اتهم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الرئيس الحالي جو بايدن أمس الخميس، بـ”الوقوف إلى جانب” حماس، بعد تهديدات بايدن بوقف إمدادات أسلحة معيّنة إلى إسرائيل في حال اجتياحها مدينة رفح المكتظة بالسكان. وقال ترامب، المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية التي ستجري في نوفمبر/تشرين الثاني، لوسائل الإعلام، قبل أن يسرع إلى قاعة المحكمة في نيويورك، إنّ “ما يفعله بايدن في ما يتعلق بإسرائيل أمر مشين”. وأضاف: “لقد تخلى عن إسرائيل تماماً ولا يمكن لأحد أن يصدق ذلك”.
من جانبه، قال المتحدث باسم البيت الأبيض للأمن القومي جون كيربي، أمس الخميس، إن قيام إسرائيل بعملية كبرى في رفح لن يحقق هدف واشنطن وتل أبيب بالقضاء على حركة حماس، مضيفاً، في مؤتمر صحافي، أن المحادثات بشأن رفح مع إسرائيل مستمرة. وكشف كيربي أن الرئيس الأميركي جو بايدن أبلغ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أكثر من مرة وبشكل صريح، بمعارضته لعملية رفح. لكنه بالرغم من ذلك أوضح أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن إسرائيل، وأن الأسلحة الأميركية لا تزال تصل إلى إسرائيل وتحصل على أغلب ما تحتاجه منها.
وخلال مقابلة أجرتها معه شبكة سي أن أن الإخبارية، قال بايدن رداً على سؤال عن السبب الذي دفع إدارته الأسبوع الماضي إلى تعليق إرسال شحنة قنابل إلى الدولة العبرية، إنّ “مدنيين قُتلوا في غزة بسبب هذه القنابل (…) إنه ببساطة أمر خاطئ”. وهذه هي المرة الأولى التي يضع فيها بايدن (81 عاماً) بصورة علنية شروطاً للدعم العسكري الأميركي لإسرائيل. لكنّ الرئيس الديمقراطي أكّد في الوقت نفسه أنّ الولايات المتّحدة ستواصل “ضمان حماية إسرائيل بواسطة القبة الحديدية”، منظومة الدفاع الجوي الصاروخية.
السلام “عبر القوة”
وكتب ترامب على منصة “تروث سوشال” قائلاً إنّ “جو المحتال يقف إلى جانب الإرهابيين” من حماس، على حد وصفه. وأكد ترامب أن “بايدن ضعيف وفاسد ويقود العالم مباشرة إلى الحرب العالمية الثالثة”، موضحاً أنه حال عودته إلى البيت الأبيض “سنطالب بالسلام عبر القوة”. وسيتواجه ترامب وبايدن في الانتخابات الرئاسية التي ستجري في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني.
وفي العام 2018، تراجعت إدارة ترامب عن سياسة الولايات المتحدة المتّبعة منذ عقود حيال الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين، وتخلت عن ركيزة أساسية من ركائز حل الدولتين عبر الاعتراف أحادياً بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إليها من تل أبيب، ما أثار ردود فعل دولية غاضبة. واعتبر زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، في منشور على موقع إكس، أن بايدن “لا يمكنه أن يدعي أن دعمه لإسرائيل صارم، بينما يحرم إسرائيل على وجه التحديد من الأسلحة التي تحتاجها للدفاع عن نفسها”.
تاريخ طويل
وفي خريف عام 2016، أبرمت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، اتفاقية عسكرية كبيرة مع إسرائيل ألزمت الولايات المتحدة بمنح إسرائيل أسلحة بقيمة 38 مليار دولار على مدى عشر سنوات. وقال أوباما، حينها، إنّ “استمرار إمدادات الأسلحة الأكثر تقدماً في العالم سيضمن قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها من جميع أنواع التهديدات”. ومع أن الاتفاق في ذلك الوقت لم يكن محل جدل دولي كما هو اليوم، بسبب الهدوء النسبي في الأراضي الفلسطينية حينها، إلا أن مواصلة إسرائيل حربها على غزة دفعت العديد من النواب الأميركيين ومسؤولي البيت الأبيض إلى إعادة مساءلة جدوى هذه المساعدات العسكرية.
ومنذ ذلك الوقت، تتلقى إسرائيل حزمة مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة تصل إلى 3.3 مليارات دولار سنوياً لشراء الأسلحة، إلى جانب 500 مليون دولار أخرى سنوياً للدفاع الصاروخي، وهو ما دفع بعض المشرعين في الكونغرس إلى الطلب من الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن تقييد أو حتى وقف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل، بسبب طريقة استخدامها في حربها على غزة. وكشفت صحيفة “نيويورك تايمز” أن الاتفاق العسكري بين واشنطن وإسرائيل ينص على أن الولايات المتحدة ملزمة بمساعدة إسرائيل في الحفاظ على “التفوق العسكري النوعي” في الشرق الأوسط. ووصفت الصحيفة عمليات تسليم الأسلحة إلى إسرائيل بـ”الغامضة”.
بايدن: ناقد وداعم إسرائيل في الوقت ذاته
ويُعتبر بايدن الداعم الرئيسي لإسرائيل منذ الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول على جنوب الدولة العبرية، وجعل من المسألة شأناً “شخصياً”، على حد تعبير مستشاره للأمن القومي جيك سوليفان. ولم يحمله أي شيء حتى الآن على التراجع عن خطه، لا العدد المتزايد من الضحايا المدنيين في غزة، ولا التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين التي تصاحب كل زياراته. ويبدي الأميركيون المسلمون من أصل عربي، وجزء من الناخبين التقدميين، غضبهم حيال الرئيس المتهم بالمساهمة في معاناة الفلسطينيين. ويثير ذلك قلق أنصار جو بايدن قبل أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية التي قد تُحسم بفارق بسيط للغاية في الأصوات، فيما يتنافس الديمقراطي في استطلاعات الرأي مع الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب.
وانتقد بايدن بشدة ما أسماه في إحدى المناسبات “القصف العشوائي” في الحرب الإسرائيلية على غزة، لكنه رفض وضع قيود على المساعدات العسكرية الأميركية. وتتمتع الولايات المتحدة وإسرائيل بعلاقات عسكرية وثيقة منذ عقود، امتدت عبر عدة إدارات ديمقراطية وجمهورية، إذ اشترت إسرائيل الكثير من معداتها الحيوية من الولايات المتحدة، بما في ذلك الطائرات المقاتلة والمروحيات وصواريخ الدفاع الجوي والقنابل غير الموجهة والموجهة، التي جرى إسقاطها على غزة. ويتمتع بايدن بسلطة الحد من إرسال أي شحنات أسلحة إلى دولة أجنبية، لكنه على الرغم من ذلك، يستمر في معارضة أي طلب لوقف الدعم العسكري لتل أبيب.
المصدر: فرانس برس + العربي الجديد