بقي الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول داخل مقر إقامته لليوم الثالث على التوالي متحديا مساعي الشرطة لاعتقاله واستجوابه.
ومنذ يوم الثلاثاء، تحاول قوة من الشرطة الكورية الجنوبية في العاصمة سول إلقاء القبض على الرئيس المعزول بعد أن أصدرت محكمة أمرا باعتقال الرئيس لاستجوابه، على خلفية إعلانه الأحكام العرفية في البلاد مطلع ديسمبر/كانون الأول من العام الفائت، وهو ما أدى لعزله من قبل البرلمان.
وجاء هذا الأمر بعدما رفض يون الاستجابة لعدة طلبات للمثول للاستجواب ورفض السماح بتفتيش مكتبه، وهو ما أعاق التحقيق في ما إذا كانت محاولته القصيرة للاستحواذ على السلطة في 3 ديسمبر/ كانون الأول الماضي تُعتبر تمرداً.
وتصدى الحرس الرئاسي لمحاولة الشرطة اعتقال الرئيس المعزول، كما تجمّع مئات من مؤيدي الرئيس حول مقرّ إقامته لمنع إلقاء القبض عليه.
وأشار أوه دونغ-وون، كبير المدعين في وكالة مكافحة الفساد، إلى أنه قد يتم نشر قوات الشرطة إذا قاومت خدمة الأمن الخاصة بيون محاولة التوقيف، وهو ما قد يحدث في أقرب وقت اليوم الخميس. لكن لا يزال غير واضح ما إذا كان يمكن إجبار يون على الخضوع للاستجواب.
وبحسب بيان تم توزيعه على المحتجين المؤيدين للرئيس المعزول، قال يون سوك يول “أتعهد بالقتال إلى جانبكم لحماية هذه الأمة”، وإن “جمهورية كوريا في خطر حاليا بسبب القوى الداخلية والخارجية التي تهدد سيادتها، ونشاطات العناصر المناهضة للدولة”، وفق تعبيره.
وقال الحزب الديمقراطي المعارض، الذي يتمتع بالغالبية المهيمنة في البرلمان وقاد عملية عزل يون في الـ14 من ديسمبر 2024، إن الرسالة أثبتت أن يون يعيش في الوهم ولا يزال مصراً على استكمال “تمرده”.
وقال المتحدث باسم الحزب جو سيونج لاي في بيان، “بما أن محاولته إثارة التمرد لم تكن كافية، يحرض أنصاره الآن على الدخول في صدام”.
من جانبهم، حذر محققون في كوريا الجنوبية من عرقلة تنفيذ مذكرة التوقيف الصادرة بحق الرئيس المعزول، وقالوا إن المذكرة ستنفذ “ضمن المهلة المحددة”، التي تنتهي صباح الاثنين المقبل.
وقال رئيس مكتب تحقيقات فساد كبار الشخصيات أوه دونغ وون إنهم يفضلون أن يكون تنفيذ المذكرة “سلسا دون اضطرابات كبيرة”.
بدوره، قال كاب كيون محامي الرئيس المعزول إن “مذكرة الاعتقال الصادرة بحق الرئيس المعزول باطلة”، لأن “مكتب التحقيق في فساد المسؤولين رفيعي المستوى لا يتمتع بسلطة طلب إصدار مذكرة اعتقال بموجب القانون” بحسب تعبيره.
وأضاف أن الفريق القانوني للرئيس سيتقدم بطلب إلى المحكمة الدستورية لوقف أمر الاعتقال.
وأمس الأربعاء، قدم كبار معاوني رئيس كوريا الجنوبية استقالتهم الجماعية بعد يوم من تعبير مكتب يون عن أسفه لموافقة القائم بأعمال الرئيس تشوي سانغ-موك على تعيين قاضيين جديدين في المحكمة التي من المقرر أن تبت في مسألة عزل يون.
وقال مكتب يون، في بيان، إنّ مدير المكتب ورئيس السياسات ومستشار الأمن القومي والمستشار الخاص للشؤون الخارجية والأمن، فضلاً عن جميع كبار الأمناء الآخرين، تقدّموا باستقالاتهم، دون الخوض في التفاصيل.
وذكر مكتب تشوي أن القائم بأعمال الرئيس لن يقبل استقالاتهم لأن الأولوية الآن هي التركيز على تحسين الاقتصاد وإرساء الاستقرار في شؤون الدولة.
وهذه هي المرة الأولى في تاريخ كوريا الجنوبية التي يتم فيها اتخاذ مثل هذه الإجراءات القانونية بحق رئيس خلال ولايته، إذ لا يزال يون سوك يول في منصبه رسميا بانتظار بت المحكمة الدستورية في قرار عزله من قبل البرلمان في 14 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ورفض يون (64 عاما) -الذي شغل منصب المدعي العام سابقا- 3 مرات المثول أمام المحققين لاستجوابه، مما أدى إلى طلب إصدار مذكرة الاعتقال بحقه الاثنين.
وفي الثالث من ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلن يون الأحكام العرفية بصورة مفاجئة، لكنه تراجع عنها بعد 6 ساعات فقط تحت ضغط البرلمان والاحتجاجات الشعبية. وقدم اعتذاره للشعب عن القرار قائلا “أعتذر مرة أخرى وأؤكد ولائي المطلق للشعب”، لكنه شدد على تحمله “كل التبعات القانونية والسياسية لهذا القرار”.
وتم تعليق صلاحيات وواجبات الرئيس فور تسليم وثيقة العزل إليه، وإلى المحكمة الدستورية، وأُبعد عن مهامه بموجب القرار حتى تقر المحكمة الدستورية قرار العزل أو تعيده إلى منصبه.
وأقرت محكمة أول من أمس الثلاثاء مذكرة لاعتقال يون، وهو ما قد يجعله أول رئيس في السلطة يُعتقل في إطار تحقيقات معه في شأن اتهامات تدبير تمرد من خلال محاولة فرض الأحكام العرفية.
والتمرد من التهم الجنائية القليلة التي لا يتمتع فيها رئيس كوريا الجنوبية بحصانة.
وأمام مكتب التحقيق في فساد كبار المسؤولين مهلة حتى السادس من يناير (كانون الثاني) الجاري لتنفيذ مذكرة الاعتقال.
ولم يتضح بعد متى أو كيف سيعتقله المكتب وإذا ما كانت أجهزة الأمن الرئاسية، التي منعت محققين معهم إذن بالتفتيش من دخول مكتب يون ومقر إقامته الرسمي، ستحاول منع محاولة الاعتقال.
وتولى وزير المالية تشوي سانغ موك منصب القائم بأعمال رئيس الجمهورية، ليجد نفسه مباشرة أمام كارثة تحطم طائرة خطوط “جيجو” الجوية الذي أسفر عن سقوط 179 قتيلا.