Blogثقافة وفكر
أخر الأخبار

جامع الشاذلي التاريخي في المخا.. أيقونة الفن المعماري الإسلامي

يثير الارتفاع الشاهق لمنارة جامع الشاذلي في مديرية المخا، الإبهار والدهشة، وظلت لعقود أحد الشواهد التاريخية لهذه المديرية الواقعة غرب البلاد. لكن الاقتراب من المسجد الذي بني في القرن التاسع الهجري، على يد “علي بن عمر الشاذلي”، ينبئ بوجود مخاطر عدة تهدده بالانهيار، إذ تشير الصدوع والتشققات التي يمكن رؤيتها بوضوح على جدران المسجد، وعلى سطح المبنى وهيكله العام، إلى الأخطار المحدقة بهذا المسجد الذي يعد من أقدم المساجد الأثرية، ليس في المخا فحسب، وإنما بمحافظة تعز ككل.

يقول قيم الجامع ناصر سليمان، إن مياه الأمطار، تسلك طريقها عبر تلك الشقوق لتصل إلى الداخل، ومع مر السنين أحدثت تلك المياه أضرارا في بنية الجامع المبني من الياجور، فيما يشير سكانٌ محليون إلى أن نسبة كبيرة من الأضرار التي لحقت بالجامع نتجت عن القصف الحوثي الذي استهدف المدينة بعد فترة وجيزة من تحريرها، حيث انفجرت العديد من المقذوفات في محيطه وأدت إلى إحداث أضرار في بُنيته الرئيسية.

في مرات كثيرة تسمع أصوات ارتطام أجزاء صغيرة على أرضية الجامع، ناتجة عن سقوطها من السطح، يضيف سليمان الذي كان يشير إلى جزء من المبنى في واجهته الغربية، وقد تم تغطيتها بقطعة قماش بعد انهيار جزء منها.

أما القباب الست التي تعلو سطح المبنى، فإنها تعد الأكثر تضررا، فيما تتكدس أسفل منها على أرضية الجامع أكوام من الأتربة، ما دفع القائمين عليه، إلى فصل ذلك الجزء بجدار من الأسمنت، قبل أن يقوم خيرون بتمويل إعادة تغطية السطح في الجانب غير الأثري. ويشير مدير الأوقاف بمديرية المخا، شهاب هزاع، إلى أن جامع الشاذلي التاريخي بحاجة إلى الترميم من قبل خبراء في مجال الآثار، حتى لا تتعرض معالمه وزخارفه الفنية للدمار.

ويرى “هزاع” الذي يشغل أيضا منصب نائب مدير مكتب الأوقاف بالمحافظة، أن ضعف التمويل وعدم قدرة المؤسسات الحكومية خصوصا مكتب الآثار بالمحافظة، حال دون إعادة ترميمه. ويمضي قائلا: إن الهيئة العامة للآثار ينبغي أن تسارع لإنقاذ الجامع من الانهيار من خلال إطلاق عملية ترميم واسعة تفاديا لانهيار هذا المعلم التاريخي الهام. ويعد الجامع الذي بني في القرن التاسع الهجري، وأجريت له إضافات عدة في أزمنة مختلفة من الروائع الهندسية في هذه المدينة التي كانت في يوم ما سوقا رئيسية لتصدير البن إلى العالم.

ويحتوي الجامع على نقوش تاريخية وآيات قرآنية خُطت بألوان مختلفة، فيما تحمل أعمدة الساج الخشبية المنحوتة بطريقة متماثلة، سطحه الأثري، وقد وضعت بطريقة هندسية بديعة، عوضا عن جسور أفقية هي الأخرى من الخشب، لا تزال صامدةً تقاوم عوامل التعرية ومرور السنين دون تغيير.

في الماضي، يقول السكان، إن قوافل السياح الأجانب كانت تزور الجامع مع كل مجيء إلى المخا، باعتباره أيقونة عريقة تشير بجلاء إلى جانب من جوانب الحضارة الإسلامية في الفن المعماري والهندسي، نظرًا لما يتمتع به الجامع من روائع فنية وتصميم مدهش.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى