حقيقة مقتل نصر الله!
بقلم :صدام الحريبي
مقتل حسن نصر الله أمين عام حزب الله اللبناني جاء بعد أقل من أسبوع لزيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان للولايات المتحدة الأمريكية تحت مبرّر المشاركة في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث صرّح الرئيس الإيراني للإعلام بأن إيران والأمريكان أصدقاء بحسب وسائل إعلامية.
ولذلك حقيقة أن إيران سلّمت رأس حسن نصر الله وحزبه للأمريكان والصها..ينة أمر مفروغ منه، وإن كانت إيران تمتلك ذرة من احترام لحلفائها فستعمل الآتي: ستطلب من الأمريكان أنها ستبلغ حسن نصر الله بخطة استهدافه، وستتفق معه على الغياب تماما عن المشهد والذهاب لأي دولة وتغيير هيئته واستمراره بالعيش بهوية أخرى، ولا يُستبعد ذلك، أما فكرة بقائه فقد كانت شبه مستحيلة لأن الهصا..ينة قد اتخذوا القرار، وأمريكا ستنفذه رغم أنف إيران.
كنتُ قبل أيام قد كتبتُ مقالا بعنون “مُشاجرة أولاد أمريكا”، إلا أن الانشغال منعني من نشره، حيث كنتُ قد وضّحتُ فيه أن إيران وإسرائيل هما أبناء أمريكا في المنطقة، وأن إسرائيل وصلت إلى مرحلة متقدمة من الغِيرة والغضب من إيران، إلا أنها كانت تُراعي أمريكا في عدم مواجهة أذرعها، لكن الحال بلغ منتهاه وأصرّ الصها..ينة على مواجهة إيران، لكن أمريكا اشترطت عدم المساس بإيران مباشرة، وإنما بالإمكان التخلّص من أحد أذرعها الذي ستوافق عليه هي بالتشاور مع إيران، وكان حزب الله هو الضحية، كونه أصبح ضعيفا ولم تعد أمريكا ولا إيران تستفيدا منه كالسابق، وقد تم تقديمه كضحية لصالح القوة الناشئة التي سنتطرح لها في هذا التحليل.
فصراع إيران ودولة الاحتلال بدا واضحا مؤخرا ليس من أجل القدس وفلسطين كما يتم خداعنا وهذا أمر بديهي، بل من أجل المصالح والنفوذ، أما صراع إيران وأمريكا، فما زال الوقت مبكرا لأن تنتزع إيران نفسها من عبأة الأمريكان وهي تُدرك ذلك تمام الإدراك أكثر من بعض “المهرّجين” الذين يحاولون إقناعنا أن إيران لا تُقدّم أعتى الخدمات للأمريكان وحلفائهم في الشرق الأوسط وخصوصا الدول العربية والإسلامية، وهذا لا يعني أن إيران ليس لديها طموح مستقل، وإنما حاليا تُدرك أن الخروج من عبأة الأمريكان وحلفائهم هو انتحار وموت محقّق وليس له أي مبرّر.
الأحداث الأخيرة كشفت للعالم خصوصا المسلمين والعرب هشاشة إيران وأذرعها في المنطقة، واكتشفنا كمسلمين وعرب أن هناك من يخوّفنا بإيران وعملائها بالمنطقة مجرّد تخويف فقط وهي أمريكا وأذرعها، لكن الأحداث كشفت الجميع.
فقد كان الحدث الأول الذي كشف خداع إبران وهشاشتها هو سقوط طائرة الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي وعدم العثور عليها، إلى أن عثر عليها الأتراك الذين تحدّث عنهم نصر الله سابقا بأنهم أضعف من أن يواجهوا إيران، ثم الحدث الثاني وهو استشهاد القائد البطل اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وسط طهران، ثم الحدث الثالث تفجير الاتصالات العسكرية لحزب الله ذراع إيران الأقوى في المنطقة سابقا، ثم قتل زعيم حزب الله الذي قال ذات مرّة أنه لا الصها..ينة ولا غيرهم قادرون على اختراق حزبه تكنولوجيا أو غيره، ولذلك انكشف ضعف إيران الذي كانت أمريكا والغرب تتخذه فزّاعة ضد الأنظمة العربية والإسلامية.
