ثقافة وفكر
أخر الأخبار

رحلة مع أبرز مفاهيم الفلسفة الوجودية

 إن الفلسفة غير معنية بالوضوح أو بتقديم أي إجابات واضحة عن الإنسان والعالم. هناك مقاربات وتيارات فلسفية هي أشبه بلعبة المسائل العقلية أو المبارزات الذهنية؛ هذا ما قامت عليه بعض الأنساق الفلسفية الكبيرة، فكل نظام فلسفي مهما اقترب من العلم ومنهجيته في تفسير العالم والإنسان، إلا أنه لا يمكن أن يتمخض عن ولادة مقولة فلسفية موحدة بإمكانها أن تمسك بجوهر الوجود، وينطبق هذا أيضا ًعلى العلم ونظرياته.

إن الوجودية هي صرخة احتجاج وتمرد ضد كل الأنساق والنظم الفلسفية أمام معاناة الكائن وعذاباته. فالألم يتخذ أكثر الأشكال حقيقة من أي بنية معرفية في هذا العالم ليصبح في كل مرة مفتاحاً لفهم الوجود، وتجلياً ميتافيزيقيا للكينونة. تسمى الفلسفة الوجودية أيضاً بفلسفات الوجود، وقد يكون هذا المصطلح أكثر دقة وعلمية في تناولنا لمقولات الوجود. لأن هناك عدداً من الفلاسفة كهايدغر وياسبرز لم يرغبوا بأن يطلَق عليهم اسم فلاسفة وجوديين. لقد هاجم هايدغر في عدد من محاضراته النظرية المدعوة باسم الفلسفة الوجودية، وكان يرغب بأن يُسمَّى فيلسوف الكينونة، لأنه كان يعتقد أننا نستطيع أن نصل إلى الكينونة عن طريق وجودنا. أما ياسبرز فقد كتب أن الفلسفة الوجودية هي موت فلسفة الوجود. لكن من ناحية أخرى نرى أن هناك فلاسفة مثل سارتر وميرلوبونتي وغابرييل مارسيل يتقبلون لقب فلاسفة وجوديين. إن فلسفات الوجود برمتها مقياسها الإنسان الذي يوجد أولاً ثم يريد أن يكون، وهي جهد حثيث ودائم لإدراك الطبيعة الإنسانية ضمن حدود إنسانية، أو تفسير الإنسان بالاستقلال عن المقولات العلمية الخالصة أو الدينية الخالصة، لذلك فهي فلسفات تنكر الماهية ما عدا فلسفة هايدغر التي توحد بين الوجود والماهية. في الوقت نفسه لا ينبغي لنا أن نتصور فلسفات الوجود على أنها سلسلة من التيارات والمذاهب الفلسفية، لأنها لا تضع حاجزاً بين الذات والموضوع وتشترك في الإنسان الذي يخلق ماهيته في عالم عبثي وبلا معنى، فالإنسان هو الذي يضع وجوده موضع السؤال، بل والذي يتصرف به ويقامر به ويعرضه للخطر. ففي الوقت الذي يعرّض فيه الفرد نفسه بنفسه للخطر، وكأنه في مغامرة قصوى، يصبح العالم بأسره متضمَّناً في كل سؤال فلسفي يُطرَح. (1)

تختلف الفلسفة الوجودية عن باقي الفلسفات بأنها تستمد أصولها من جذور غير فلسفية، أو ليست أصولاً فلسفية خالصة، كما أن حركتها غير محصورة في المجال الفلسفي، والتفكير الوجودي هو تفكير يتجاوز حقل الفلسفة الخالص. هناك أيضا ًتأمل الشخصيات العظيمة وحياتهم؛ كسقراط وكيركيغورد ونيتشه. (2)

فحياة هؤلاء لم تكن تنفصل عن تفكيرهم، ومن خلال هذا التأمل للذاتية عند الفرد يصبح الفكر هو الوجود.

