ارتبط خط المسند اليمني القديم بدرجة التفوق العلمي والأدبي والثقافي الذي وصلت إليه حضارة هذا البلد.
قليلة هي الحضارات التليدة في العالم التي امتلكت أدوات رقيها وثرائها، واليمن إحداها.
خط المسند لم يكن مجرد أسلوب للكتابة والتواصل بين اليمنيين القدماء، لكنه مثّل رمزًا وهوية لحضارة اليمنيين وتفوقهم الثقافي، وهو ما يؤمن به اليمنيون.
وهذا دفع النخبة المثقفة في اليمن للاحتفاء بالخط اليمني القديم، تزامنًا مع اليوم العالمي للغة الأم، الموافق 21 فبراير/شباط من كل عام، وذلك من خلال احتفال حظيّ برعاية رسمية من أعلى مستويات الدولة.
الاحتفال الذي نظمته مؤسسة “معد كرب” الثقافية، بالعاصمة اليمنية المؤقتة عدن، رعاه رئيس مجلس القيادة الرئاسي باليمن رشاد العليمي، إحياءً لخط المسند العريق الذي خلده أجداد اليمنيين بنقشه على الصخر، كما شمل الاحتفال تكريم خبير خط المسند، سلطان محمد المقطري.
الاحتفاء برقمنة المسند
رئيس مؤسسة “معد كرب” الثقافية يحيى الجماعي استعرض في الاحتفال جهود المؤسسة في تنظيم هذه الفعالية، التي تضمنت طبع وتوزيع دفاتر خاصة بتعليم حروف المسند على المحافظات المحررة.
وقال إن الفعالية تأتي بمناسبة يوم المسند والذي يتزامن مع يوم اللغة الأم، مشيرا إلى أن المؤسسة تحرص على إعادة التعريف بخط المسند الذي أصبح اليوم منتشرا بشكل ملموس، ونلاحظه في لافتات الشوارع والبطاقات والملابس.
وأثنى الجماعي بجهود المحتفى بتكريمه الخبير اليمني سلطان محمد المقطري، الذي قام بـ”رقمنة حروف خط المسند”، ليصبح بمقدور أي شخص أن يتعرف عليها.
الجماعي شكر رئيس المجلس الرئاسي، رشاد العليمي، ونائبه رئيس المجلس الانتقالي، اللواء عيدروس الزبيدي، ووزير الإعلام والثقافة والسياحة، ومحافظ عدن، على دعمهم لنشاط المؤسسة ورعايتهم لهذه الفعالية.
هوية وطنية
من جهته، اعتبر مدير عام الإعلام التربوي بوزارة التربية والتعليم اليمنية، محمد حسين الدباء، خط المسند “هوية وطنية” تتحدث عن حضارة اليمن الضاربة في أعماق التاريخ.
وأضاف الدباء أن الاهتمام بهذا الإرث التاريخي ضروري للغاية حتى نعرف به ومن خلاله ماضينا وتاريخ بلادنا بكل تفاصيله، مؤكدا أن “الذي لا ماضي له فلا حاضر أو مستقبل له”.
المسؤول اليمني حث كافة الجهات ذات الاختصاص، إلى الاهتمام والتعريف بخط المسند، وتدريسه وإدخاله في المناهج التعليمية، وتخصيص وحدة خاصة به في المقررات الدراسية.
واختتم تصريحه: “نمتلك تاريخا عريقا، سبقنا الأمم الأخرى بآلاف السنين، ونمتلك خط المسند المنحوت على آلاف الجدران والصخور، وتم اليوم فتح شفرته، فعلى الجميع التعاون لإبرازه والحفاظ عليه من الاندثار”.
تكريم مرقمن المسند
الخط والكتابة أهم أدوات حفظ إرث الشعوب والحضارة من الاندثار، وهذا ما قام به الخبير سلطان المقطري الذي رقمن خط المسند القديم، ومنحه طابع العصرنة، وحفظ للأمة اليمنية أداتها الثقافية والعلمية.
المقطري تم تكريمه في الاحتفالية بيوم خط المسند، ومنحه درع مؤسسة “معد كرب” الثقافية؛ نظير جهوده التي بذلها طيلة عشرين عامًا توّجها بـ”رقمنة حروف المسند”، والذي عبر عن شكره على هذا الاحتفاء.
وأكد أن هذا التكريم سيظل وساما معلقا على صدره يعتز به، ويعطيه دافعا قويا لمواصلة الجهود في إدخال حروف المسند ضمن برمجة اللغات لأعرق الشركات المتخصصة في صناعة الحاسوب.
العين