جامع الأشاعرة.. أسسه أبو موسى الأشعري وصار قِبلةَ العلم لقرون

التسمية:

جامع الأشاعرة.

الموقع:

مدينة زبيد (بالقرب من سوق زبيد العام).

الآمر بالتشييد وزمنه:

يرجع تأسيس الجامع إلى الصحابيّ الجليل أبي موسى الأشعري في سنة (8هـ/629م).

الطراز المعماري:

بُنيَ الجامع على الطراز المعماري للمساجد التاريخية في اليمن.

الوصف:

في حي من أحياء مدينة زبيد القديمة، يتربع مسجد أبي موسى الأشعري، وتحيط به مبانٍ قديمة، بُنيَت غالبيتها من الطين النيِّئ (اللِّبْن) والمسجد يطل على أزقة صغيرة، أرضيتها فرشت بالتراب، وإذا أردت دخول المسجد، تصفحت عيناك بابًا خشبيًّا طاعنًا في السن، وتنتظرك بضع درجات لتدخل تاريخ فجر الإسلام في اليمن.

لا يُعرف على وجه التحديد، الملامح الأولى الأصلية لمسجد الأشاعرة، فقد امتدت إليه أكثر من مرة أيادٍ أعادت البناء، والترميم، والتوسيع، والتجميل، عبر تاريخه الطويل.

وتشير كتب التاريخ إلى أنّ أول من أعاد بناء المسجد: الحسين بن سلامة، المتوفَّى سنة 403هـ. وفي 43۲هـ، قام الأمير برقوق الظاهري بتجديد وتجميل وتوسيع المسجد. وفي هذا الصدد، يقول ابن الديبع في كتابه “الفضل المزيد على بغية المستفيد في أخبار مدينة زبید”: “عمَّر عمارة متقنة، وزيد فيه زيادات مستحسنة، منها أجنحته، الشرقي والغربي، ومقصورة النساء، وجعل للمسجد خزانة جديدة، وزخرفَ جداره القِبلي بأنواع النقوشات والذهب، ونصب في المسجد منبرًا”. وفي أيام السلطان الملك المنصور تاج الدين عبدالوهاب بن داوود بن طاهر، أُعيد بناء المسجد في سنة 891هـ. وفي سنة ۹49هـ، أصلح منبر الخطابة وزیّنه، مصطفى باشا النشار، وهو ابن عم السلطان سليمان القانوني وزوج أخته، وكان حاكمًا لمصر مرتين. وفي ۱۲۷۹هـ، جُدِّدت بعض سقوفه، وظلَّ الجامع على وضعه الحالي حتى اليوم.

أما اليوم فالجامع يشغل مساحة مستطيلة، أبعادها (50.35م × 50.24م)، وتحتوي على صحن مكشوف مقاساته (11م × 5م)، وتحيط به أربعة أروقة، أعمقها رواق القِبلة، يمكن الدخول إليه عبر البوابة الرئيسية الواقعة في الجهة الجنوبية أو من خلال الأبواب الأخرى الموزعة على جدران الجامع، التي تفتح مباشرة على رواق القِبلة. محراب الجامع لا يتوسط جدار القبلة، ويعزى السبب في ذلك إلى الزيادات المتكررة على الجامع، ويغطي المسجد سقف خشبي مسطح، وضع أسفله إزار خشبي لم يبقَ منه إلا النزر اليسير. أما مئذنة الجامع فتقع في الرواق الجنوبي، وترتكز على قاعدة مربعة يعلوها بدن مثمن، تزينه أشكال معينات متكونة من تقاطع الخطوط، ويغطي المئذنة من أعلى قبة مقرنصة، وهي بذلك تشبه طراز المآذن المنتشرة في زبيد، ولا سيما مئذنة الجامع الكبير.

يلحق بالجامع عددٌ كبير من المنشآت، من أهمها مدرسة الأشاعرة في الجهة الغربية، وكذلك مكتبتان كانتا تضم نوادر المخطوطات وكذلك مقصورة للنساء، كما احتوى الجامع على كرسي من خشب كان مخصصًا لقراءة الحديث النبوي الشريف، وما زال موجودًا في رواق القِبلة إلى اليوم منذ تاريخ صنعه في عام (927هـ/1520م). لقد كان جامع الأشاعرة جامعة إسلامية، كغيره من الجوامع والمدارس التي عمرت عبر التاريخ، فضلًا عن الأربطة والمقاصير التي أنشِئت لطلاب العلم الغرباء من جميع أنحاء اليمن والعالم الإسلامي، وأصبح كعبة للزهاد والعباد والصالحين الذين أمّوه؛ لِمَا له من قدسية وروحانية.

وكان تأسيس جامع الأشاعرة في قلب وادي زبيد منطلقًا للدعوة الإسلامية لقبيلة الأشاعرة، ومدرسة الأشاعرة هي أول جامعة جامعة إسلامية تحمّلت مسؤولية نشر الدعوة الإسلامية في شرق إفريقيا، في العهد الزيادي، والعهد النجاحي.

المصادر:

– مساجد اليمن؛ نشأتها، تطورها، خصائصها، تأليف: محمد زكريا، مركز عبادي للدراسات والنشر، 1998، صنعاء.

– ينظر: تهامة عبر التاريخ، تأليف المؤرخ: عبدالرحمن عبدالله أحمد صالح الحضرمي، المعهد الفرنسي للآثار والعلوم الاجتماعية، صنعاء، 2005.

خيوط

Exit mobile version