تقرير خاص
تواصل جماعة الحوثي الموالية لإيران استهداف الطفولة في اليمن؛ وذلك من خلال تحويل الأطفال إلى أدوات للقتل والعنف ونشر الفوضى داخل المجتمع، ويصر قائد الحوثيين في كل خطاب على التأكيد على أهمية استقطاب الأطفال ودمجهم في عدة دورات تدريبية يتعلمون من خلالها الضرب بمختلف أنواع الأسلحة، إلى جانب التعبئة الطائفية التي تلقنهم الهدف الذي يوجهون إليه هذه الأسلحة، وهي وطنهم وأبناء شعبهم وأهلهم وأقرباؤهم، باعتبار هؤلاء هم من يقصدهم الحوثي بـ (أمريكا وإسرائيل).
تغيير سلوكي
(عندما تسمع عن عبوة ناسفة انفجرت داخل صف دراسي يضم مجموعة من الأطفال، فاعلم أنك في عهد ميليشيات الحوثي)
بمجرد دخول الأطفال إلى المدارس التي يديرها الحوثيون، يبدأ أهاليهم بملاحظة تغييرات سلوكية على أطفالهم ابتداء من الإهمال وعدم الاهتمام بالنظافة الشخصية، وإطلاق السباب البذيء الذي لا يليق بأطفال في مثل هذا السن، وترديد كلمات وشعارات طائفية مليئة بالحقد والكراهية والشوق للموت والقتال، يقول لأأحد الأهالي:(اضطررت لتسجيل ابني في مدرسة حكومية بسبب صعوبة الظروف، ولكن منذ دخول ابني للمدرسة هذا العام، بدأنا في البيت نشعر بتغييرات على سلوك الولد وأصبحت الطفولة تنسحب من سلوكه وملامحه تدريجيا، ومرة سمعته يسب ابن الجيران بكلام أنا نفسي استحي من قوله، ولما سألته من أين تعلمت هذه المصطلحات؟ أجابني: من المدرسة).
.
ووفقا لعلم النفس، كما قال أستاذ علم النفس السابق بجامعة تعز الدكتور رياض الشرجبي لموقع :”الوعل اليمني “، فإن “الحوثيين يعملون على إحداث اضطرابات في عقول الأطفال، سواءً من خلال البيئة الدراسية غير الصحية أو المناهج الطائفية المحرفة، وهو ما يتسبب في تغييرات سلوكية عنيفة عند الأطفال فيتحول الطفل من الكائن اللطيف والمؤدب والبريء إلى كيان مليء بالكراهية متسخ المظهر وبذيء اللسان.”
ويضيف الشرجبي: (إن الأثر النفسي الذي يسببه الجو المشحون وغير الملائم في المدرسة كبير جدا وخطير الأثر في المستقبل ويجعل الطفل عدوانيا ضد المجتمع وحين يكبر تكبر عداوته للمجتمع معه).
عبوات دراسية
وتأتي جريمة مدرسة القليس في بني مطر، كنتيجة طبيعية للانتهاكات الحوثية بحق التعليم والطفولة، حيث كشفت مصادر محلية عن إصابة 34 طالباً من الصف الأول الأساسي في مدرسة القليس بمديرية بني مطر بمحافظة صنعاء، جراء انفجار عبوة ناسفة، وبحسب المصادر فإن الانفجار حدث اثناء دورة تدريبية نظمتها جماعة الحوثي تحت مسمى “دورة طوفان الأقصى”، التي استهدفت تجنيد الأطفال في أنشطة عسكرية وتحويلهم إلى مقاتلين، ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن المدرسة تَستخدمها جماعة الحوثي كمقر لها وتقوم بتخزين الأسلحة في المخازن الخاصة بالمدرسة.
من جانبه، قال الناشط الحقوقي “عز الدين الشرفي” إن وسائل الإعلام التابعة للحوثيين حاولت التنصل من هذه الجريمة النكراء من خلال الادعاء أن الانفجار سببه مقذوف من مخلفات الحرب، ووجهت الاتهامات لما أسمته “العدوان السعودي الأمريكي”. ولكن، يبقى السؤال الأهم: من يتحمل مسؤولية تعريض الأطفال لمثل هذه المخاطر من الأساس؟
جند الله
وبخصوص إلحاق الأطفال في الدورات العسكرية ورميهم في الجبهات، يضيف الشرفي لموقع “الوعل اليمني” قائلا: “منذ انقلاب الحوثيين في 2014، سعت هذه الجماعة بأوامر إيرانية لتجنيد الأطفال دون سن 18 عامًا، وتنفيرهم من المدراس واستخدامهم في الحروب، واختارت الجماعة الانقلابية تسمية “جند الله” للطلاب الصغار في المدارس، الأمر الذي جعل هؤلاء الأطفال لا يعرفون شيئا عن طفولتهم، ووجدوا الأسلحة أمامهم في الفصول الدراسية مصحوبة بآلاف الزوامل والمحاضرات والفعاليات التي تخبرهم بأنهم خلقوا للموت في سبيل الله، عن طريق نصرة بيت الحوثي والقتال معه، وأن أهل البيت عاشوا آلاف السنين مضطهدين وحقهم المزعوم في الحكم مختطف، وغيرها من الخرافات التي تٌلقَّنُ لأطفال لم يبلغوا بعدُ سن العاشرة. وهذه الأساليب هي ما مكنت الجماعة من استقطاب ما يزيد عن مليون طفل يمني إلى مراكزها ودوراتها الطائفية، والزج بهم إلى محارق الموت، ليكونوا وقودًا لحربها العبثية.”
رتب عسكرية ونياشين
إلى ذلك، قالت منظمة “ميون” لحقوق الإنسان، إن المنظمة وثقت تجنيد الحوثيين 2209 أطفالٍ من المدارس واستخدمتهم بشكل مباشر في النزاع بنسبة (%98.9)، وأكدت المنظمة مقتل (1,309) أطفالٍ منهم، وإصابة وتشويه (351) طفلاً، من إجمالي الحالات المجندة في صفوف جماعة الحوثي، وأوضحت” ميون” بأن جماعة الحوثي منحت رتبا عسكرية ما بين ضابط وضابط صف لـ (556) طفلًا قتلوا في صفوفها ومنحت (753) طفلًا قتيلا صفة جنود في كشوفاتها الرسمية، مشيرة إلى أن الغرض من هذه الأعمال هو إغراء الأطفال بهذه الرتب الوهمية بهدف استقطابهم للتجنيد.
يُذكر أن مليشيا الحوثي تعمل منذ سيطرتها على مفاصل الدولة على استهداف فئة الأطفال واستقطابهم تحت مسميات متعددة أبرزها عسكرة المدراس ودس أكثر من ٣٤ فعالية طائفية ضمن العام الدراسي، إلى جانب المخيمات الصيفية والدورات الثقافية والقتالية التي تنظمها المليشيا، بالإضافة إلى تغيير المناهج الدراسية بمناطق سيطرتها.