاهتمام إذا ما قارنّاه مع فرار الإسرائيليين عبر اليخوت الفاخرة بعد أقل من أسبوع على الضربات الصاروخية.

بحسب المتوفر من بيانات، ففي أكتوبر/تشرين الأول 2023، شهر اندلاع الطوفان، غادر نحو 12300 إسرائيلي البلاد ولم يعودوا حتى نهاية يونيو/حزيران 2024، وذلك مقارنة بـ3200 شخص تركوا البلاد في الفترة نفسها من العام السابق، أي إن الهجرة في هذه الفترة ارتفعت بنسبة كبيرة.
وفي صيف عام 2023، أي قبل السابع من أكتوبر أصلا، وبالتزامن مع “الانقلاب القضائي”، ارتفعت الهجرة بنسبة 51% مقارنة بصيف عام 2022. أما التقديرات الإجمالية لعام 2024، فتشير إلى أن عدد المهاجرين بلغ نحو 76 ألف إسرائيلي، مقابل 70 ألفا في عام 2023. كما تقول القناة 12 الإسرائيلية إن نحو 30 ألف إسرائيلي غادروا البلاد بشكل دائم ما بين نوفمبر/تشرين الثاني 2023 ومارس/آذار 2024.
أما العائدون فتقول الأرقام إنه بين أكتوبر/تشرين الأول 2023 ومايو/أيار 2024 عاد 19 ألف إسرائيلي، مقابل 23 ألفا في الفترة نفسها من العام السابق، وهو ما يُمثِّل انخفاضا بنسبة 20%، وتراجعا مستمرا شهريا منذ اندلاع الحرب، أي إن عددا متزايدا من الإسرائيليين المقيمين بالخارج يؤجل العودة أو يلغيها.
في أثناء البحث وجدنا بعض الأرقام المعبرة الأخرى، منها أن اليونان، الوجهة المفضلة للكثير من المستوطنين، تعاني من ضغط كبير على قسم التأشيرات من تمديد تأشيرة السياحة للإسرائيليين من 90 إلى 180 يوما، في الوقت الذي ارتفعت فيه نسبة التأشيرات الذهبية اليونانية بنسبة 70%، وهي تأشيرة تُمنَح للمستثمرين حصرا.
على الجهة المقابلة، شهدت إسرائيل انخفاضا في الهجرة إليها، ففي الفترة ما بين أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى نهاية يونيو/حزيران 2024، بلغ عدد القادمين إلى إسرائيل 21 ألفا فقط، مقابل 52 ألفا في الفترة نفسها من 2022. بيد أن التحليلات الإسرائيلية تشير إلى إمكانية ارتفاع الهجرة مستقبلا بسبب تصاعد المخاوف الأمنية لدى اليهود في الدول الأخرى، وبسبب نفور عدد من المجتمعات من الإسرائيليين بسبب ما يحدث في غزة.
مع طول أمد الحرب، وحتى إن حققت إسرائيل انتصارها في الأخير، فإن سيطرتها المُحكَمة على منطقة تُعاديها فيها جميع الشعوب رغم تطبيع الحكومات، وتتفاقم صراعاتها مع دول وحركات مُسلَّحة قادرة على استهدافها أكثر من ذي قبل، يعني أنه لم يعُد هناك أمان للإسرائيليين داخل حدود فلسطين المُحتلة.