مقالات
أخر الأخبار

حينما تنتصر الأفكار الصادقة .. ثقافة الحرب الإعلامية

لا شك أن وسائل التواصل الإعلامية أثرت في كثير من النواحي، خصوصاً الناحية الإعلامية، فبعدما كان التأثير الطاغي بالصوت إذاعياً ثم بالصورة تلفازياً، أضحى التأثير الآن بالتواصل الإعلامي عن طريق تلك الوسائل الإعلامية، التي فتحت المجال أمام الجميع ليدلي بدلوه. وخير دليل على التأثير الثقافي لوسائل التواصل الاجتماعي ما نقلته حول أحداث غزة وحربها الأخيرة، فكان هذا التأثير الواسع الذي حرك الأرض كلها نحو القضية الأم قضية العرب والمسلمين.

وفي هذا نقول حققت عملية طوفان الأقصى انتصارات عدة على أكثر من صعيد، فرغم الألم الذي يعتصر قلوب المخلصين من جميع البشر، باستثناء من طبيعتهم وحشية في مناصرة العدو المعروف للجميع، ورغم كثرة المآسي والمصائب التي حاقت بأهلنا في غزة العزة، فإنه يحق لنا أن نفخر بهؤلاء الذين أعجزوا العدو الصهيوني بعدما مرغوا أنفه، وكبدوه الخسائر تلو الخسائر في أرض المعركة، فحق لأهل فلسطين خصوصاً، ولجميع مسلمي العالم الأحرار عموماً، أن يفخروا بتلك المعركة المظفرة التي أعادت القضية من جديد وبعثتها من ركامها، فهبت الأرض كل الأرض قاطبة مناصرة لها، حتى وجدنا المناصرين من كل الأجناس والنحل والملل وكل الشعوب الحرة الأبية بعيداً عن مواقف سياسيي بلادهم المناصرة للعدو الصهيوني.

طوفان الأقصى مايزت بين الحق والباطل، فانتصرت رواية الصدق الإعلامي على رواية التلفيق الصهيوأميركي، ولأن ما خرج من القلب يصل إلى القلب، صدق العالم الحر الأبي صوت الصدق.

«طوفان الأقصى» حققت لأهل غزة العزة والكرامة، وكسرت أنوف الصهاينة فاندحروا صاغرين نازلين على شروط المقاومة رغماً عنهم.

«طوفان الأقصى» أيقظت الأمة من سباتها فتعاطف الجميع معها وتأثر الجميع بثبات أهل غزة العزة، فجاءت الانتصارات تلو الانتصارات، فوجدنا من يستغرب ثباتهم، حتى أن بعض المؤثرين إعلامياً ذهبوا ليقرأوا عن الإسلام فأصبحوا اليوم مسلمين.

«طوفان الأقصى» علمت العالم أن المسلم المجاهد ليس قاطع رؤوس، كما صنعته مخابرات دول كبرى في صورة «داعش»، تلك اللعبة المخابراتية القميئة، بل حامل سلام لكل من سالمه، وتجلى ذلك في مشاهد تسليم الأسرى من الصهاينة كيف كانوا يودعون رجال المقاومة بنظرات امتنان شاهدها كل العالم، وعلى النقيض فضح هذا المشهد العدو، الذي تعنت وتجاوز كل الأخلاقيات، فسحل وضرب ومنع الأسرى المحررين من الفلسطينيين أن يحتفلوا أو أن يظهروا بمظهر المنتصر.

«طوفان الأقصى» حق لها أن تدرّس في الجامعات المرموقة والأكاديميات الرفيعة، فقد طرحت أطروحات جديدة، أطروحة أن القوة الغاشمة لا تستطيع سلب الأفكار الصادقة القوية، بل الأفكار الصادقة القوية هي التي تطغى وتنتصر في نهاية المطاف. حق للشعوب أن تغبط المقاومة بتلك الحاضنة الشعبية، وكذلك تغبط الحاضنة الشعبية بتلك المقاومة. فقد بدأت من الحجارة مروراً بالصواريخ البدائية، التي سخر منها بعضهم وسماها بالعبثية، وانتهاء بالصواريخ المتطورة.

ختاماً، انتصرت غزة، فعلمتنا أن أهل فلسطين هم فقط الأحرار، وأن كل من سواها محتل ويريد أن يتحرر.. فأنى السبيل إلى ذلك؟!.. الإجابة عن هذا السؤال عند الشعوب.

*وائل صلاح الدين – القبس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى