بلجيكا تكسر الصمت الأوروبي وتنضم لدعوى جنوب إفريقيا ضد الاحتلال أمام العدل الدولية

أعلنت محكمة العدل الدولية، الثلاثاء الماضي، انضمام بلجيكا رسميًا إلى الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، والمتعلقة بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، على خلفية الحرب المتواصلة على قطاع غزة.
وقالت المحكمة، في بيان لها، إن بلجيكا قدمت في 23 كانون الأول/ديسمبر إعلانًا رسميًا للتدخل في القضية، استنادًا إلى المادة (63) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، والتي تتيح للدول الأطراف في أي اتفاقية خاضعة للتفسير أمام المحكمة حق التدخل في الإجراءات.
“النية المحددة” للإبادة
وأوضحت المحكمة أن تدخل بلجيكا ينصبّ على تفسير المواد من الأولى حتى السادسة من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، مع اهتمام خاص بالمادة الثانية، ولا سيما ما يتعلق بمفهوم “النية المحددة” اللازمة لإثبات ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية وفق القانون الدولي.
وفي هذا السياق، دعت المحكمة كلاً من جنوب إفريقيا وإسرائيل إلى تقديم ملاحظات مكتوبة بشأن إعلان بلجيكا، وذلك وفقًا للمادة (83) من النظام الداخلي للمحكمة.
دعوى جنوب إفريقيا
وكانت جنوب إفريقيا قد رفعت دعوى قضائية ضد إسرائيل في 29 كانون الأول/ديسمبر 2023، متهمةً إياها بانتهاك التزاماتها بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، بسبب أفعالها العسكرية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
وفي كانون الثاني/يناير 2024، أصدرت محكمة العدل الدولية تدابير مؤقتة مُلزمة، أمرت فيها إسرائيل باتخاذ خطوات فورية لمنع أعمال الإبادة الجماعية، وضمان السماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، ومنع التحريض على الإبادة ومعاقبة المسؤولين عنها، رغم عدم امتلاك المحكمة آلية مباشرة لتنفيذ قراراتها.
انضمام دولي متصاعد
ويأتي انضمام بلجيكا في سياق تحركات دولية متزايدة، إذ سبقتها دول عدة إلى التدخل في الدعوى، من بينها تركيا، والبرازيل، وكولومبيا، وأيرلندا، والمكسيك، وإسبانيا، وسط تصاعد الغضب الشعبي والرسمي عالميًا من الحرب الإسرائيلية على غزة.
كما كانت المحكمة قد أصدرت، في تموز/يوليو 2024، رأيًا استشاريًا أكدت فيه أن الوجود الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة “غير قانوني”، وأن سياساته ترقى إلى مستوى الضم، مشددة على التزام المجتمع الدولي بعدم الاعتراف بالوضع الناشئ عن هذا الوجود.
الجنائية الدولية والدعم الأميركي
وفي موازاة ذلك، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية خلال عام 2024 مذكرتي توقيف بحق رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.
ورغم الأحكام القضائية والانتقادات الدولية المتزايدة، تواصل إسرائيل هجماتها على قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، بدعم عسكري ومالي أميركي وأوروبي، في حين رفضت واشنطن جوهر قضية جنوب إفريقيا، ووجّه مشرعون أميركيون انتقادات حادة لمحكمة العدل الدولية وهددوا باتخاذ إجراءات ضدها.
وبدعم أميركي، بدأت إسرائيل في تشرين الأول/أكتوبر 2023 حرب إبادة جماعية على قطاع غزة، أسفرت حتى الآن عن استشهاد نحو 71 ألف فلسطيني، وإصابة أكثر من 171 ألفًا، معظمهم من الأطفال والنساء، في واحدة من أكثر الحروب دموية في تاريخ الصراع.



