تسع عجاف مرت على الشعب اليمني عصفت بكيانه وكينونته وجعلته ساحة حرب إقليمية تتقاطع على جغرافيته أجندات تتجاوز مصلحة الشعب وتقفز على ثوابته .
حرب بين قطبين إقليميين أقسما على عدم التنازل لبعضهما حتى لو يفنى أخر يمني وتراق في صراعهما آخر قطرة دم يمنية .
إيران وهي القطب الذي أنشأ الجماعة الحوثية وقامت على تربيتهم عقديا على مراحل طوال منذ أمد بعيد وهي تضمن ولاء الجماعة المطلق من خلال تأكدها من الشحن المذهبي الذي سقته لهم في حوزات قم ومشهد وما زالت تقف بكل عنفوانها إلى جانبهم ليصلوا الى مرحلة التمكين والتمكن .
فيما كانت المملكة تعتمد على مشائخ وأعيان اعطتهم من الأموال الكثير وأيضا منذ أمد بعيد ولكن ليس ليصنعوا دولة ولكن ليكونوا أداة تقويض لأي هامش دولة على أرض السعيدة وهناك فرق بين من يدعم ليصنع دولة موالية له في السياسة والتوجه وبين من يدعم اللا دولة ويعمق الفوضى في المجتمع ليكون هذا الجزء من جنوب الجزيرة العربية غير مستقر حتى لايشكل خطرا على محيطه العربي وهذا يدل على عدم الرؤية الإستراتيجية والدراسة الجيو سياسية لهذا الجزء الهام ..
اليمن موقع إستراتيجي حيوي يؤثر تأثيرا بالغا على الأمن القومي العربي ،وعلى جواره العربي لانه جزء من التركيبة الجيو سياسية والإستراتيجية وأيضا هو ضمن التركيبة الديموغرافية للجزيرة العربية نظرا للتمازج القبلي والإختلاط المجتمعي ومايدور في اليمن ينعكس سلبا او إيجابا على الجوار ..
ومن المهم أن يكون هذا الجزء الإستراتيجي آمنا وتحت السيطرة اليمنية وبعيدا عن السيناريو الخارجي خصوصا سيناريو إيران التي تحاول التغلغل في العمق العربي لإحداث صدعا في هذه البلدان ليسهل التحكم بها ونهب ثرواتها .
السلام المزمع التوقيع عليه في مكة المكرمة برعاية سعودية وعمانية ليس سلاما حقيقيا ولا يعتبر نهاية للحرب بل إنه فشل للتحالف العربي وللشرعية المنضوية تحت لوائه وانتصار عظيم لإيران ومشروعها الصفوي عبر تمكين أداتها الطيعة الجماعة الحوثية .
ماسمي بخارطة الطريق هي من وجهة نظري نفق مظلم لا يرى فيه الطريق ولم تحدد ملامح الطريق إلا في شيء واحد أنها أعطت عجلة القيادة لعبدالملك الحوثي ليقود الجميع حيث يرى هو الطريق وليس حيث يراه الجميع .
الأشقاء يريدون الخروج من المستنقع اليمني لأسباب عدة منها على سبيل المثال لا الحصر .
عدم المصداقية فيما تم إعلانه من أهداف لعاصفة الحزم .
و أن دخولهم ليس لنصرة الشرعية.
وليس لاستعادة الجمهورية ..
وليس لإقامة الدولة اليمنية ..
وليس لتأسيس أمن واستقرار في اليمن ..
بل إن التدخل العربي حمل منذ الوهلة الأولى أجندته الإقتصادية وسعى على مدى السنوات المنصرمة للعمل على تنفيذها جنوبا وشرقا بعيدا عن مواطن الصراع مع الحوثي.
ولم يتم خلال هذه الحرب تحت إدارة التحالف العربي إلا تفكيك الجيش اليمني وتدمير أسلحته الثقيلة وقدراته الصاروخية وبالفعل فقد فعلها التحالف في السنة الأولى للحرب حيث تم قصف مخازن السلاح في العاصمة صنعاء ومعسكراتها وتدمير الأسلحة السيادية ..
وحين كان يدمر التحالف تلك القدرات كانت إيران تدعم بتقنيتها الحديثة الجماعة الحوثية ونقلت لهم برنامج تصنيع الصواريخ والمسيرات التي إستطاعت من خلاله لاحقا توجيه ضربات في العمق السعودي وهذا دليل على أن إيران تمضي بوتيرة عالية لتمكين حلفائها من إدارة اليمن وهاقد فعلوا .
خارطة الطريق المزمع التوقيع عليها في مكة المكرمة ليست سلاما ولا حقنا للدماء اليمنية بل هي ترحيل للصراع بعيدا عن إدارة الأشقاء .
وهي استسلام كامل للحوثيين والإقرار لهم بإدارة البلد ولن تكون القوى السياسية المنضوية تحت لواء الشرعية إلا ضيوف لدى من سيسومهم العذاب ويسقيهم الموت الزؤام هذا إن تجرأت تلك القوى العودة إلى صنعاء .
لأن الحوثيين سيستقبلونهم بحفاوة الأفعى بأرنب جاء إليه بعد عناء وانتظار وصراع طويل .
ومن هنا ارى أن اليمن سيدخل في مرحلة كسر عظم بين تياراته المتباينة وأن المستقبل يحمل في طياته آلام ومعاناة لليمنيين لن يسلم شرها قريب أو بعيد وستنعكس على الجميع ومبروك لإيران توسع رقعتها الجغرافية والتي بلغت حدود المملكة ..!!! !!!
ومبروك للمنتصرين وحلفائهم
.وهاردلك للمنهزمين وحلفائهم .
ولا قرت أعين الجبناء.
-عبدالناصر المودع