
غزة – الوعل اليمني
منذ إعلان وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل في 10 تشرين الأول/أكتوبر، لا تزال مأساة الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة مستمرة، إذ يقتل طفلان يوميًا على يد الاحتلال الإسرائيلي، ويواجه الآلاف خطر الموت بسبب الجوع أو نقص العلاج الطبي.
الأمر لا يقتصر على الأرقام؛ فالأطفال هنا شهداء وفاقدو والديهم ورضّع مبتورو الأطراف يعيشون في ملاجئ مؤقتة تفتقر لأدنى مقومات الحياة. وسط هذا الواقع الكارثي، تتصاعد التحذيرات الدولية من استمرار الانتهاكات، فيما تنذر الأرقام الرسمية والمنظمات الإنسانية بأن أزمة الطفولة في غزة هي واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في القرن الحالي.
وفي ظل استمرار تداعيات حرب الإبادة الجماعية على القطاع، سجّل المكتب الحكومي في غزة، أكثر من 20,000 طفل شهيد منذ بداية الحرب، بينهم 1,015 طفلًا دون سنة واحدة، و450 رضيعًا وُلِدوا واستشهدوا خلال النزاع. كما قضى 154 طفلاً جوعًا نتيجة الحصار ومنع إدخال الغذاء وحليب الأطفال، فيما توفي 14 طفلًا بسبب البرد داخل مخيمات النزوح القسري.
ولا يقتصر الضرر على فقدان الحياة فقط، إذ أسفر القصف المباشر عن بتر أطراف 864 طفلاً، ويحتاج 5,200 طفل إلى إجلاء طبي عاجل لإنقاذ حياتهم. ويواجه نحو 650,000 طفل خطر الموت جوعًا، بينما يواجه 40,000 رضيع خطر الموت بسبب نقص حليب الأطفال. أما الأطفال الذين فقدوا أحد والديهم أو كلاهما، فيبلغ عددهم 56,348 طفلاً، يعيشون بلا مأوى ويواجهون أوضاعًا نفسية صعبة تهدد مستقبلهم على المدى الطويل.

شهادات اليونيسف
من جانب آخر، أفادت اليونيسف بأن موجة العنف لم تتوقف رغم إعلان وقف إطلاق النار، حيث فقد ما لا يقل عن 67 طفلاً حياتهم منذ ذلك التاريخ، بمعدل طفلين يوميًا. ريكاردو بيريس، المتحدث باسم اليونيسف، وصف الوضع بالمأساوي: “أطفال ينامون في العراء، مبتورين الأطراف، أيتام يرتجفون خوفًا في ملاجئ مغمورة بالمياه، محرومين من أبسط حقوقهم الإنسانية.” وأضاف أن الأطباء عاجزون عن إنقاذ حالات حرجة بسبب نقص المعدات الطبية والعلاجات المتخصصة، فيما يوجد نحو 4,000 طفل بحاجة عاجلة للإجلاء الطبي.
وفي السياق نفسه، أشار ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الدكتور ريك بيبركورن، إلى مقتل 266 فلسطينيًا وإصابة 634 منذ وقف إطلاق النار، وانتشال 548 جثة من تحت الأنقاض. وعلى الرغم من إجلاء أكثر من 8,000 مريض إلى خارج غزة، لا يزال 16,500 مريض، بينهم أطفال ورضّع، بحاجة إلى علاج عاجل.
وأدان المكتب الحكومي بشدة استمرار الاحتلال الإسرائيلي في استهداف الأطفال وحرمانهم من العلاج والسفر والتعليم والمأوى، وحمّل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن جميع الجرائم المرتكبة بحق الطفولة. ودعا المجتمع الدولي ومجلس الأمن والأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والحقوقية كافة إلى اتخاذ خطوات عاجلة لحماية الأطفال الفلسطينيين وإدخال الغذاء والدواء وحليب الأطفال دون قيد أو شرط، وفتح تحقيق دولي مستقل لمحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين.
الإجلاء العاجل
وشدد المكتب على ضرورة الإجلاء الطبي العاجل لآلاف الأطفال الذين يواجهون الموت بسبب منع السفر والعلاج، مؤكداً أن أطفال غزة هم ضحايا الإبادة الجماعية الأشد قسوة في هذا القرن، وأن صمت العالم شجع الاحتلال على التمادي في جرائمه، مع التأكيد على الاستمرار في توثيق كل الانتهاكات والدفاع عن حق الأطفال في الحياة والكرامة والحماية.
أزمة الأطفال في غزة مستمرة وتزداد تعقيدًا مع مرور الوقت، فيما تظل جهود المجتمع الدولي عاجزة عن وقف المعاناة اليومية. الأطفال هنا ليسوا مجرد أرقام، بل ضحايا حرب طالت حياتهم وحقوقهم الأساسية، وتبقى حكاياتهم شاهدة على مأساة لم يشهدها القرن الحادي والعشرون.






