بعد نفوق المئات من الطيور المهاجرة في خليج عدن.. مخاوف من تراجع التنوع البيولوجي في السواحل اليمنية

شهدت مياه خليج عدن، في الأسابيع الماضية، نفوق المئات من الطيور المهاجرة، في واقعة أثارت مخاوف المهتمين بالتنوع البيولوجي في السواحل اليمنية للأثار المترتبة على هذا النفوق، لا سيما وأن اليمن تمتلك شريطا ساحليا يصل طوله إلى 2200 كيلومتر، ويعد بيئة حيوية مناسبة لعشرات الآلاف من الطيور المهاجرة والمستوطنة.
يوضح فتحي سويد -مدير محمية “الخور” 100 كيلومتر غرب عدن- أن النفوق الأخير للمئات من الطيور المهاجرة، التي تم العثور عليها قبالة سواحل رأس عمران إلى المياه الإقليمية لجيبوتي، لا توجد معلومة دقيقة عن سببه، لكن الاحتمالية الأكبر هي انحراف السرب المهاجر بفعل العاصفة الجوية التي ضربت المنطقة قبل عدة أسابيع، وأحدثت أضرارا كبيرة بقوارب الاصطياد بمنطقة الصدف -131 كيلومترا غرب مركز محافظة لحج.
وأضاف سويد، في سياق حديثه، أن الطيور الجارحة الكبيرة كالنسور والعُقاب والصقور دخلت إلى العمق بعيدا عن اليابسة، جراء قوة العاصفة، ولعدم قدرتها على الهبوط في الماء، وطول المسافة، تعرضت للغرق، ونفق المئات منها.
وتوجد في عدن خمس محميات رطبة؛ وهي: مصب الوادي الكبير والفارسي، والحسوة في البريقة، وكالتكس في المنصورة، وبحيرات البجع والمملاح في مديرية خور. وخلال الفترة بين أكتوبر ومارس من كل عام، تكون الأراضي الرطبة مستقرا لزهاء عشرة آلاف طائر من مائة وخمسين نوعا مختلفا من الطيور المائية.
ووفق هيئة حماية البيئة، فإن أشهر الطيور المهاجرة النحام الوردي والنورس واللقلاق. ويوجد في عدن 13 نوعا مستوطنا من الطيور لا توجد في أي مكان آخر بالعالم، وفق دراسة لمنظمة حماية الطيور الدولية -بالتعاون مع مجلس حماية البيئة.
يستذكر محمد أمين لبلقيس -من سكان مدينة البريقة في عدن- العقود الماضية للمدينة التي شهدت فيها تنوعا وهجرة من أنواع مختلفة من الطيور المهاجرة نحو محميات المدينة بمئات الأنواع، بخلاف اليوم، حيث تراجعت فيه أعداد الطيور المهاجرة من القارات المختلفة إلى مدينة عدن.
وأشار -في سياق حديثه- إلى أن الفترة الشتوية كانت من أجمل المواسم التي يستمتع بها سكان المدينة والزوار بمشاهدة مختلف الأنواع التي تستوطن بحيرات المدينة، سواء في الحسوة أو المملاح أو غيرها من البحيرات.
وقال: “كثير من الأنواع، التي كنا نشاهدها في سنوات سابقة، لم تعد تتواجد بكثرة في المدينة الساحلية دون معرفة السبب”.
وأرجع أمين الأمر إلى عملية ردم البحيرات، والتوسع العمراني في الأراضي الرطبة؛ الأمر الذي أثر سلبا على تراجع كمية الطيور المهاجرة التي كانت تتواجد بكميات كبيرة، وبمختلف الأنواع.
وأكد أن تلك الطيور، في الوقت الحاضر، تراجعت بنسب متفاوتة لمختلف أنواعها، عما كانت عليه في السنوات الماضية.
ويقول علي العركمي -مهتم بالشؤون البيئية- إن اليمن تتسم بوجود العديد من سواحلها وأماكنها الرطبة الجاذبة لعشرات الآلاف من الطيور من مختلف قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا؛ ومنها جزر رأسي عيسى، وكمران، وعدن، وميدي، وحنيش، وأرخبيل سقطرى.
وأضاف أن تقارير أشارت إلى وجود ستة أنواع من الطيور تستوطن الجزيرة، ولا توجد في منطقة أخرى بالعالم، لافتا إلى أن التنوع البيولوجي في اليمن تأثر كثيرا خلال سنوات ما بعد الحرب، وهو ما أثر سلبا في تراجع أعداد الطيور المهاجرة إلى السواحل والجزر اليمنية، واختفاء الكثير من هذه الأنواع التي كانت تضيف حيوية ورونقا على جمال التنوع البيولوجي في اليمن.






