يستحضر أهالي المختطفين في أذهانهم مواقف كثيرة، تشاركوا تفاصيل أحداثها بمعيّة المخفيين قسراً قبل اعتقالهم، خصوصاً في شهر رمضان، كاجتماعهم على مائدة الإفطار الرمضانية، ودورهم في رعاية أُسرهم وأطفالهم، من خلال توفير كافة متطلّبات أيام وليالي شهر رمضان المبارك، حتى غيّبتهم المليشيا، التي أفسدت اجتماعهم الحميم، وأحالتها إلى أنين ودموع، مشبّعة بالقهر والغبن.
أخاف أن أموت، ولا ألتقي بابني ثانية”، هكذا قالت “ام عصام “والدموع في عينيها وهي تتحدث عن ولدها المعتقل في سجون الحوثيين يمر رمضان للعام السابع وابني بعيد عن والدته العجوز، وإخوته وأقاربه، رغم أن المسافة التي تفصله عنهم لا تستغرق سوى ساعات قليلة لولا القضبان التي تحول بينهم.
وأوضحت أن ابنها هرب من مليشيات الحوثي الذي لحقته في كل مكان علي أمل أن يحصل على فرصة عمل مناسبة هناك ثم ينضم إليه باقي أفراد عائلته، لكنه لم يتمكن من الوصول إلى بغيته، لأن رحلته انتهت عند نقطة “ابو هاشم” سيئة السمعة، ومن هناك اختفى ولم يظهر ثانية الى اليوم.
وأشارت إلى أن كل ما تتمناه في رمضان هو الجلوس مع ولدها على مائدة الإفطار، التي افتقدتها منذ رحيله عنهم في العام 2016، لافتة إلى أن ذكريات رمضان تشعل الحنين بقلبها وأنها لن تتوقف عن الدعاء بالهلاك لمن حرموها منه حتى اخر لحظة بحياتها.
“اسماء” ابنة أحد المختطفين- تقول “: “تمر المناسبات وخاصه رمضان وأبي في السجن، صارت حياتنا جحيم في غيابه، ما معنا أي سند في الحياة غيره، نعيش في عذاب، لأننا لم نلتقِه، ولا نعرف مصيره، الحوثيون لم يسمحوا لنا بزيارته أبداً”.
أكد احمد (17 عاماً) أنه لم يستطع أن يلتقي مع والده على مائدة واحدة منذ سنتين، علماً أن والده معتقل في نفس المدينة ” امانة العاصمة” ولا يبعد عنهم سوى كيلومترات قليلة.
وقال”: “إن ميليشيات الحوثي اختطفت والده من المنزل بسبب الاشتباه دون وجود اي دليل ومنذ ذلك الحين والاسرة تعيش حاله صعبه يبكي الشاب الصغير وهو يقول ” ابي المعيل الوحيد للأسرة ,كان لرمضان معني اخر وهو بيننا اما اليوم مائدتنا فارغه
حزن وألم:
تتقيه اخت أحد المختطفين “تؤكد إن حلول رمضان في غياب أبنها يشعرها بغصة كبيرة لفقده، وهذا ما يحدث على مائدة الإفطار كل ليلة، وتضيف “أتذكر اهتمامه بنفسه، بلباسه، بحيوته ونشاطه، بتطلعه لمستقبله، لكن للأسف في ذلك المكان المعتم قيدت حريته ومحسوب عليه كل حركة، أربعة أعوم مرت ولا زلت أنتظر الفرج من الله”.
فريدة زوجه أحد المختطفين تقول” كيف أستطيع إخباركم من أنني أصبحت رجلا وامرأة في نفس الوقت، أحاول أن أكون قوية لكني لا أستطيع؟!، وتتابع: ابنتي الصغيرة اختطف أباها وذات التسعة أشهر مرت السنين وهي الان في الخامسة، تجلس يوميا أمام النافذة تنتظر عودة والدها، تجلس معنا على مائدة الإفطار تدع الله مثلنا أن يفرج الله عنه، تسألني متى يعود بابا؟ فلا أعرف ماذا أجيب.
“خلود ابنه احد المختطفين منذ 4 سنوات- أخذتها نوبة بكاء حادّة، عندما تحدثت “من أول يوم في رمضان، تصبح حياتي أنا واخوتي معاناة وحزن ابي مسجون، نتذكّر كيف كان يهتم بنا، البيت مظلم في غيابه، لا طعم ولا مذاق لأيام رمضان بدونه”.
تحضر ذكرى المختطفين في أذهان أسرهم بصورة دائمة، لكنّها تتحوّل إلى مأساة حقيقية، خلال طقوس الشهر الكريم ,تقول رئيسة رابطة أمهات المختطفين امه السلام الحاج ” وجدت في عيون العديد من الأمهات والزوجات والأبناء الكثير من الألم والحسرة، بالإضافة إلى أن هناك شوق كبير لدى أبناء المختطفين، الذين يحلمون بعودة أباءهم ليجتمعوا على مائده الطعام وتابعت: “زرنا في رمضان أسرة، فتفاجأنا أن الأم غير موجودة، إذ تدع أطفالها بالبيت وتذهب للبحث عن مصدر رزق لها ولأولادها”.
لذلك، ترى أن غياب العائل الوحيد للأسر: “يشكل عبئ كبير على الزوجة أو الأم، ما يمثل مشكلة كبيرة عليها، خصوصًا في المرحلة الحالية والظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلد”.
من دون تهمة أُختطف عبده، وترك خلفه أسرة مكونة من ثلاثة أفراد، وفق زوجته، التي تحدثت عن معاناة الأسرة، وتدهور وضعها في ظل تردي الوضع المعيشي.وبنبرة حزينة، تقول زوجته أن رمضان بالنسبة لها “لم يعد سوى مجرد يوم كبقية أيام السنة في السابق حين كانت تسمع صوت زوجها “عبد الرحمن” عبر سماعة التلفون: “تشعر بالطمأنينة والسرور، بأنه ما يزال على قيد الحياة، ويمكن أن يُفرج عنه في أي لحظة”، غير أنها منذ أكثر من عام لم تعد تعلّم عنه شيئا. فالقائمين على السجن أخبروها بأنه “مات”، دون إبداء الأسباب، أو كيف؟ كما لم يتم تسليم أي جثة حتى اليوم!
في هذا رمضان ، ليس لديها من شيء سوى أنها تأمل معرفة المصير الحقيقي لزوجها المخفي، والعثور عليه “حيّا أو ميتا”.
تمسح دموعها، قبل أن تواصل استخدام سلاحها الوحيد المتبقي لزوجة محرومة من السعادة، داعية من الله أن ينتقم “ممن حرمنا فرحه لم الشمل حول موائد رمضان وجعلها فارغه من السعادة