كانت الوحدة حاضرة في أهداف وأجندة ثورتي سبتمبر وأكتوبر الخالدتين وذلك كاستحقاق طبيعي تاريخيا وجغرافيا وعلى الرغم من الحدود القطرية إلا أن المواطنين عاشوا كشعب واحد متجاوزين معرفات ومحددات المستعمر في الجنوب وحكم الكهنوت الظلامي في الشمال إذ مثل جنوب الوطن ملاذا لثوار الشمال وكذا الحال مع ثوار الجنوب واشترك جميع أبناء اليمن في الثورتين العظيمتين.
الشعب اليمني على مدى التاريخ موحد لا يؤمن بالتقسيمات على أساس مناطقي، أوعرقي، ولا اللون، فاليمن بنى حضارات تاريخية حتى منح لقب اليمن السعيد اللقب الذي شكل هوية اليمنيين.
في الثاني والعشرين من مايو 1990 أنجز اليمنيون الوعد وتوجوا محطات ومسارات ومؤتمرات من النقاش والحوار لإعادة تحقيق الوحدة بعد انجاز ثورتي سبتمبر وأكتوبر بإعلانها.
الثاني والعشرون من مايو لم يكن يوما عاديا بل جاء نتيجة مخرجات ثورتين ثورة سبتمبر وثورة اكتوبر إذ أسس فيه اليمنيون عقدا اجتماعيا تمثل في دستور ديمقراطي ونقابات وأحزاب وحرية صحافة وحرية اعلام فهو يوم استثنائي يوم تاريخي ويوم التحولات.
يشير محللون أن الثاني والعشرين من مايو أعاد صياغة هوية اليمن الحديث بالمضامين التي جاءت لتحقيق أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر وبالأخص فيما يتعلق بالهوية اليمنية الحديثة بأركانها الثلاثة الجمهورية، والديمقراطية، والوحدة.
في مراحل الضعف تدخلت أصوات النشاز ونالت من الوحدة لصالح مشاريع صغيرة تقدم التميز العرقي والمناطقي على حساب الهوية غير أن تلك التوجهات تصطدم برفض تام من عموم الشعب و تتكسر تلك الرغبات الدخيلة على صلابة جدار الهوية اليمنية الجامعة.
اختلالات عدة رافقت الوحدة الاندماجية غير أن جميع المكونات تجمع أن الوحدة ليست خياراً، بل ضرورة وارتفعت الأصوات المنادية بأن يعاد دراسة الوحدة وأن تعاد مضامينها بما يحقق لكل اليمنيين الحياة المتساوية القائمة على العدل والحرية، وقد وضع مؤتمر الحوار الوطني في مخرجاته حلولا لتك الاختلالات.
في الوقت الذي يعيش الشعب حالة الحرب والتجاذبات السياسية والاستقطاب يتبقى لليمنيين ” الوحدة” كمظلة وطنية وإطار جامع ينضوون تحته رغم ما شابها من أخطاء وسيبقى اليمنيون يدا واحدة وقلباً واحدا وبمجرد أن تنقشع سحب الحرب والاقتتال سيعود للوحدة بريقها من جديد كإنجاز وطني فريد ابتدأه الجنوب ولبى الشمال النداء.
تؤكد أحداث السنوات الماضية أن العيش في ظل انقسام في أكثر من يمن في هذا البلد غير ممكن، إذ أن الروابط تتعدى رابط الدين والقيم إلى رابط الدم والنسب واللغة والثقافة الواحدة، وفوق ذلك رابط التاريخ الذي ينضوي الجميع تحت لافتة الحضارات اليمنية المشرقة التي سادت الدنيا وكانت -وما تزال- مثار فخر كل عربي أصيل.
واتسم عهد الوحدة بالقوة وبالأمن والاستقرار وبدونها ليس إلا التشرذم والضياع ولنا في انقلاب مليشيا الحوثي التي تحاول قضم جزء غال من الوطن وتتبعه بأسيادها الإيرانيين خير شاهد.
في بلادنا الوحدة شرط وجود للجمهورية التشطير سيؤدي إلى شمال محكوم بالمذهب الواحد وجنوب محكوم بالحزب الواحد.
فالجمهورية تعني التعددية واحترام حق الآخر في الاختلاف وهذا لم يحدث في الجنوب حين كان جنوبا وحسب ولا في الشمال حين كان شمالا وحسب حدث فقط حين تحققت الوحدة وبالطبع إلى سقف معين تحكمت فيه العديد من العوامل، والتقسيم في اليمن لن ينجز سوى مجموعة دكتاتوريات صغيرة ومتحاربة أيضا.
سبتمبر نت