
كشفت مصادر مطلعة عن تحركات من شأنها ترسيخ حالة الانقسام داخل شركة الخطوط الجوية اليمنية، عبر خطوات تشمل شراء طائرات جديدة وتفكيك البنية الإدارية المركزية، وذلك ضمن تفاهمات غير معلنة بين قيادتي الشركة في صنعاء وعدن، وسط صمت رسمي من الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي، وغموض في موقف السعودية، الشريك في الشركة بنسبة 49%.
ووفقاً للمصادر، تهدف التفاهمات إلى منح فرع “اليمنية” في صنعاء، الخاضع لسيطرة الحوثيين، صلاحيات تشغيلية ومالية كاملة، بما في ذلك منح الضوء الأخضر لشراء طائرتين من سلطنة عمان لتعويض الطائرات المدمّرة.
ومن المتوقع أن تُدار العمليات من خلال نظام حجز ومبيعات مستقل عن النظام المركزي في عدن، بما يمنح صنعاء استقلالاً شبه تام في إدارة الرحلات والإيرادات، وفق المصادر.
ويعكف الحوثيون، بحسب المصادر، على ترتيب شراكة مع رجل الأعمال صالح دغسان، المدرج على قائمة العقوبات الأمريكية، لتدشين ما يُشبه “نسخة خاصة” من شركة اليمنية، تعمل من صنعاء وبعيدة عن إشراف الحكومة المعترف بها دولياً.
وتقول المصادر إن هذا المسار صار محل قبول واسع من قبل فرع الشركة في صنعاء الخاضع للحوثيين ويمثله “القائم بأعمال رئيس الشركة” هناك، وبين “رئيس الشركة في عدن التابع للمجلس الانتقالي الجنوبي محسن حيدرة”.
وبدأ هذا قبل أكثر من عامين بتعيين رئاسة الشركة في عدن الشخصية الموالية للحوثيين خليل جحاف كقائم بالأعمال في صنعاء، لكنه تسارع عقب توقف الرحلات من وإلى مطار صنعاء أواخر مايو الماضي نتيجة لغارات إسرائيلية دمّرت الطائرات الأربع التي كانت محتجزة هناك وتستخدم في التشغيل.
وفي عدن، اتخذت قيادة الشركة خطوات اعتُبرت بمثابة رد مضاد، منها تعيين مدير عام تنفيذي جديد رغم استمرار مدير آخر في صنعاء، وصدور تعليمات من المدير التجاري بعدم تعيين أي موظفين من صنعاء أو المحافظات الشمالية في المكاتب الخارجية، ما أدى إلى إلغاء تعيينات كانت مرتقبة لعدد من الموظفين.
وفي المقابل، شرعت إدارة صنعاء بفصل نظام الحجز والمبيعات، تمهيداً لتشغيله بشكل مستقل، بإشراف خليل جحاف، والذي يقود منذ فترة إجراءات لتعزيز قبضة الجماعة على الشركة.
وترجع جذور الانقسام إلى أكثر من عامين من التوترات، بلغت ذروتها في مارس 2023، عندما جمّدت الجماعة أرصدة الشركة في بنوك صنعاء واحتجزت أربع طائرات، بالتوازي مع تدخلات تشغيلية وفنية، وتجميد رواتب موظفين في مناطق الحكومة.
وكانت تقارير سابقة للمصدر أونلاين، كشفت أن خليل جحاف قاد حملة استحواذ على المكاتب والإدارات التنفيذية، بما في ذلك أنظمة التشغيل والصيانة، وفرض قيود على حركة الموظفين بين عدن وصنعاء، ووجه تهديدات مباشرة لعدد من العاملين.
وبينما كانت “اليمنية” تحافظ على درجة من الحياد والاستقلالية طيلة سنوات الحرب، فإن تحركات الحوثيين حولتها تدريجياً إلى ورقة تفاوضية، فيما تبدو قيادة الشركة في عدن، وفق المصادر، وقد تخلت عملياً عن موقفها السابق المتمسك بوحدة الشركة، خصوصاً بعد تدمير الطائرات الأربع، وسط غياب أي موقف من الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي.
وتحذر المصادر من أن هذا المسار، الذي تصفه بـ”تخادم فعلي بين سلطات صنعاء وعدن”، يهدد بتحويل “اليمنية” إلى كيانين متنازعين، وفقدانها لطابعها الوطني السيادي، في ظل تراخٍ رسمي يفتح الباب أمام المزيد من الانقسام في مؤسسات الدولة.