
في مؤشر جديد على تصاعد النفوذ الإيراني في المنطقة، صرّح اللواء أبو الفضل شكارجي، المتحدث باسم هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، بأن جماعة الحوثي باتت “أقوى من أي وقت مضى”، مؤكداً قدرتها على الرد على أي تهديد يطالها. جاءت هذه التصريحات ضمن سياق دعم ما تسميه طهران “جبهة المقاومة”، حيث اعتبر شكارجي الحوثيين رأس حربة في هذه الجبهة، في ظل تصاعد هجماتهم البحرية وتهديداتهم المتكررة للممرات الدولية الحيوية.
هذه التصريحات ليست معزولة، بل تأتي ضمن سلسلة مواقف إيرانية تهدف إلى إبراز الحوثيين كقوة ردع إقليمية، في ما يبدو أنه جزء من استراتيجية طهران لتوسيع نطاق المواجهة بعيداً عن أراضيها، عبر وكلاء مسلحين في مناطق النزاع.
وفي تطور ميداني موازٍ، أعلنت جماعة الحوثي أنها أدرجت 64 شركة شحن على قائمة الحظر، مانعةً سفنها من عبور البحر الأحمر، ومضيق باب المندب، وخليج عدن، وبحر العرب. ووفقًا لتقارير دولية، فإن الجماعة توعدت باستهداف أي سفينة مرتبطة بما تصفه بـ”العدو الصهيوني”، محملةً تلك الشركات مسؤولية أي هجوم قد يطال سفنها في نطاق عمليات الحوثيين البحرية.
تحليلات دولية، منها تقرير صادر عن المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، تشير إلى أن هذه التهديدات تأتي في ظل تصاعد التوترات الإقليمية المرتبطة بالحرب في غزة، حيث استهدفت الجماعة سفنًا تجارية وعسكرية باستخدام طائرات مسيّرة وصواريخ كروز، ما أدى إلى أضرار جسيمة في بعض الحالات، مثل الهجوم على ناقلة نرويجية في ديسمبر الماضي.
وتحذر تقارير أمنية بحرية، مثل تلك الصادرة عن شركة Ambrey البريطانية، من أن باب المندب بات منطقة عالية الخطورة، مع ارتفاع تكاليف التأمين على السفن العابرة، وتحول بعض الشركات إلى مسارات بديلة لتجنب الاستهداف.
في هذا السياق، يرى مراقبون أن إيران تستخدم الحوثيين كأداة ضغط إقليمي، مستغلةً موقع اليمن الجغرافي الاستراتيجي، لتوجيه رسائل سياسية وعسكرية إلى خصومها، دون الدخول في مواجهة مباشرة. ويُنظر إلى هذه التصريحات والتطورات على أنها جزء من معادلة جديدة في أمن البحر الأحمر، حيث تتداخل الجغرافيا مع الجيوسياسة، وتتحول الممرات البحرية إلى ساحات صراع غير معلن.