انعكاسات انتصار ثوّار سوريا على اليمن!
بقلم “صدام الحريبي
نبارك لأهالينا في سوريا الانتصار العظيم الذي أعاد الأمل لكل شعوب ثورات الرّبيع العربي وفي مقدمتها اليمنيين الذين يحتلفون اليوم بانتصار سوريا الثورة وكأن الانتصار في قلب صنعاء.
منذ تقدّم الثوار واستعادة حلب، خرج الانقلابيون الحوثيون مكشّرين على أنيابهم مطلقين حملات إعلامية شرسة تهاجم ثوّار سوريا وكل ما يتعاطف معهم.
ولما تقدّم الثوار إلى حماة وحمص فقدوا السيطرة على أنفسهم ليهاجموا أبناء غزّ.ة المتعاطفين مع الشعب السوري المظلوم متوعّدين عدم مواصلة دعمهم لغزّ.ة، وكأن غزّ.ة صامدة منذ أكثر من عام بفضلهم وليس بفضل الله، والعياذ بالله، بل وكأنهم حرّروها من الصها..ينة تماما والآن يمنّون عليها.
الارتباك والتخبّط والرّعب الحوثي بالتزامن مع سقوط أهم حليفين لإيران في المنطقة هما حزب الله في لبنان والنظام السوري منطقي وله مبرّراته، فأثره سيكون على جماعة الحوثي أكثر من الحليف الأخير لإيران المتمثّل بالنظام العراقي، فحليف إيران في العراق عبارة عن نظام متجذّر منذ عشرين عاما تقريبا ولديه مميّزات الدولة، وبالتالي يحتاج إلى وقت من أجل تغلّب الشعب العراقي عليه واستعادة الوطن من قبضة إيران، لكن الحوثي هو عبارة عن جماعة لا تتجاوز ٥٪ من الشعب وليس لها أي حاضنة إطلاقا، وليست نظاما بل مليشيات، والأكثر من ذلك أنها تعتمد بنسبة ٩٥ ٪ في الجانب العسكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي وغيره على شخصيّات قبلية بدرجة أساسية موالية لتكتلات أخرى تشارك الحوثيين إما لهدف المصلحة الخاصة أو تحت الضغط وبسبب الخوف وهذا معروف.
لذلك يرى الحوثيون بأنهم الأقرب للسقوط من غيرهم إن حدث تحرّك بسيط تأثّرا بانتصار الثوار في سوريا، وهذا يؤرقها.
يتهرّب الحوثيون حتى من مجرّد التفكير بما حدث في سوريا خلال أقل من أسبوع، لأنهم يروا أن ما حدث في أسبوع بسوريا لن يتجاوز أيام قليلة في اليمن لمميّزات كثيرة أهمها أن الحوثيون ليسوا قوة وليس لديهم حاضنة، بل هم ظاهرة صوتية وإعلامية وحدث يعتمد على غير نفسه في الظهور بذلك الشكل.
من خلال متابعة قادة الحوثي تجد الجماعة كالغريق الذي يحاول التعلّق بأي قشّة، فأمس ينشرون وبشكل مرتّب وكبير أنهم وجّهوا ضربة للجيش في تعز، محاولين إظهار أنفسهم بأنهم متماسكين وليسوا متأثرين بالأحداث، وقد تجنّبت الكتابة حول ذلك قبل التأكّد، لتكن الحقيقة أن الجيش هدم نفقا على رؤوسهم وهنجرا كبيرا بالقرب من القصر الجمهوري بتعز وسط البلتد، وهذا يعني أنهم بذلك الخبر يحاولون رفع معنويات أفرادهم المنهزمين نفسيا ومعنويا.
أما اليوم فينشرون الشائعات بأن ثوّار سوريا سمحوا للعدو الصهيو.ني دخول محافظة القنيطرة السورية، وعند العودة للتأكّد وجدنا أن موقع لقوات الأمم المتحدة موجود منذ عهد الأسد تعرّض لهجوم نفذه مسلحون، في منطقة حضر، قرب خان أرنبة، فحاول الصها..ينة الاصطياد في الماء العكر حتى يحقّقوا حلم أتباع إيران فقاموا بنشر تعزيزات، لكن الحوثيين وإعلامهم لم يتحدّثوا عن توّعد الصها..ينة بالعمل على عدم امتلاك الثوار الأسلحة التي كان بحوزة بشار الأسد، وضعوا خطًا تحت هذا الخبر، حيث يعني هذا أن الأسد كان يمتلك سلاحا يستطيع من خلاله مواجهة الصها..ينة وقد كانوا ليسوا قلقين منه، إلا أنه يقلقهم الآن أن يمتلكه الثوّار.
أما إن أردنا أن نرى تأثّر الحوثيين بما حصل في سوريا عيانا بيانا وبأم أعيننا، فقد نشر الإرهابي الحوثي المدعو عبدالملك العجري أحد أهم القيادات الحوثية الموجودة في مسقط عُمان والذي كان ضمن القيادات غير المعروفة، بأنه على الإخوان المسلمين أن يتحوّلوا إلى حزب سياسي ويتم تهذيبهم بسبب ما حصل في سوريا، وهذا يعني قطعا خروج قيادة جماعة الحوثي عن السيطرة، فهم الجماعة التي يطالبها اليمنيون منذ أكثر من ٢٠ عاما أن تتحوّل إلى حزب سياسي وهي ترفض، ليأت اليوم ويطالب من انخرطوا بالعمل السياسي من قبل أن يعرف الدنيا أن يشكّلوا حزبا سياسيا.
الخلاصة:
بعد انتصار ثوّار سوريا وسيطرتهم على العاصمة دمشق الحرّة والحبيبة _ التي أسأل من الله أن يبلغنا زيارتها قريبا بعد تحريرها _ تعالت أصوات اليمنيين بالمطالبة بتحرير صنعاء وباقي المحافظات كون الحوثي أضعف من نظام بشار، وعلى الحكومة أن تستجيب لهذه المطالب الملحّة والعادلة، ولكي يكون ذلك، عليها أولا أن تتجاوز معضلة تخوّفات الجميع من الذين يضغطون عليها ويصادرون عنها قرار التحرير، وقد قلناها مرارا وتكرار أن الشرعية تفتقد إلى الدبلوماسية حيث أنها بطاقمها الحالي وإلى الآن لم تستطع إقناع حتى حلفاءها بوجهة نظرها، ولذا عليها الإسراع في ذلك، وأنا هنا ضد التسرّع في كثير من المسائل، إلا أنه في المجمل عليها ألا تضيّع الوقت، فالخصم منهار ومن الصعب عليه تلقي الدعم حاليا واللّعب وممارسة الحيلة خصوصا أن هناك فترة انتقالية في أمريكا وانشغال كبير في روسيا وهزيمة مؤثّرة على إيران.. فهل تستطيع الشرعية تجاوز كل تلك التحدّيات، أم أنها عاجزة وعلى اليمنيين أن يتدبّروا أمورهم؟
على قيادات الشرعية أن تتعامل مع هذه المسألة بجد وصراحة ووقفة جادة مع نفسها!