يحدد كيركيغورد الوجود بأنه القدرة على التفكير، بقدر ما يمكن لهذا التفكير أن يخضع للتحديد، فالوجود يضع ذاته في نفس الوقت الذي يبدأ به التفكير. ونستطيع أن نقول أيضاً إن الفكر الوجودي هو تأمل، وليس صحيحاً أن يخنق التأمل الأصالة، بل يمكن له أن يشحذها ويغذيها. (3)

وعليه فإن الطابع التأملي الديني أو الأدبي الذي انبثقت منه الوجودية لا يعني أنها لا تمتلك مقولات أو تعريفات تتقارب وتتقاطع في كثير من مفاهيمها ودلالاتها. في هذا التمهيد سنحاول تسليط الضوء باختصار على بعض المقولات لتسهيل الأمر على بعض الدارسين والمهتمين بهذا الحقل الفلسفي.

الكينونة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يشير مصطلح الكينونة إلى الوجود الإنساني وصيرورته الزمانية في هذا العالم. إلى طريقة الوجود المتجسدة في نواحي الحياة المختلفة، كالشعور، والتفكير، والعمل، والاختيار. إن الإنسان موجود بصورة جوهرية في العالم، وهو منفتح عليه بوعيه وشعوره، وفي علاقة مع ذاته ومع الآخرين ومع الله. الوجود هو انفصال بصورة دائمة عن الذات، وأن نكون يعني أن نوجد دائما ًخارج ذواتنا. إن الوجود الإنساني هو نزوع دائم نحو الكينونة؛ فالإنسان ليس ما يكونه الآن، بل ما سيكونه غدا ًوفي المستقبل البعيد، لذلك فالكينونة دائمة الفرار، وهي تتخذ مظهر اللاشكل في كل نمط من أنماط الوجود عند الإنسان. لا يوجد ثبات للكينونة ولا فكرة محددة تبني عناصرها، ومن هنا تدخل فكرة الزمان إلى الكينونة لتصبح الكينونة هي الزمان كما يرى هايدغر. تناهي الكينونة يحتم عليها أن تدخل في الرعب والقلق الوجودي عند تفكيرها بالموت أو العدم. إن مفاهيم  كالممكن، والمشروع، والموقف، والاختيار، والحرية هي ملامح لتشكل الكينونة عند الإنسان أو فرارها منه. فالكينونة حضور وغياب؛ تظهر وتختفي في الوقت نفسه. إن هذه الصور لتصدع الكينونة وتشكلها لا يمكن أن ترشدنا إلى تعريف أنطولوجي معين للكينونة، وهذا ما نجده عند هايدغر وسارتر وياسبرز.

ومن هنا نجد فكرة الكينونة في هذه الفلسفات كشيء لا يمكن البرهان عليه. يقول غابرييل مارسيل: ” إن الكينونة قبل أي شيء آخر هي ما لا يمكن تحويله، إنها ما لا يمكن لنا أن نصل إليه، وما ينبغي لنا أن نبدأ منه بالضرورة”. (4)

أما بالنسبة لكيركيغورد فنحن لا نجد هذا التفكك في الكينونة، لأن الكينونة عند كيركيغورد هي دائماً كينونة تعلو على الإنسان، والكينونة هي أن يكون الفرد أمام الآخر المطلق أو الله الذي يكون محور تفكيرنا وانبهارنا، وفي الوقت نفسه لا تدركه الحواس ولا يستطيع الفكر أن ينفذ فيه. أي أن الله هو العلو، والفرد لا يمكن أن يكون أمام الله إلا بشعوره بالنقص أو الخطيئة.

بما أن فلسفات الوجود تركز على الكينونة والذاتية وتحاول أن تسبر أغوارهما، فلا يمكننا أن نفهم الكينونة دون اتصالها وعلاقتها بمفاهيم ذاتية أخرى كالقلق والعدم والحرية والعلو.

العدم

ـــــــــــــــــــــــــــ

عندما نتكلم عن العدم فنحن حتما ًلا نقصد به العدم المحض، هذا المفهوم التجريدي الذي لا يمكن أن يتصوره العقل أو تدركه الحواس، لأن العقل مجبول على مقولتَي الزمان والمكان كما يرى كانط، وكل تصور يتطلب تجسيداً ماديا ًوامتلاءً في المكان مهما بلغ التصور من صفة شديدة في التجريد.

