الأخبار
أخر الأخبار

برد غزة يفتك بالرُضّع.. تحذير أممي من كارثة إنسانية تحت قيود الاحتلال

غزة – الوعل اليمني

في خيامٍ غارقة بالمياه وتحت بردٍ قارس، يواجه المواليد الجدد في قطاع غزة خطرًا وجوديًا مع تصاعد موجة الصقيع واستمرار القيود الإسرائيلية التي تعرقل إدخال المساعدات الإنسانية، ما ينذر بكارثة إنسانية متفاقمة تطال الفئات الأكثر هشاشة.

حذّرت الأمم المتحدة من تزايد خطر تجمّد المواليد الجدد في قطاع غزة، في ظل الأمطار الغزيرة والانخفاض الحاد في درجات الحرارة، بالتوازي مع القيود المفروضة على دخول الإمدادات الإنسانية. وقال نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، خلال مؤتمر صحفي، إن الطقس شديد البرودة خلال الأيام الماضية فاقم الأوضاع الإنسانية المتدهورة أصلًا، مشيرًا إلى أن خطر انخفاض حرارة الجسم لدى الأطفال حديثي الولادة بات يتصاعد بشكل مقلق.

وأوضح حق أن الأمم المتحدة وشركاءها يواصلون توزيع مجموعات مساعدات خاصة للوقاية من حالات التجمّد، إلى جانب الجهود المستمرة لإيصال المساعدات إلى الأسر الفلسطينية الأكثر ضعفًا، رغم العراقيل الكبيرة التي تواجه فرق الإغاثة على الأرض. وأضاف أن موظفي مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) يؤكدون أن حجم الاحتياجات الإنسانية يفوق بكثير القدرة الحالية على الاستجابة، في ظل القيود المفروضة على إدخال الإمدادات إلى القطاع.

وأشار المسؤول الأممي إلى أنه جرى خلال الأسبوع الماضي توزيع نحو 3,800 خيمة و4,600 غطاء مشمّع، إضافة إلى حزم تضم مواد غذائية أساسية ولوازم للنظافة الصحية، غير أن الشركاء اضطروا منذ يوم الجمعة الماضي إلى تقليص نطاق المساعدات، نتيجة القيود التي تحول دون وصول كميات كافية من الإمدادات، ما يفاقم معاناة مئات آلاف النازحين.

وفي سياق متصل، تعمل الأمم المتحدة على إنشاء مساحات تعليمية مؤقتة يستفيد منها قرابة خمسة آلاف طفل، في محاولة للحد من الانقطاع التعليمي الذي يطال جيلًا كاملًا من أطفال غزة، إلا أن هذه الجهود تبقى محدودة بسبب منع الاحتلال الإسرائيلي إدخال المواد التعليمية اللازمة. وحذّر حق من استمرار العوائق التي تعرقل قدرة فرق “أوتشا” على توسيع وتسريع نطاق الاستجابة الإنسانية، مشددًا على ضرورة إزالة هذه العوائق لتمكين الأمم المتحدة من الوصول إلى جميع المحتاجين دون استثناء.

وتأتي هذه التحذيرات في أعقاب إعلان وزارة الصحة في غزة وفاة الرضيعة رهف أبو جزر في مدينة خان يونس جنوب القطاع، جراء البرد القارس وغرق خيمتها بمياه الأمطار، في حادثة تعكس حجم المأساة التي يعيشها الناجون من الحرب.

ومنذ يوم الأربعاء الماضي، تحوّلت آلاف الخيام في مختلف مناطق القطاع إلى برك من المياه والطين، غمرت الفراش والملابس والطعام، وتركَت عشرات آلاف العائلات في العراء بلا دفء أو مأوى. كما تسربت مياه الأمطار إلى أقسام في مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، في مؤشر إضافي على هشاشة البنية التحتية الصحية. وحذّر المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل من أن آلاف المنازل المدمّرة جزئيًا باتت مهددة بالانهيار في أي لحظة، ما يشكّل خطرًا جسيمًا على حياة مئات آلاف الفلسطينيين.

ويعيش معظم النازحين في خيام بالية، فيما قدّر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن نحو 93% من الخيام لم تعد صالحة للإقامة، بواقع 125 ألف خيمة من أصل 135 ألفًا. وعلى مدى نحو عامين، تضررت عشرات آلاف الخيام بفعل القصف الإسرائيلي أو عوامل الطبيعة القاسية، بين حرارة الصيف الشديدة ورياح وأمطار الشتاء.

ورغم سريان وقف إطلاق النار منذ أكتوبر الماضي، لم يطرأ تحسّن ملموس على الواقع المعيشي في غزة، في ظل استمرار القيود المشددة على دخول شاحنات المساعدات، في انتهاك للبروتوكولات الإنسانية. وبحسب معطيات رسمية، خلّفت الحرب أكثر من 70 ألف شهيد فلسطيني وما يزيد على 170 ألف جريح، إلى جانب دمار طال نحو 90% من البنى التحتية المدنية، وخسائر أولية قُدّرت بعشرات المليارات من الدولارات.

وسط هذا الواقع، تتصاعد التحذيرات الأممية من أن استمرار القيود وغياب الاستجابة العاجلة قد يحوّل موجة البرد الحالية إلى قاتلٍ صامت، يدفع ثمنه أطفال غزة ورضّعها قبل أيّ أحد.

زر الذهاب إلى الأعلى