تطوّرات محتملة!
بقلم :صدام الحريبي
بعد أن وجّه المجلس الرئاسي ضربة موجعة للشعب وناثر ما تبقّت من ثقة المجتمع بالدولة وقضى عليها وكأنه يؤكد روايات الحوثي الكاذبة ضد الشرعية، حتى أمسى الشعب لا خيار أمامه إلا أن ينتزع الثقة ويؤمن أن المجلس لا يَصدُق معه وأنه منزوع القرار وأن أعضاءه مجرّد ريموتات وأصحاب مصالح خاصة، وبكل ذلك ترسّخت قناعات لدى فئة كبيرة من اليمنيين أنه يجب القبول بأي شيء غير الحوثي والمجلس الضعيف الذي يبيع اليمن يوما بعد يوم للجميع بمن فيهم أذيال إيران، ولا شك أن هناك من يخطّط ويستغل كل هذا إن لم يكن هو من رسمه وأمر بتفيذه.
ضغطت الإمارات على الجميع، وأتى القرار المنتظر المتمثل برفع العقوبات عن نجل الرئيس السابق أحمد علي عبدالله صالح، وأصبح خيارا ليس محتملا بل مؤكدا أمام اليمنيين من وجهة نظر من جهّزوه!
كانت وما زالت أبوظبي تُدرك أن هناك كمًا هائلا من اليمنيين لن يقبلوا بأحمد علي صالح في محافظات اليمن الجنوبية، فضمنتهم من خلال المجلس الانتقالي الذي بمجرّد إشارة من الإمارات سيصبح أحمد علي ولي أمره الذي سيقاتل من أجله، أما باقي المحافظات فقد ضمنتها بعد تراجع الحكومة عن قرارات البنك المركزي، ولذلك سيبحث الشعب عن القوي ومن يمتلك القرار وينتصر له حتى لمرة واحدة فقط بعد النكبات المتتالية التي سبّبتها الشرعية شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، وقد دفعت الإمارات بأحمد علي ليكن ذلك الأمل الذي سيتثبّث به اليمنيين.
أما من يعوّل على احتمالية نشوب خلاف بين أحمد علي وابن عمه طارق محمد عبدالله صالح، فذلك احتمال ضئيل جدا، فمن يخطّط للإمارات ليس غبيا لدرجة أن يخلق خصمين ويسلمهما دفة القيادة، فالأكيد أن الأدوار قد وُزّعت منذ وقت مبكر، فهناك من يدير الجانب العسكري ومن سيدير الجانب السياسي وستكون له الصلاحيات الأكثر، لكن ستظل هناك استياءات بسيطة بين المتذمّرين من أحمد علي بسبب تركهم وعدم الحديث عن والده والمطالبة بحقه، وهم الذين التحقوا بركب طارق، بالإضافة إلى أن من سيستلم القيادة العسكرية والقوة على الأرض سيظل يشكل خطورة على الآخر في المستقبل.
أما الدور الإيراني، فلن تُقدم الإمارات على أي خطوة إلا وقد رتّبت أمورها بخصوصه، وهناك أكثر من خيار، إما الاتفاق، أو الحصول على دعم كبير وفرض واقع جديد على الدور الإيراني في اليمن.
وبهذا تكون الإمارات قد بسطت على كل الأدوار في اليمن بما في ذلك الدور السعودي، لصالحها ولصالح من تعمل لهم أبوظبي كأداة، ونحن كيمنيين لا نريد أي دور خارجي في بلادنا أيا كان، بل نريد حلفاء أنداد يحترموننا ويحترمون قرارنا، فتخيّلوا أن الحوثي عبارة عن مليشيات، وبالرغم من ذلك فإن إيران تتعامل معهه كدولة، أما نحن فدولة ويتم التعامل معنا أسوأ من المليشيات.
وهما دعونا نختصر الحل بكلمة، فقد كُرّر ذلك وهو إعادة النظر في الأدوار الخارجية في اليمن، وتقوية الشرعية وامتلاكها لقرارها بدلا من الإكثار من التجارب، فقد كان الرئيس هادي ثم أتوا بالمجلس الرئاسي وقالوا أنه سيحل مشكلة اليمن، وتم إنشاء العديد من التشكيلات المسلحة، ثم حاليا يتم التجهيز لإعادة السفير أحمد علي، وهكذا.. وهذه ليست حلول، إنما الحل يجب أن يكون من الداخل فقط وأن يمتلك اليمن قراره ويتم التوقّف عن فرض الوصاية عليه والتدخل بشؤونه، أما اختراع تجارب أخرى دون العودة إلى الشعب أو حتى القيادة الوطنية الشريفة، فهذا قد دمّر اليمن منذ ممارسته وسيدمّر الجميع، وجماعية الحوثي الإجرامية والمليشيات الإرهابية هي المستفيدة من ذلك فقط.
أما المجلس الرئاسي، فقد يسايره البعض ويقول أنه يُقدم على تلك الخطوات من أجل مصلحة الوطن وأن تلك الخطوات هي تمهيدا لمواقف وانتصارات لا تخطر ببال أحد، لكن اليمنيين بشر، وقد تعرّضوا لانتكاسات كبيرة منذ مجيء المجلس، فهل هناك سببا واحدا يقنع الشعب بالمجلس وبوعوده؟ وهل حقق المجلس إنجازا واحدا كي يثق به الشعب ويطمئن له؟
أما الانتكاسات فهي بالعشرات، وهذا ما جعل معظم الشعب يفقد الثقة بالمجلس حتى وإن كان صادقا، مع أن المنطق يقول أنه لا يمكن نجاح مشروع يقوده ٧ كل واحد منهم يعمل لمصلحته بل ويرتهن لدول أخرى!
يبدو أن الإمارات تدرس الجانب النفسي للشعب منذ فترة، وبالتالي نفذت خطواتها على ذلك الأساس.
ختاما، لسنا بصدد مهاجمة سفير اليمن لدى الإمارات أحمد علي عبدالله صالح، ولسنا بحاكمين عليه، فقد يتخلّص من كل الضغوطات والالتزامات تجاه الدول الأخرى وينبص في قلبه وعقله حب الوطن ويتجاوز كل شيء مع أن هناك من ينفي ذلك، إنما هذا الواقع وما دفعنا لكتابة هذا هو دعوة الجميع للتعامل بناء على ذلك وألا يظلوا ك(شعب) (مكونات وأحزاب ونخب) كالذي فقد البوصلة فأصبح كمن يتخبّطه الشيطان من المس ولا يدري ما هو العلاج.
عموما، سيكون أحمد علي في صف الوطن إن هو تخلّص من كل الضغوطات وجعل وطنه قبل أي مصالح سواء خاصة أو إقليمية أو دولية، وسيكون ضده إن هو ضعف أمام ذلك، وهذا الأمر تقوله كل فئات الشعب وليست فئة بعينها.
أرجو أن يُقرأ هذا الحديث بعين المسؤولية من قبل الجميع، خاصة الجهات الأكثر وطنية وتضحية، وليس بعين الانحياز أو التعالي وأن كاتب هذه الأحرف ما زال طائشا أو لا يحسب ما يكتبه، أو أنه مدفوع من جهة معينة كما تعود البعض رمي التهم جزافا.