يُقصد بالعدم الغياب الجزئي أو الكلي للكائنات والأشياء من حولنا، فالعدم موجود في الواقع وفي حياتنا لأن هناك نفياً دائماً في جوهر الأشياء والكائنات المحيطة بنا. فالشر مثلاً هو غياب الخير أو عدم وجود الخير، والليل هو غياب النهار أو عدم وجوده؛ كما يذهب في ذلك مارتن هايدغر. هذه الضروب النسبية من العدم ترتبط بكل شيء يمكن نفيه في الواقع، الأشخاص والأشياء والذاكرة والزمن. إن العدم يتضمن كل أشكال النفي والاستلاب، وحتى مشاعر اليأس والقلق والإحباط هي أشكال من العدم. والعدم يدخل في دوامة الاختيارات التي تفرضها الحرية على الإنسان، فكل اختيار يتضمن النبذ؛ نبذ الممكنات المتاحة في الاختيارات الأخرى، هكذا يتسلل العدم كثغرة في وجودنا، وتجعلنا الاختيارات التي تتأرجح بين الكينونة والعدم نُصاب بدوار يسميه كيركيغورد دوار الحرية. العدم هو السلب المحرك للوجود والنقص الدائم الذي يعتري الكائنات والأشياء والبشر. العدم هو كالوجود تماماً لا يمكننا أن ننفيه أو نتجرد منه.

 يتجسد العدم أيضاً في الخيال والذاكرة وفي الوعي والإدراك؛ هذا ما جاء به سارتر في كتابه  الشهير الكينونة والعدم، فالإنسان هو الذي يأتي بالعدم إلى هذا العالم من خلال نفي الواقع وإعدامه، ومن خلال قصدية الشعور يتجه الوعي نحو الشيء المقصود ليتخذ شكل الصورة ويصبح هو الأساس في الوجود، أما بقية الأشياء ستتلاشى وتسقط جميعها في العدم.

القلق والحرية والعلو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يعتبر مفهوم القلق من المفاهيم الرئيسة في فلسفات الوجود، وهو يرتبط ارتباطا ًوثيقاً بالعدم والحرية. والقلق الوجودي هو انفعال تعي فيه الكينونة أصالتها وتفردها.

والقلق عند الفلاسفة الوجوديين، ليس ذلك القلق الذي نعرفه في حياتنا اليومية، والذي يكون موجها ًإلى عنصر معين في العالم أو إزاء شيء محدد. إن القلق هنا يعتري الكائن من العالم برمته؛ هو قلق من لا شيء، يقظة مرعبة في الأعماق تهدم الكينونة وتبنيها.

ظهرت فكرة القلق* أول مرة في فلسفة كيركيغورد من الإنسان الذي تتجاذبه ضروب عديدة من الاختيار. فكل اختيار هو نزوع إلى الحرية، لكنه يتضمن في صميم ذاته انعداماً لممكنات أخرى من الاختيارات. وينشأ القلق من الشك واللايقين في الاختيار الذي قد يقودنا إلى الشر أو الخطيئة في ظل غياب الممكنات التي قد تقودنا إلى الخير أو الإيمان. وبما أن كل اختيار يتضمن النبذ أو عدم الاختيار؛ تنشأ من هنا هذه العلاقة الوطيدة بين الاختيار والعدم والقلق.

إلا أن كيركيغورد يقترح لنا فكرة أساسية طالما عاودتها فلسفات الوجود وأكدت عليها وهي أنه ينبغي لنا أن نأخذ الموقف الذي نحن فيه على عاتقنا، فعندما نختار حريتنا الأشد وفي أعمق ضروب الاختيار الذي نشعر بأننا لا نستطيع أن نعمل إزاءه أي شيء آخر يجب أن نأخذ على عاتقنا ما نحن إياه، إنه ينبغي لنا أن نحقق ولو لمرة واحدة هذه الوثبة نحو العلو. (5)

ومن هنا يمكننا القول إن العدم هو الأساس الذي تظهر به الحرية إلى الوجود لتتلاشى في مجال العلو الذي هو تجاوز دائم للكينونة.

