خضعت دولة الاحتلال الإسرائيلي للاستجواب في الأمم المتحدة الثلاثاء والأربعاء بشأن عدة تقارير عن تعذيب معتقلين فلسطينيين، وسط تقارير حقوقية صادمة عن شهادات لنساء ورجال من غزة تعرضوا للاغتصاب.
جاء ذلك خلال المراجعة الدورية لسجل “إسرائيل” أمام لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة.
وقال مقرر اللجنة بيتر فيديل كيسينغ “لقد شعرت اللجنة بالفزع الشديد إزاء الوصف الوارد في عدد كبير من التقارير من مصادر مختلفة لما يبدو أنه تعذيب وإساءة معاملة ممنهجة وواسعة النطاق لفلسطينيين، من بينهم أطفال وفئات ضعيفة”.
الاثنين الماضي، أفادت أسيرة فلسطينية محررة من سجون تل أبيب بتعرضها للعنف الجنسي أربع مرات، بالإضافة إلى تصويرها عارية خلال فترة اعتقالها.
جاء ذلك وفق بيان للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، وثق فيه شهادة الأسيرة الفلسطينية (ن.أ)، وكشف فيه عن “ممارسة ممنهجة ومنظمة للتعذيب الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب، والتعرية، والتصوير القسري، والاعتداء الجنسي بالأدوات والكلاب”، من قبل جنود إسرائيليين.
وقال المركز إن الشهادات التي حصل عليها توثق تعرض الأسرى الفلسطينيين إلى “الإذلال النفسي المتعمد الهادف إلى سحق الكرامة الإنسانية ومحو الهوية الفردية بالكامل”.
وأكد أن “ما ورد في هذه الشهادات لا يمثل حوادث فردية معزولة، بل يندرج ضمن سياسة منهجية تُمارس في سياق جريمة الإبادة الجماعية المستمرة بحق سكان قطاع غزة”.
وعن الأسيرة (ن.أ)، قال المركز، إنها “تبلغ من العمر 42 عاما، اعتقلت أثناء مرورها من أحد الحواجز الإسرائيلية في شمال قطاع غزة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024”.
ونقل المركز عن الأسيرة قولها إنها تعرضت “لأنماط عدة من التعذيب والعنف الجنسي، شملت الاغتصاب أربع مرات على يد جنود إسرائيليين، إلى جانب الشتم بألفاظ نابية بشكل متكرر، وتصويري عارية، والصعق بالكهرباء، والضرب على جميع أنحاء الجسد”.
وعن إحدى الحالات، أضافت: “طلبوا مني أن أخلع ملابسي، وقاموا بتثبيت أطرافي، ثم اغتصبني أحدهم، فبدأت بالصراخ، وتم حينها ضربي على ظهري ورأسي وكنت معصوبة العينين، لكنني سمعت صوت الكاميرا وأعتقد أنهم كانوا يقومون بتصويري”.
وتابعت: “تمنيت الموت في كل لحظة، وبعد اغتصابي تُركت وحدي وأنا مقيدة اليدين في السرير بدون ملابس لساعات طويلة”.
التعرية يوما كاملا
ومتحدثة عن أقسى درجات التجرد من الإنسانية، قالت: بقيت يوما كاملا بدون ملابس، وكان ينظرون علي من فتحة الباب، وتم تصويري، وقال لي أحد الجنود: سوف ننشر صورك على صفحات التواصل الاجتماعي”.
ولم يقتصر العنف الجنسي على أسيرات فلسطينيات فحسب، بل طال رجالا أيضا.
ووثق المركز إفادة الأسير الفلسطيني (م. أ.)، الذي يبلغ من العمر 18 عاما، و”الذي اعتقلته قوات الاحتلال قرب أحد مراكز توزيع المساعدات التابعة لمؤسسة غزة الإنسانية في قطاع غزة”.
وقال الأسير إنه تعرض لاعتداء جنسي، موضحًا أن الجنود قاموا باغتصابه باستخدام زجاجة أدخلوها قسرا في فتحة الشرج، وتكرر ذلك بحقه وبحق معتقلين فلسطينيين آخرين كانوا معه.