حاليا انكشفت الأمور على حقيقتها وعلى الجميع استثمار الفرصة، فقد اتّضح ضعف إيران وهشاشتها وأنها دولة لا تستطيع فعل شيء سوى قتل ضعفاء المسلمين والعرب بمساعدة أمريكا والغرب فقط، وهذا ليس افتراء، بل حقيقة، فالأمريكان وأحذيتهم مثلا هم من أدخلوا الحوثي اليمن وهم من أحيوه أكثر من مرة بعد أن كان الجيش اليمني قد أصابه في مقتل محقّق، وإيران تحفي ضعفها من خلال ضعفنا الذي يجب أن نتخلّى عنه ويتحوّل إلى قوة.
الآثار المترتّبة على اليمن:
بعد أن تورّط حزب الله في قتل السوريين واللبنانيين وغيرهم بطريقة بشعة وكشف حقيقته، وبعد أن اكتشف المسلمون والعرب بأن تواجد حزب الله في الحدود مع الكيان المحتل لا يؤثر إطلاقا على الصها..ينة، أصبح لا فائدة منه ولا من الجغرافيا التي يتواجد فيها، ومع بروز قوّة جديدة ناشئة تمتلك مميّزات لا يمتكلها لبنان ولا حزب الله من وجهة نظر إيران، كانت هذه القوة الناشئة متمثلة بجماعة الحوثي هي المناسبة، فهذه الجماعة لا يعرفها أحد غير اليمنيين، ويبدو أنها أكثر طاعة لإيران من غيرها، خصوصا أنها في البداية ولا تمتلك أي حاضنة إطلاقا، بالإضافة إلى أنها تتواجد في جغرافيا لا يمتلكها لبنان، فاليمن الذي يتواجد فيه الحوثي يطل على مضيق باب المندب والبحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن، بالإضافة إلى أنه يتحكّم بطرق التجارة البحرية ما بين الشرق والغرب، وكذا يربط القارتين آسيا وأفريقيا عبر البحر، أضف إلى ذلك الكثافة البشرية الموجودة في اليمن.
هذه المميزّات قد تكون جعلت إيران تعجّل في الموافقة على صفقة انتهاء دور حسن نصر الله إرضاء لكبرياء الصها…ينة الذين يحاولون بشراسة تعويض هزيمتهم وتحسين صورتهم وسمعتهم التي خدشتها حركة حما…س المقاوِمة الحقيقية، مقابل عدم التعرّض أو المساس بجماعة الحوثي، وهذا ما ضمنته أمريكا، بل وما تريده، فواشنطن هي أكثر من يحافظ على بالحوثي وتواجده في اليمن لأجل مصالحها مع السعودية، فهي ترى الرياض تسابق الزمن في الدخول في شراكات استراتيجية مع دول الشرق كالصين، وهذا لم يعجبها وهي واشنطن التي تريد إبقاء الحوثي من أجل ابتزاز الرياض به، لكن من المفترض أن تكون الأمور من الماضي خصوصا أن حقيقة إيران الكرتونية قد اتّضحت، والحل هو في دعم اليمنيين في التخلّص من الانقلاب الحوثي، خصوصا وأن إيران والعالم ما زالوا منشغلين ومربوكين، والحوثي ما زال هشّا وخائفا بالتزامن مع دعوات للثورة والانتفاضة ضده منذ ذكرى ثورة ٢٦ سبتمبر، وهذا توقّع واحتمال وقد ذكرناه من أجل التركيز على الاحتمالية الكبيرة لوقوعه والتحرّك من أجل إيقافه.
الخلاصة:
انكشفت إيران الضعيفة وأن قوتها كانت قوة كلامية يروّج لها الغرب من أجل إخافة الأنظمة والشعوب العربية، والأمر الآخر أن إيران والأمريكان يعملون حاليا على إبراز الحوثي كبديل لحزب الله كما يبدو، إلا أن ذلك يحتاج إلى وقت، فما زال الحوثي ليس قويا خصوصا بعد انكشاف قوة إيران الزائفة ومقتل أبرز أتباعها غي المنطقة، وكذلك لن تتحرّك أمريكا تجاه ذلك بقوة حاليا كون الانتخابات على الأبواب، بالإضافة إلى أن جماعة الحوثي تعيش حاليا أشد الأيام رعبا وخوفا بسبب التحركات الشعبية ضدها، وهذا يستدعي تحرّك الشرعية وحلفائها بجدية غير مسبوقة ومنقطعة النظير، فالحوثي إن تمكّن لا سمح الله، فيمارس مع دول المنطقة ودول الجوار أسوأ مما مارسه حزب الله في سوريا وغيرها.