ونجد فكرتَي الحرية والاختيار عند كيركيغورد هي ذاتها عند سارتر، لكن القلق عنده مجرد من تلك الحدة الميتافيزيقية التي نجدها لدى كيركيغورد، إنه قلق الحرية الذي لا مهرب منه إلا بالسقوط، لأن الإنسان الذي يكون واقعاً في دوامة الاختيار يقلق من انعدام الممكنات الصحيحة التي تسند مشروع وجوده، وبالتالي هو معرّض للسقوط والفشل، والقلق يأتي أيضا ًمن عدم وجود نقطة انطلاق ثابتة في عالم بلا معنى لا يستند إلى أي قيم أو ماهيات مسبقة. إن الإنسان في نظر سارتر هو صانع للقيم ومبدع للأخلاق بقدر توافقها مع الإنسانية. لذلك عندما يختار الإنسان فإنه لن يختار لنفسه، بل سيختار للآخرين أيضاً، والاختيار الذي يشكل وجودنا سيشكل وجود وحقيقة كل من حولنا بل والزمن الذي نعيش فيه أيضاً. إن الإنسان عند سارتر هو حر دائماً في كل الظروف والمواقف والأحداث ولا يوجد هناك شيء يحد من حريته، لذلك هو محكوم بالحرية ومسؤول عنها.

أما الحرية عند غابرييل مارسيل فهي تنشأ من الأنا التي تجاوز ذاتها لتجد نفسها في مشاركة واتحاد مع الآخر. وتتم العلاقة بين الأنا والآخر عن طريق السر أو اللغز الذي يضغط على الإنسان ويقيّده، فالسر هو موقف فردي باطني يختلف عن المشكلات الاجتماعية والمسائل العقلية التي يمكن حلها بالفكر، والسر يتجسد في مفاهيم كالخير والشر والحقيقة والعدالة، وهو الذي يحفز إرادة المشاركة بين الأنا والآخر، وقد يتجلى في مشاعر ميتافيزيقية توحد بين البشر كالمعاناة، والذنب، والألم، والمرض. إذن يمكننا القول إن مارسيل يضع العلو والحرية في مرتبة واحدة، فالكينونة التي تجاوز ذاتها نحو الآخر تعبر عن نفسها كحرية وقدرة خلاقة في الوجود، ولا يمكن أن نفهم الحرية إلا في نطاق هذا الاتحاد بين الذوات.

كان الفيلسوف وطبيب النفس الألماني كارل ياسبرز قد أطلق مصطلح المواقف الحدية أو المواقف النهائية للوجود، ويشير هذا المصطلح إلى الموقف الذي يصل إليه الإنسان وهو في ذروة التحطم والانهيار بعد أن تكون المعاناة قد استبدت به، فكل إنسان يكون معرضاً للألم والمرض، والفقدان، وغيرها من الأزمات والكوارث، لكن هناك مواقف حاسمة ونهائية في الوجود الإنساني تعبر عن نفسها في صدمة الوعي أو الهزة التي تصيب الفكر. وهنا يرى ياسبرز أن هذه الصدمة تحررنا من كل قيد وارتباط خارجي، ليصبح الوجود حرية لامتناهية. وهذا العلو عند ياسبرز تتلاشى فيه كل أشكال الكينونة، بل إنها تقترب أكثر من عدم الكينونة أو اللاكينونة.

إن العلو هو وجود باطني، لكنه يعلو فوق وجودنا المادي والزماني، وجود تبلغ به الحرية صيرورتها وتختفي فيه، وتجد الذات نفسها أمام المطلق واللامتناهي.

القلق بين العدم واللاتناهي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يرى مارتن هايدغر أن القلق الوجودي ينبثق عندما تستحوذ على وعينا فكرة الموت، فندرك ذواتنا كعدم. إن تناهي كينونتا ومحدوديتها في الزمان تجعلنا نقلق لأنها تكشف لنا عن العدم وتعريه. وعليه فإن الضروب المختلفة للكينونة وأشكالها وما تمتع به من مرونة في العلو والتجاوز ستصطدم بالموت الذي هو إمكان المستحيل.

لذلك يعتبر القلق عند هايدغر من أكثر المفاهيم الوجودية التي تسم الإنسان بالرسوخ والأصالة.