وأضاف مقرر لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة: “ورد أن التعذيب أصبح أداة متعمدة ومنتشرة على نطاق واسع في سياسة الدولة، تُستخدم في جميع النُظم القانونية والإدارية والتشغيلية، بدءا من الاعتقال إلى الاستجواب إلى السجن”.
وتضم لجنة مناهضة التعذيب 10 خبراء مستقلين يقومون بمراقبة التزام الدول الأطراف باتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
مستشهدا بتقارير أمام اللجنة، قال كيسينغ إنه منذ هجوم حماس على إسرائيل في تشرين الأول/أكتوبر 2023 والذي أشعل فتيل الحرب الانتقامية في غزة، تصاعد التعذيب وسوء المعاملة ليصل إلى “مستويات غير مسبوقة” ويُمارس دون عقاب.
وأضاف أن مصدر هذه التقارير هيئات مختلفة تابعة للأمم المتحدة، ومنظمات غير حكومية إسرائيلية وفلسطينية ودولية، ومصادر أخرى.
وتابع كيسينغ “إن العديد من المعتقلين الذين تم إطلاق سراحهم فيما بعد تعرضوا للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة”.
وأشار إلى “الضرب المبرح، بما في ذلك على الأعضاء التناسلية؛ والصدمات الكهربائية؛ والإجبار على البقاء في أوضاع مرهقة لفترات طويلة؛ والظروف غير الإنسانية المتعمدة والتجويع؛ والتعذيب بالماء؛ والإهانات الجنسية على نطاق واسع وتهديدات الاغتصاب”، مقدما أمثلة على ذلك.
في تموز/يوليو 2024، نشرت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تقريرا يفيد بأن الفلسطينيين الذين اعتقلتهم إسرائيل خلال حرب غزة احتجزوا في الغالب سرا وفي بعض الحالات تعرضوا لمعاملة قد ترقى إلى مستوى التعذيب.
إسرائيل تنفي
من جهته، رفض السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة في جنيف دانييل ميرون هذه الاتهامات ووصفها بأنها “معلومات مضللة”، خصوصا تلك التي ساقتها لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة، والمقررة الخاصة المستقلة للأمم المتحدة المعنية بالحقوق في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيزي.
وقال إن إسرائيل “متعهدة بالوفاء بالتزاماتها بما يتماشى مع قيمنا ومبادئنا الأخلاقية، حتى في مواجهة التحديات التي تفرضها منظمة إرهابية”.
ورد كيسينغ قائلا إن “حقيقة أن أحد أطراف النزاع المسلح ينتهك ويتجاهل الالتزامات بموجب هذه القواعد لا يمكن استخدامها ذريعة من الطرف الآخر” للقيام بالمثل.
وأوضح للوفد الإسرائيلي أن اللجنة على علم باتهامات تتعلق بأعمال تعذيب وجرائم حرب ارتكبتها حماس ضد جنود ومدنيين إسرائيليين.
وتابع “هذا أمر مزعج للغاية بطبيعة الحال وهو أمر سنتناوله… مع دولة فلسطين” في جلسة قادمة.
تمتد الدورة الثالثة والثمانون للجنة من 10 إلى 28 تشرين الثاني/نوفمبر، وتشمل مراجعات دورية للجهود التي تبذلها ألبانيا والأرجنتين والبحرين وإسرائيل لتنفيذ أحكام الاتفاقية.
ومن المقرر أن تنشر اللجنة خلاصاتها بشأن إسرائيل في 28 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

مستوطنون إسرائيليون يحرقون مسجدًا شمالي الضفة الغربية
ترامب ينهي أطول إغلاق حكومي في تاريخ أميركا
اتفاق هش.. توثيق خروقات الاحتلال بعد شهر من وقف إطلاق النار في غزة
تركيا تعلن مقتل 20 عسكرياً بتحطم طائرة “سي-130” في جورجيا