الأخبار
أخر الأخبار

الكويت.. الحكم بحبس 6 نواب سابقين

في تطور قضائي ينهي فصولاً ممتدة من الجدل القانوني والسياسي، أصدرت محكمة التمييز داخل الكويت صباح اليوم الأحد أحكامها النهائية في ست قضايا بارزة، طاولت وجوهاً سياسية معروفة من نواب سابقين ومرشحاً للانتخابات، لتطوي بذلك واحدة من أكثر الملفات تعقيداً في المشهد العام، بعد سلسلة طويلة من المرافعات والتأجيلات القانونية.

أحكام نهائية تطاول شخصيات سياسية

افتتحت المحكمة جلستها بإدانة النائب السابق أنور الفكر، وقضت بحبسه ثلاثة أعوام بعد أن عدت تصريحاته تجاوزاً للنقد المباح وتحريضاً من شأنه الإخلال بالنظام العام، وفق منطوق الحكم. وتابعت المحكمة أحكامها الصارمة، فقضت بسجن النائب السابق حمد العليان لمدة عامين في قضية اكتسبت طابعاً سياسياً بامتياز، عكست بدورها حساسية العلاقة بين حرية التعبير البرلمانية والضوابط القانونية المنظمة لها.

وأصدرت المحكمة حكماً بحبس النائب السابق حسين القلاف لمدة عامين، على خلفية تصريحات وصفت بأنها مسيئة وغير منضبطة سياسياً، وعدت تطاولاً على مؤسسات الدولة. وأثارت تلك القضية، في وقتها، جدلاً واسعاً داخل الأوساط الإعلامية والنيابية، وأعادت تسليط الضوء على الخط الفاصل بين التعبير السياسي والاتهامات القانونية في البيئة البرلمانية الكويتية.

ملفات ثقيلة

في واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل، أصدرت المحكمة حكماً بسجن النائب السابق وليد الطبطبائي لمدة أربعة أعوام، في قضية وصفت بأنها من “الملفات الثقيلة”، لما انطوت عليه من اتهامات بالتحريض السياسي وتجاوز الصلاحيات المرتبطة بالمسؤولية النيابية.وتزامن ذلك مع حكم مماثل صدر بحق النائب السابق مساعد القريفة، الذي دين أيضاً بالسجن أربعة أعوام، في قضية أخذت منحى تصاعدياً في الرأي العام، نتيجة ما ارتبط بها من وقائع طاولت صميم الخطاب السياسي داخل البلاد.

أحكام مخففة في قضايا شائكة

في المقابل، اتسمت أحكام أخرى بقدر من المرونة، إذ قررت المحكمة الامتناع عن النطق بالعقوبة في قضية النائب سعدون حماد، والمتعلقة باتهامات بشراء الأصوات خلال العملية الانتخابية، وهي خطوة رآها قانونيون تعبيراً عن توجه قضائي حذر نظراً إلى حساسية القضية وما تمثله من تماس مباشر مع نزاهة الانتخابات.وأصدرت المحكمة حكماً بسجن النائب السابق عبدالله فهاد ستة أشهر مع وقف التنفيذ في قضية اتهم فيها بالإساءة إلى السلطة القضائية، مكتفية بوقف تنفيذ العقوبة شريطة التزامه بعدم تكرار الفعل محل الإدانة.

تجاوزات الخطاب والمال السياسي

تصاعد خلال الأعوام الأخيرة الجدل حول ما بات يعرف بـ”تجاوزات الخطاب السياسي”، وهي القضايا التي وجهت فيها النيابة العامة تهماً لعدد من النواب بتصريحات عدت مسيئة لهيبة القضاء أو محرضة على الفتنة والإخلال بالنظام العام.
وفي موازاة ذلك، برز ملف المال السياسي وشراء الأصوات كواحد من أكثر القضايا إلحاحاً على الساحة الكويتية، في ظل الاتهامات المتكررة بتأثير النفوذ المالي على نزاهة الاستحقاقات الانتخابية. وكانت من أبرز هذه القضايا تلك التي أحيل فيها النائب سعدون حماد إلى القضاء بتهمة شراء أصوات انتخابية، قبل أن تقرر المحكمة الامتناع عن إصدار العقوبة بحقه، في خطوة أثارت موجة انتقادات قانونية وسياسية، وسط مخاوف من تداعياتها على ثقة الشارع في العملية الانتخابية برمتها.

ريتز كويتي

وفي مقابلة تلفزيونية أجريت الشهر الماضي ضمن ظهوره في برنامج “مسرح الحياة” مع الإعلامي السعودي علي العلياني، أكد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الكويتي الشيخ فهد اليوسف الصباح أن الكويت تخوض منذ أربعة أعوام حملة جادة لمكافحة الفساد، مشيراً إلى أن المساءلة طاولت وزراء سابقين وأعضاء في مجلس الأمة ومديرين تولوا مناصب رفيعة.

ورداً على سؤال حول وجود “ريتز كويتي” على غرار الحملة السعودية عام 2017، قال اليوسف إن الكويت تشهد بالفعل خطوات مماثلة، لكن الفارق يكمن في أن محاربة الفساد تمر بإجراءات قضائية معقدة تشمل التحقيق والنيابة والمحاكم.وأوضح أن الدولة ماضية في اجتثاث الفساد بكل حزم، داعياً إلى عدم التساهل مع من استغل نفوذه لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المال العام، مؤكداً خلال الوقت ذاته أن ملف الجنسية يختلف من حيث الإجراءات، إذ لا يتطلب المسار القضائي الطويل ذاته.

جاء هذا التطور ضمن موجة من الإجراءات الإصلاحية التي أطلقتها الكويت منذ تولي الشيخ مشعل الأحمد الصباح قيادة البلاد، ففي خطابه الأول أمام البرلمان خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2024 أكد الأمير أهمية تعزيز الشفافية والمساءلة في مؤسسات الدولة، معلناً رؤية شاملة لإصلاح النظام السياسي والإداري في البلاد.

ومن أبرز هذه الخطوات حل مجلس الأمة خلال مايو (أيار) 2024 وتعليق بعض مواد الدستور لمدة أربعة أعوام، مما أتاح للحكومة مساحة للتحرك ضد ملفات حساسة تشمل قضايا الفساد والتزوير.

وشهد البلد الخليجي كذلك حملة غير مسبوقة لمراجعة ملفات الجنسية، إذ سحبت جنسيات عشرات الأشخاص بناءً على اتهامات بالتزوير أو الحصول عليها بطرق غير قانونية، ويرى المحللون أن هذه الإجراءات تعكس إرادة القيادة في استعادة هيبة الدولة ومعالجة ملفات عالقة.

زر الذهاب إلى الأعلى