ويسمي هايدغر الإنسان الذي يحيا وجوداً أصيلاً بالـالدازاين، لأن العدم دائما ًيتبدى له في كينونته وفي مشروع وجوده، فلا يهرب من قلقه، بل يعترف بمحدوديته وفنائه، ويحمل على عاتقه مسؤولية وجوده. والدازاين الواقع في قلب العدم هو من يحقق حريته في الزمان، إذ تترك للكينونة لحالها وتستسلم لهذا العالم. وهنا يشترك هايدغر مع نيتشه في فكرة براءة الصيرورة أو في الإنسان الذي يقول دائماً نعم للقدر.

أما الإنسان الذي يحيا وجوداً زائفاً فنراه يهرب من قلق العدم بالثرثرة والتفاهة والابتذال، لذا فهو معرّض للسقوط في الحشد أو القطيع. وفكرة القلق نجدها في فلسفة كيركيغورد، وقد استعارها هايدغر تماماً كما هي بعد أن جردها من عمقها الشاعري والميتافيزيقي. إن كيركيغورد هو فنان القلق حقاً، ومبدعه المتفرد في الفلسفة.

يقول كيركيغورد:  يجب علينا أن نستبق مصيرنا عن طريق القلق، ونتمنى أن يكون كل هول يفاجئنا زائراً حسن الطلعة، فالقلق يأكل كل شيء في العالم المتناهي، ويكشف الستر عن كل الأوهام، إنه يستأصل ما فينا من أمور عادية. على هذا النحو لكي يعرف المرء ذاته في أعلى درجاتها، لا بد له أن يكون قد تعرض للقلق في أعلى درجاته حتى الموت والإعدام.

إن القلق يبني كيان الفرد، وهو يهدم كل ما فيه من ضروب التناهي، ونحن إنما نتطلب حضور الله في حال القلق. وفي اللحظة التي نعتقد فيها أننا قد ضعنا تماماً، تأتينا النجدة، وعلى هذا النحو فإن القلق هو علاج القلق. (6)

إن القلق يسكننا حتى في شعورنا بالسعادة، وفي أشد حالاتنا صفاءً وطمأنينة، لكن القلق الذي يضعنا عند تخوم المجهول العظيم وحده من يوقظ فينا رعدة الأبدية واللاتناهي.

بالعودة مرة أخرى إلى كارل ياسبرز فإنه يميز بين نوعين من القلق؛ قلق حيوي وقلق وجودي. إن القلق الحيوي هو الذي يكون بصدد حياتنا، والقلق الوجودي هو الذي يكون بصدد وجودنا وقيمة كينونتنا.

والقلق الوجودي يحصل في المواقف الحدية في رأي ياسبرز، ففي هذه المواقف الحدية يختفي كل ما لم يكن جوهرياً، وبهذا المعنى يصبح القلق أشبه ما يكون بأداة ميتافيزيقية أو سبيلاً مؤديا ًإلى الميتافيزيقيا. إن دوار القلق هو الينبوع العميق لكل فيلسوف. (7)

الهوامش والمراجع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1).. جان فال، الفلسفة الوجودية، ترجمة تيسير شيخ الأرض، دار بيروت للطباعة والنشر، بيروت، 1958،            ص-7-8-194-198-199 ( بتصرف)

(2)..ينظر المرجع نفسه، ص22-23

(3)..المرجع نفسه، ص68

(4)..المرجع السابق نفسه، ص80

*..بعض الترجمات الحديثة تفضل استخدام الفزع بدلاً من القلق، وترى أن الفزع أبعد وأعمق وأكثر دقة من القلق في السايكولوجية الوجودية، فالفزع هو ظاهرة وجودية محضة  تكون نتاجاً للوعي والروح.  و تنفذ إلى أعماق الإنسان وكينونته. قام المترجم العراقي قحطان جاسم بترجمة عدد من مؤلفات سورن كيركيغورد عن الدنماركية ومنها كتاب  “مفهوم الفزع”  الصادر عن دار الرافدين عام 2019.

(5) المرجع نفسه، ص137

(6)..المرجع نفسه، ص246- 247.

(7)..المرجع السابق نفسه، ص 252.

موقع معنى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى