تهريب الآثار.. من “شهادة عسكرية رومانية” إلى لوح اعتراف برونزي يمني

تحول لوح برونزي يمني نادر من نقش اعتراف ديني قديم إلى ما وُصف خطأ في مزادات دولية بأنه “شهادة عسكرية رومانية”، في واحدة من أغرب قصص تهريب وتزييف الآثار اليمنية.

وكشف الباحث المختص في الآثار، عبد الله محسن، أن اللوح الذي نُقش بخط المسند اليمني القديم، يعد من نقوش الاعتراف بالخطايا، حيث قدمته امرأة تدعى قلاف بنت مالت للإله ذو سماوي، رب السماوات والأرض، تعترف فيه بخطئها بعد أن فاجأها الحيض داخل معبد أذنان، فتابت وتضرعت ووعدت بعدم تكرار الخطيئة.

مؤكدا أن البروفيسور إبراهيم الصلوي كان أول من درس النقش بعد أن حصل على نصه من الباحث خليل الزبيري الذي عثر عليه في محافظة الجوف لدى أحد الأهالي.

وأوضح أن مصير هذا اللوح، الذي يعد من الشواهد النادرة على المعتقدات الدينية القديمة في اليمن، بات مجهولا بعد ظهوره في أكثر من مزاد دولي بصور ونسخ متعددة.

وكانت هيئة الآثار في صنعاء نشرت في أبريل الماضي صورة للوح برونزي قالت إنه النقش المعروف باسم “الصلوي 3” مع الإشارة إلى أنه كان معروضا في أحد المزادات.

لكن المزاد المذكور عرض صورا أخرى مختلفة، وأثار الدكتور صلاح الحسيني الجدل بعد منشور له حول النقش المعروض للبيع في مزاد “ليون وترنبول”، متسائلا عن حقيقة النسخة وأصلها.
وأكد الباحث محسن أن البحث كشف عن ثلاث نسخ متطابقة من اللوح نفسه ما يثير الشكوك حول التزوير والتهريب معا.

وتابع:
النسخة الأولى: مقاسها (13.7×18.7 سم)، عرضت في مزاد أرتميس للفنون الجميلة بالولايات المتحدة في 11 مايو 2018م، من مجموعة ديفيس الخاصة في تكساس.
وصفها القائمون على المزاد خطأ بأنها “شهادة عسكرية رومانية مكتوبة بالآرامية”، وتحدثوا عن خدمة جنود رومانيين وتجنيسهم، في تجاهل تام للغة المسند اليمنية الواضحة على اللوح.
النسخة الثانية: ظهرت أقدم صورة لها في 8 نوفمبر 2012م بموقع صادق جاليري للفنون القديمة في نيويورك، وبالوصف نفسه تقريبا.

غير أن مالك الجاليري أقر لاحقا في تقرير لصحيفة نيويورك تايمز (16 نوفمبر 2021م) ببيع آلاف القطع المزيفة على مدى عقود، ما يرجح أن هذه النسخة مقلدة.
النسخة الثالثة: مقاسها (18.1×12.9 سم)، ومن المقرر عرضها في مزاد ليون وترنبول بإدنبره، المملكة المتحدة، في 25 نوفمبر 2025م. وتوصف بأنها “لوحة برونزية نذرية من سبأ” من القرن الأول إلى الثالث الميلادي، رغم اختلاف ملامحها الواضح وغياب آثار التآكل عنها.

وخلص إلى أن ظهور النقش بنسخه الثلاث، وبتواريخ مختلفة بعد عام 2005م، يضع وزارة الثقافة وهيئة الآثار والمتاحف أمام تحد جدي في استعادة هذه القطع الأثرية اليمنية المسروقة.

Exit mobile version