المراكز الصيفية الحوثية.. مصانع الكراهية تحت غطاء التعليم

تقرير حاص
وسط صمت دولي مريب، تستمر جماعة الحوثي بتوظيف آلاف الأطفال وتحويلهم إلى أدوات للحرب والكراهية عبر شبكة من المراكز الصيفية التي تروج لها كمنصات “تعليمية وتثقيفية”، حيث تكشف الوقائع أن هذه المراكز هي معسكرات تدريب عسكري وفكري، تُغرس فيها عقيدة الثأر والعداء، وتُشكل هوية مشوهة تُذوب الانتماء اليمني في بوتقة المشروع الإيراني.
مقاعد الدراسة وساحات القتال
تشير تقارير وزارة التربية والتعليم في الحكومة الشرعية إلى أن عدد المراكز الصيفية التابعة للحوثيين تجاوز 5,000 مركز في عام 2023، استقطب أكثر من 600,000 طفل تتراوح أعمارهم بين 8 و17 عاماً، وتُظهر الوثائق أن المناهج المعتمدة في هذه المراكز تخلط بين الدروس الدينية المُحرفة والتدريبات العسكرية الأساسية، مع تركيزٍ كبير على “الولاء لولاية الفقيه” و”العداء لأمريكا وإسرائيل والسعودية”، وتؤكد الشهادات الميدانية أن أطفالاً لا يتجاوزون 12 عاماً يتم إرسالهم إلى جبهات القتال بعد “تخريجهم” من هذه المراكز.
قنابل موقوتة
يقول “أبو أحمد” (اسم مستعار)، أحد المدرسين السابقين في هذه المراكزلموقع الوعل اليمني “نحن نعلم الأطفال أن أعداءهم هم من لا يتبعون خط الإمام الخميني، حتى لو كانوا اهلهم او أبناء عمومتهم، ونُحول طفولتهم إلى كتلة من الغضب”، وتُظهر مقاطع فيديو متداولة حفلات “تخريج” جماعية يُردد فيها الأطفال هتافات باللغة الفارسية، بينما يلوحون بايديهم في استعراضٍ مريب للولاء غير اليمني.
وفقاً لمنظمة الامم المتحدة ، فإن 30% من المقاتلين الحوثيين في الجبهات هم ممن تم تجنيدهم وهم دون الـ18، فيما تُشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن الجماعة زجت بأكثر من 10,000 طفل في الحرب منذ 2015، أما الأكثر إثارة للقلق فهو تحويل هذه المراكز إلى أدوات لطمس الهوية اليمنية، حيث يتم تعليم الأطفال أن “الشهادة هي ذروة المجد واساس الخلق وسبب الوجود في الدنيا”، وفقاً لنصٍ منشور في كتيب تدريبي حوثي.
كشف الزيف
في رد فعلٍ معاكس، قال المتحدث الرسمي للحوثيين، محمد عبد السلام ان “المراكز الصيفية برامج تربوية لتعزيز القيم الإسلامية”، لكن الخبير العسكري “محمد عبدالنور” يؤكد ان ” ما يحدث في اليمن هو نسخة مظلمة من نموذج الحرس الثوري الإيراني في تجنيد الأطفال، وهؤلاء الصغار الذين يلقيهم اباؤهم في المراكز الصيفية المشبوهة يتحولون إلى قنابل موقوتة من الحقد الكراهية”.
وبينما تصر الجماعة على أن هذه المراكز “تخدم الإسلام”، يعترف أحد القادة الحوثيين السابقين (طلب عدم الكشف عن اسمه) بأن “الهدف الحقيقي هو بناء جيل لا يعرف سوى الحرب وجيل يعتقد أن الموت لأجل السيد هو الطريق إلى الجنة”.
المناهج التعليمية: زرع الكراهية
تعتمد المراكز الصيفية الحوثية على مناهج مُعدة خصيصاً لتشويه التاريخ والهوية اليمنية، حيث يتم فيها استبدال المواد العلمية والأدبية بنصوص تُمجّد ” اسرة الحوثي” وتبرر العنف ضد “الدواعش”، وتدرس قصص مُلفقة عن “بطولات” الحوثيين وكرامات قادتهم، وبطولة إيران في حربها ضد العراق، مع تصوير الدول العربية كـ”أعداء”، و إجبار الأطفال على حفظ أناشيد باللغة الفارسية، مثل “يا خامنئي يا منصور”، لتعميق الولاء لإيران.
تدريب عسكري مُبكر
وتشهد بعض المراكز ااصيفية أنشطة خطيرة تحت شعار “الفروسية والرماية”، من اهمها تدريب الأطفال على استخدام الأسلحة الخفيفة (مثل القناصات والكلاشنكوف) في مخيمات مغلقة وإشراكهم في تمارين عسكرية وهمية، مثل “اقتحام مواقع العدو” (التي يُقصد بها قوات الحكومة اليمنية )، كما يتم منح “رتب شرفية” للأطفال المتميزين في التدريب، كحافز لانضمامهم للجبهات لاحقاً.
غسيل أدمغة نفسي
ومن أخطر ما يتعرض له الأطفال في المراكز الصيفية، بحسب المراقبين، هو عزلهم عن أسرهم لفترات طويلة، وإقناعهم بأن عائلاتهم “غير مؤمنة” إذا عارضوا الأفكار الحوثية، وكذلك تقديم مكافآت مالية لعائلات الأطفال الذين يُظهرون حماساً في الأنشطة العسكرية، إضافة الى ترويج قصص دينية محرفة تنال من الرعيل الأول في الإسلام وكبار الصحابة.
شهادات صادمة
طفل سابق (14 عاماً) هرب من مركز صيفي في صنعاء يقول لموقع الوعل اليمني “كانوا يضربوننا إذا رفضنا ترديد الشعارات ضد العرب والسعودية بالتحديد ، ويعدوننا بالمال والسلاح إذا انضممنا لهم”، ويقول مُدرس سابق : “بعض الأطفال كانوا يبكون ليلاً ويطلبون الذهاب لأهلهم وهذا أمر طبيعي بحكم سنهم الصغير ، لكن المشرفين يهددونهم بالعقاب و الطرد من “الجنة”.
الصمت دولي: جريمة في وضح النهار
ورغم تصنيف الأمم المتحدة للحوثيين كـ”جماعة ارهابية” لم تُتخذ إجراءات فعلية لوقف هذه المراكز والسبب بحسب سياسيين يرجع الى تعقيدات الحرب الأهلية والانقسام السياسي في اليمن، واستخدام الحوثيين للمراكز كواجهة “شرعية” تحت مسمى “أنشطة مجتمعية”، اضافة الى ضغوط إيرانية لعرقلة أي قرارات دولية ضد هذه الانتهاكات.