الأخبار
أخر الأخبار

خرائط غوغل تعيد تشكيل الضفة رقميا.. تغييب مناطق (ج) وشرق القدس يثير مخاوف حقوقية

فلسطين– متابعة الوعل اليمني

أثار تحديث جديد أجرته شركة «غوغل» على خدمة الخرائط الرقمية جدلًا واسعًا، بعد أن غيّر طريقة تمثيل الضفة الغربية بصريًا، عبر إظهار منطقتي (أ) و(ب) فقط، مقابل غياب التمثيل الواضح لمناطق (ج) التي تشكّل نحو 61% من مساحة الضفة الغربية، إضافة إلى استثناء منطقة شرق القدس، المعروفة بمخطط (E1)، من النطاق الجغرافي الظاهر.

وبحسب رصد مؤسسات حقوقية رقمية، فإن التحديث لا يقتصر على تعديل تقني في الطبقات الجغرافية، بل ينعكس مباشرة على الكيفية التي يدرك بها المستخدمون الواقع المكاني والسياسي للضفة الغربية، لا سيما أن خرائط «غوغل» تُعد مرجعًا أساسيًا للملايين حول العالم في مجالات الحركة والبحث والتعليم وتوثيق المعلومات.

وأوضحت نداء بسومي، المنسقة الإعلامية في مركز «صدى سوشال»، في تصريحات صحفية، أن ما جرى «لا يمكن فصله عن السياق السياسي»، معتبرة أن «التحديث يعكس محاولة لإعادة رسم الواقع الجغرافي للضفة الغربية رقميًا بما ينسجم مع السردية الإسرائيلية». وأشارت إلى أن حصر التمثيل بمناطق (أ) و(ب) يوحي، من الناحية البصرية، وكأن مناطق (ج) غير موجودة، رغم كونها النسبة الأكبر من مساحة الضفة.

وأضافت بسومي أن استبعاد منطقة شرق القدس أو (E1) يمثل خطورة مضاعفة، خاصة أنه يتزامن مع مصادقة إسرائيل قبل أشهر على مخططات استيطانية في المنطقة، موضحة أن «التوقيت يحمل دلالة سياسية واضحة، ويعزز مخاوف تحويل الضفة الغربية إلى كانتونات منفصلة ومعزولة».

وحذرت بسومي من تداعيات مهنية وإعلامية خطيرة، مشيرة إلى أنه في حال وقوع انتهاكات أو جرائم بحق فلسطينيين في مناطق (ج)، فإن مستخدمًا أو صحفيًا أجنبيًا قد يعتقد استنادًا إلى خرائط «غوغل» أن الحادثة وقعت داخل حدود «إسرائيل»، ما قد يؤثر على طريقة فهم الحدث وتغطيته وتبريره دوليًا.

وفي بيان رسمي، أكد مركز «صدى سوشال» أن التحديث «يقدّم صورة جغرافية غير مكتملة للمستخدمين، بما ينعكس سلبًا على دقة الفهم المكاني للضفة الغربية»، لافتًا إلى أن المنصات الرقمية واسعة الانتشار تلعب دورًا محوريًا في تشكيل الوعي الجمعي حول الحدود والواقع الجغرافي، وأن أي تغيير في هذا التمثيل، حتى لو وُصف بأنه تقني، قد تترتب عليه آثار معرفية وحقوقية بعيدة المدى.

وأشار المركز إلى أن هذه الخطوة تأتي في سياق أوسع من علاقات التعاون بين شركات تكنولوجيا كبرى والحكومة الإسرائيلية، مذكّرًا بعقود إعلانية ومشاريع بنية تحتية رقمية سابقة أثارت انتقادات حقوقية، لارتباطها بتلميع الرواية الإسرائيلية أو بدعم أنظمة رقمية تُستخدم في مراقبة الفلسطينيين.

وشدد «صدى سوشال» على ضرورة التزام شركات التكنولوجيا العالمية بمبادئ الدقة والشفافية وعدم الإضرار، خاصة عند التعامل مع مناطق تخضع لاحتلال أو نزاع سياسي وأمني معقّد، مؤكدًا استمرار المركز في متابعة ورصد أثر التحديثات الرقمية على الحقوق المعرفية وحق المستخدمين في الوصول إلى معلومات دقيقة، ضمن عمله البحثي والتوثيقي في مجال الحقوق الرقمية.

ويعيد هذا الجدل تسليط الضوء على الدور المتنامي للخرائط والمنصات الرقمية في الصراعات الحديثة، حيث لم تعد السيطرة على الأرض وحدها محل نزاع، بل بات التمثيل الرقمي للجغرافيا جزءًا من معركة السردية والوعي العالمي.

زر الذهاب إلى الأعلى