قالت منظمة “سام للحقوق والحريات”، في تقرير حقوقي موسّع نُشر الأحد، إن جماعة الحوثي نفذت عمليات “نهب منظم” لممتلكات شركات ومعارضين سياسيين في مناطق سيطرتها، مستخدمةً جهاز “الحارس القضائي” كأداة لمصادرة الأصول والاستيلاء على الموارد.
التقرير، الذي يحمل عنوان “نهب منظم: الوجه الخفي للحارس القضائي لدى جماعة الحوثي”، يركز على استيلاء الجماعة على شركتي “الأدوية الحديثة” و”العالمية”، ويوضح كيف استُخدمت التعيينات القضائية كوسيلة لملاحقة الخصوم والاستحواذ على ممتلكاتهم تحت ذرائع غير قانونية.
وقالت المنظمة الحقوقية، ومقرها جنيف، إن الحوثيين، منذ سيطرتهم على صنعاء عام 2014، انتهجوا سياسة ممنهجة لمصادرة ممتلكات المعارضين، مستخدمين اتهامات فضفاضة مثل “الخيانة” و”الولاء للعدوان”، وتحويل الأصول المصادرة إلى موارد تمويلية لدعم أنشطتهم العسكرية والسياسية.
وبحسب التقرير، لجأت الجماعة إلى أجهزة القضاء، مثل نيابة ومحكمة الأموال العامة، لشرعنة عمليات المصادرة، كما استخدمت البنك المركزي في صنعاء لفرض الحجز على أموال معارضيها.
وأبرز التقرير دور “الحارس القضائي”، الذي منحته الجماعة صلاحيات واسعة لتنفيذ عمليات الاستيلاء دون رقابة قانونية.
وسلط التقرير الضوء على واقعة مداهمة مسلحي الحوثي لمقري شركتي “الأدوية الحديثة” و”العالمية” في يونيو 2024، حيث اعتُقل ستة من مديري وموظفي الشركتين، وتم احتجازهم في مركز غير رسمي تابع للجماعة.
وفي اليوم التالي، أصدرت النيابة الجزائية المتخصصة، الموالية للحوثيين، قرارًا بتجميد أصول الشركات وحساباتها المصرفية.
وقدّرت المنظمة خسائر الشركتين بـ55 مليون دولار، مشيرة إلى أن الأدوية المخزنة تعرضت للتلف بسبب ظروف التخزين غير الملائمة. كما وثّقت تعرض الموظفين المعتقلين لضغوط نفسية وجسدية، في ظل تصعيد حوثي يستهدف القطاع الخاص.
وفقًا للتقرير، تسببت انتهاكات الحوثيين بوفاة ثلاثة موظفين جراء الضغوط وسوء المعاملة، كما وثّقت “سام” ممارسات تعذيب ممنهج داخل مقرات الاحتجاز، شملت اعترافات قسرية وتهديدات مباشرة، ما يثير مخاوف متزايدة بشأن سلامة العاملين في القطاعات الاقتصادية باليمن.
وفي تعليق على التقرير، قال الخبير المالي عبد الواحد العوبلي إن “مصادرة الحوثيين لأموال المعارضين تهدف إلى تحقيق استقرار مالي ذاتي يمكّن الجماعة من تمويل عملياتها دون الحاجة إلى دعم خارجي”.
وأضاف أن الجماعة تستخدم عمليات النهب أيضًا كأداة لترهيب المعارضين، وإعادة توزيع الثروات بين الموالين لها لتعزيز الولاء الداخلي.
واعتبرت “سام” أن ممارسات الحوثيين ترقى إلى “جرائم حرب” وفق القانون الدولي الإنساني، ودعت المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمحاسبة المسؤولين عنها.
وفي توصياتها، طالبت المنظمة الجماعة الحوثية بوقف جميع أعمال المصادرة، وإعادة الممتلكات إلى أصحابها الشرعيين، كما دعت الحكومة اليمنية إلى تشكيل وحدة خاصة لتوثيق الأصول المنهوبة.
كما حثّت مجلس الأمن الدولي على مراقبة الأنشطة المالية للحوثيين، وإدراج المسؤولين عن هذه الانتهاكات ضمن قوائم العقوبات الدولية، لضمان عدم إفلاتهم من المحاسبة.