المرجع الزيدي “المؤيدي” يتحدى زعامة عبدالملك الحوثي من ضحيان

تشهد محافظة صعدة، المعقل التاريخي لجماعة الحوثي شمال اليمن، توتراً داخلياً متصاعداً بين قيادة الجماعة ومراجع دينية زيدية تقليدية، في مقدمتهم محمد عبدالله عوض المؤيدي، المعروف بلقب “كبير الزيدية”. هذا التوتر، الذي يتخذ طابعاً دينياً وسياسياً، يُنذر بانقسام داخلي قد يكون الأعمق منذ سيطرة الجماعة على صنعاء.

الصراع يتمركز بين منطقتي مران، مقر قيادة عبدالملك الحوثي، وضحيان، مسقط رأس المؤيدي، حيث يتنافس الطرفان على تمثيل المرجعية الزيدية في اليمن. المؤيدي، الذي ينحدر من سلالة المرجع الزيدي البارز مجد الدين المؤيدي، يُنظر إليه من قبل أتباعه كحامل للهوية الزيدية الأصيلة، في مقابل ما يعتبرونه انحرافاً من قبل الحوثيين نحو الفكر الإثني عشري المدعوم من إيران.

خلال الأشهر الماضية، صعّدت جماعة الحوثي من إجراءاتها ضد أتباع المؤيدي، حيث أغلقت مدارس دينية ومساجد في مديرية سحار، واعتقلت عدداً من العلماء والدعاة، بعضهم ما يزال مختفياً قسرياً، وفقاً لتقارير حقوقية محلية. الجماعة بررت هذه الإجراءات باتهام التيار المؤيدي بتثبيط الشباب عن القتال في الجبهات، خاصة في ظل تصاعد خطاب الحوثيين حول الجهاد في فلسطين.

يرى باحثون أن هذا التوتر ليس جديداً، بل يعود إلى سبعينيات القرن الماضي، حين تنافس بدر الدين الحوثي، الأب الروحي للجماعة، مع مجد الدين المؤيدي على زعامة الإمامة الزيدية. ويُعتقد أن الحوثيين استندوا في بداياتهم إلى مؤلفات المؤيدي، قبل أن يحاولوا لاحقاً طمس إرثه الديني لصالح مشروعهم السياسي والعسكري.

بحسب تقارير ميدانية، فإن أتباع المؤيدي في صعدة يُقدّرون بالآلاف، معظمهم من القبائل المؤثرة، ما يجعل الصراع يتجاوز البعد الفكري إلى تهديد مباشر لسيطرة الحوثيين على الأرض والتحالفات القبلية. ويعتبر مراقبون أن هذا التصدع الداخلي قد يُشكل أخطر تحدٍ للجماعة منذ نشأتها، خاصة في ظل الضغوط العسكرية والاقتصادية التي تواجهها.

الصراع بين الحوثيين والتيار الزيدي التقليدي بقيادة المؤيدي يعكس أزمة شرعية داخلية تهدد بتفكيك البنية الدينية والسياسية للجماعة. وفي حال تصاعد هذا التوتر، فإن تداعياته قد تمتد إلى إعادة تشكيل المشهد الديني والقبلي في شمال اليمن، وربما تؤثر على مستقبل الجماعة في معقلها الرئيسي.

Exit mobile version