الأخبار
أخر الأخبار

الكشف عن صور ووثائق جديدة توثّق مقتل 10 آلاف معتقل في سوريا نتيجة التعذيب الممنهج

في واحد من أخطر التسريبات التي خرجت من داخل المؤسسات الأمنية السورية منذ بدء الثورة عام 2011، كشف فريق التحقيق السويدي “Uppdrag granskning”، بالتعاون مع الشبكة الدولية للصحافة الاستقصائية (ICIJ) والقناة الألمانية NDR، اليوم الخميس، عن أرشيف ضخم يضم أكثر من 70 ألف صورة توثّق وفاة 10,212 معتقلاً داخل سجون النظام السوري المخلوع، بين عامي 2015 و2024.

وتُعرف هذه الوثائق اليوم باسم “ملف دمشق”، ونُشرت حصرياً بالتزامن مع مؤسسات إعلامية عالمية كبرى، من بينها صحيفة “واشنطن بوست”، و”لوموند”، و”إل باييس”، و”زود دويتشه تسايتونغ”، إضافة إلى منصات إعلامية في السويد.

وتضم الملفات المسربة صوراً لجثث معتقلين، وتقارير رسمية عن الوفيات، وملفات بيانات شخصية، ووثائق تحقيق وتعذيب، فضلاً عن مراسلات داخلية بين الأجهزة الأمنية التابعة للنظام المخلوع، وشهادات وفاة، وتقارير مراقبة السجناء.

وتعود معظم الوثائق إلى أجهزة الشرطة العسكرية، والأمن العسكري، ومخابرات أمن الدولة، وجهاز الاستخبارات الجوية، وسجن صيدنايا العسكري، ومستشفى حرستا العسكري.

ويظهر القسم الأول من التسريب، الذي جاء من ضابط سابق في الشرطة العسكرية، صوراً لـ10,212 معتقلاً قضوا نتيجة التعذيب أو التجويع أو الإعدام. وتُظهر الصور جثثاً عارية أو شبه عارية، وأجساداً هزيلة بشكل غير طبيعي، وآثار كدمات، وحروق، وأدوات قطع، وأرقاماً مكتوبة على الجسد أو موضوعة على أوراق بجانبه، إضافة إلى مجموعات جثث في ممرات ومشارف المستشفيات العسكرية.

وبحسب التحقيق، التُقطت هذه الصور في اللحظات الأخيرة قبل نقل الجثث إلى أماكن الدفن الجماعي، وتعدّ جزءاً من “البيروقراطية الأمنية” للنظام السابق المخلوع. ويحتوي القسم الثاني من التحقيق على بيانات شخصية مفصلة، وتواريخ دخول وخروج (وفاة) المعتقلين، وسجلات تعذيب داخل الزنازين، وأسماء المحققين والضباط، وأوامر تنفيذ الإعدامات، وتقارير نقل الجثث.

كما تُظهر الوثائق نظاماً إدارياً محكماً وثّق عمليات القتل بطرق منهجية، ما يرفع مستوى الأدلة من “شهادات” إلى إثباتات رسمية مسرّبة، بحسب التحقيق.

ووصف الناجي السوري عمر الشغري، الذي تعرّض للاعتقال والتعذيب قبل أن يهرب ويستقرّ في السويد، التسريب بأنه “الدليل الذي انتظرته العائلات سنوات”. وقال الشغري، وفق ما نقل عنه التلفزيون السويدي “SVT”: “كل بيت في سورية فقد شخصاً. كل أم تنتظر ابنها. هذا التسريب ليس مجرد صور، إنه محاسبة حقيقية”.

وقالت المدعية العامة السويدية المختصة بجرائم الحرب، ريتا ديفغون، إن “حجم هذه الجرائم وتوثيقها يدل على نمط واسع ومنهجي. هذا النوع من الأدلة قابل للاستخدام في محاكمات دولية مستقبلية”.

وأكد القائمون على التحقيق أنهم سلّموا قوائم أسماء محددة إلى وكالة الأمم المتحدة للمفقودين (IIMP)، وثلاث منظمات حقوقية دولية، للمساعدة في عملية التعرف إلى المفقودين.

وعلى الرغم من مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد، لا يزال نحو 160 ألف سوري في عداد المفقودين. ولم تتلق آلاف العائلات السورية أي إجابة حول مصير أبنائها الذين اعتُقلوا خلال سنوات الاحتجاجات وما بعدها.

وطوال هذه السنوات، أنكر النظام المخلوع تنفيذ عمليات قتل أو تعذيب منهجي بحق المعتقلين، قبل أن تظهر صور “قيصر”، واليوم “ملف دمشق”، لتكشف حجم الجرائم التي ظلّت خلف الجدران المعزولة للسجون والأفرع الأمنية.

وقال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، في تصريح خاص لـ”العربي الجديد”، إن الوثائق تشكل مجموعة أدلة جديدة إضافية، جرى تحليلها، ومن خلالها جرى الحصول على أسماء معتقلين قُتلوا تحت التعذيب، وبيانات لمتورطين في عمليات القتل.

وأضاف أن الشبكة السورية حصلت أيضاً على كمّ كبير من الوثائق التي توثّق آلافاً من حالات الاعتقال القسري، التي تعزز البيانات وتساهم في مسار كشف الحقيقة والمحاسبة.

وأكد عبد الغني أن الوثائق التي أُعلن عنها اليوم يمكن أن تستفيد منها المؤسسات الحقوقية والوطنية، وهي تؤكد أيضاً ما كشفته الشبكة طوال سنوات من أن عمليات التعذيب في سجون النظام المخلوع ممنهجة وواسعة النطاق.

زر الذهاب إلى الأعلى