Blogتقارير
أخر الأخبار

المِعلامة.. تعود في عدن على صورة مدارس منزلية

يدلف عثمان عفان عبدالله “13” عامًا خُطاه كل يوم لدراسة مادة اللغة الإنجليزية في “المِعلامة” الواقعة على مرمى حجر من منزله في حي القطيع بكريتر “المدينة القديمة” كمكمل تعليمي للمدرسة ورفع تحصيله الدراسي.

إلى جانب أقران آخرين؛ يتسور عثمان وهو أحد تلاميذ مدرسة عقبة بن نافع وزملاءه المُعلم الذي يتخذ من منزله مدرسة أخرى لإعطاء دروس التقوية “المعلامة” مقابل رسوم “4” ألف ريال يمني شهريًا لكل طالب بما يعادل”3$” للمادة الواحدة. 

فيما يذهب مياد محمود وهو اب لطفلين “أحمد وحور” إلى القول: “بالنسبة للدراسة في المدارس سواء كانت حكومية أو أهلية فهي غير كافية للطلاب خاصة في المستويات الصغرى ولهذا تجد أغلب أولياء الأمور -بمن فيهم أنا- يبحثون لأولادهم معاهد خاصة أو مدرس خاص او ما يسمى بالمعلامة” لرفع مستوى أطفالهم التعليمي.

الدراسة في المعلامة

ويؤكد مياد إلى أن دفع أولياء الأمور بأبنائهم إلى المعلامة باتت ضرورة كون الأبناء بحاجة إلى جهود تعليمية إضافية بالإضافة إلى المعلامة والتي تتميز بقربها المكاني من المنزل فضلًا على أن مدرسي المعلامة يدرسون العديد من المواد في نفس الوقت.

وعن دور المعلامة؛ يشير مياد لـ”المدنية أونلاين” بقوله: “تستطيع أن نقول بأن المعلامة تعمل على إعادة مراجعة شاملة لما تم دراسته في المدرسة وغالبا يتم اعتماد الأسرة في عدن على مدرسي المعلامة لتعليم أولادهم”.

من جانبه؛ يصف الأستاذ عبده يوسف وهو أستاذ ومشرف تربوي من خلال “المدنية أونلاين” إلى أن هناك اسر دفعت بأبنائها الى المعلامة لمعالجة النقص والقصور في التحصيل العلمي لدى ابنائها والناتج عن تردي التعليم العام في المؤسسات الحكومية بسبب نقص المعلمين والمعلمين المؤهلين وغياب الكتاب المدرسي وعدم كفاية الوسائل التعليمية في المدارس الحكومية بل وانعدامها”.

ويتوافق الأستاذ هشام باصياد مع الأستاذ عبده يوسف؛ في كون المعلامة باتت أولوية بالنسبة للطالب؛ ويردف الأستاذ بالصياد بالقول: “المعلامة ركن اساسي ورافد مهم للعملية التعليمية، حيث انها تلعب دور فعال في عملية الفهم للتلاميذ، ولأن زمن الحصة 35 دقيقة وهذه الفترة الزمنية غير كافية بالنسبة للطالب حيث انها تشمل تهدئة الطلاب وترتيبهم وحل مشاكلهم وتهيئة الصف مما يجعل من وقت الحصة غير كاف لتوصيل الدرس”.

اللجوء إلى المدارس البديلة

ويتابع باصياد لـ”المدنية”؛ فيما ازدحام الفصول الدراسية هو عائق أخر للمفهومية الى جانب الفروق الفردية للطلاب وإزاء ذلك تصبح المعلامة ودروس التقوية ضرورة ملحة للطلاب ومكمل تعليمي للعملية التعليمية”.

وسرد الأستاذ هشام باصياد، عدد من المشكلات التي تنتاب الطالب والتي تحول دون فهمه للدرس، والتي تتمثل في الاكتظاظ والزحام في الفصول الدراسية الى جانب قصر زمن الحصة مُوصيًا الاهالي بمتابعة أبنائهم، ومعرفة ما يتلقونه في المدرسة باستمرار كون عدم المتابعة اليومية تخلق اللامبالاة لدى الإبن”.

الإخصائية الاجتماعية والنفسية “ماريا نجيب” عرجت على أنه مع وجود المدارس، الطالب بحاجة إلى مدرس خاص أو بالمسمى العام (المعلامة) لتعويض ما ينقصه في المدرسة؛ وعلى الرغم من انشغال الأب في العمل وأمية الأم أحيانًا؛ يقف الطفل حائرًا وتجدر الإشارة إلى أنه بحاجة إلى معلم خاص للاستزادة وتعويض ما ينقصه وترسيخ ما قد تم اخده في المدرسة؛ لاستكمال العملية التعليمية المدرسية”.

وتابعت لـ”المدنية أونلاين” قائلًة: “على ولي الأمر اختيار المعلم الخاص ذو كفاءة عالية في اساليب التعلم ومراعاة الفروق الفردية واختلاف مستويات الفهم لدى الطلاب والطالبات”.

لم يكن اللجوء إلى المدارس البديلة في المنازل خيار الطلاب فحسب؛ بل أن المدرس يسعى لافتتاح معلامة في منزله للتغلب على الوضع الاقتصادي المتردي كما تذهب إليه الأستاذة “مروى سامي”.

ماهي المعلامة؟ 

“المعلامة هي مدرسة مُصغرة في المنزل تضم أكثر من طالب بمقابل مادي يبدأ من 4 ألف ريال؛ فيما يتغير أسعار المعلامة بتغير مكان الدراسة وعدد الطلاب ومستواهم الدراسي؛ كون استقدام الأسر المدرس إلى منازلها يتطلب سعر أكبر بحسب مروى.

وتردف الأستاذة مروى لـ”المدنية”؛ أن الناس تفضل المدرس الجامعي؛ وتشمل المعلامة على جميع المواد؛ ويعتمد أسعار المعلامة على شهرة المدرس الذي يدفع معها الطالب 20 ألف ريال (13$)؛ إلا أن السائد هي نظام المجموعات (مجموعة طلاب) والأخيرة هي الأرخص ثمنًا بحكم أن أغلب مجتمعنا من ذوي الدخل المحدود”.

وعُرفت المعلامة قديمًا؛ بحسب الأستاذ عبده يوسف بالكتاب أو الكتاتيب وهي أقدم المراكز التعليمية في الحضارة الاسلامية وكانت مكانة الكُتَّاب عند المسلمين ولها أهمية بالغة إذ لأنه يعد النشأ للوصول الى مرحلة تعليم متقدم؛ فالكتاب يشبه المدرسة الإبتدائية في عصرنا الحاضر على مايبدو؛ حد وصفه لـ”المدنية أونلاين”.

ويستطرد؛ بالقول: “الهدف الأساسي من الكتاب هو تعليم الاطفال القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم واتقان بعض المعارف الاسلامية التي كان يهتم بها المسلمون ويرون انها معارف او مهارات ضرورية يجب نقلها الى الأجيال القادمة”.

المعلامة.. أرقام وإحصائيات

عن الإقبال المتزايد للدارسين في منزلها الذي سرعان ما حولته الأستاذة “سارة سالم” إلى معلامة؛ تذهب بالقول إلى أنها اعتادت على التعليم في المعلامة قبل خمس سنوات وذلك لتغطية تكاليف المعيشة وهي خريجة كلية اللغات بجامعة عدن.

وعن الكيفية التي تسوق فيها الأستاذة سارة للمعلامة التي تقوم عليها؛ تبين أنها تعتمد على الإعلانات لإعلام التلاميذ بافتتاح المعلامة؛ وتتابع لـ”المدنية أونلاين” بقولها: “إن العدد المناسبة للمعلامة عدد 2 في حالة التدريس الفردي 5 طلاب في التدريس الجماعي فيما تعرفة رسوم المعلامة تختلف حسب نوع المعلامة؛ إذا ما كانت بشكل جماعي فمتوسط الدفع 12 ألف ريال للطالب يشمل المنهج كله أما في حالة التعليم الفردي فيكون المبلغ أكبر”.

وعن الوقت المناسب للدراسة في المعلامة؛ تقدرها الأستاذة سارة بين الساعة 5-7 مساءً على أن يكون ساعات دراسة المعلامة ساعة إلى ساعتين؛ شامل جميع مواد المنهج؛ أو كما ذهبت إليه لـ”المدنية”.

وبحسب إحصائيات رسمية لمكتب التربية والتعليم بالعاصمة المؤقتة عدن للعام 2023م؛ فإن قوام طلاب المدارس بعدن بلغ (225335) طالب وطالبة؛ فيما التعليم الحكومي منه: (160236) طالب وطالبة والخاص (65099) طالب وطالبة.

وأكد مدير الإحصاء والتخطيط بمكتب التربية والتعليم الأستاذة دنيا باطاهر لـ”المدنية أونلاين”؛ أن التعليم الأساسي هو الأكبر على الإطلاق”. والذي سجل نسبة (78%) في التعليم الحكومي والخاص؛ هذا وحازت مرحلة الأساسي في التعليم الحكومي على نسبة (76%)؛ فيما حصلت المرحلة نفسها في التعليم الخاص على نسبة (82%). 

ومما سبق يتضح جليًا أن أغلب رواد المعلامة هم من مرحلة التعليم الأساسي؛ وتقدر الإخصائية الاجتماعية والنفسية “ماريا نجيب” بأن من يذهبون للمعلامة ما نسبته (70%) من الطلاب؛ فيما يبلغ ذروة الدراسة في دروس التقوية أو ما بات يُعرف بالمعلامة هي فترة العام الدراسي.

-المدنية أونلاين/ عمر محمد حسن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى