زحف بشري نحو سواحل غانا استجابةً لادعاءات “سفينة نوح” الجديدة

شهدت سواحل جمهورية غانا، وتحديداً في منطقة “إلمينا” والمدن الساحلية القريبة، زحفاً بشرياً غير مسبوق اليوم الخميس، حيث توافد الآلاف من مختلف الدول الأفريقية وبعض الزوار الأجانب، استجابةً لنبوءة أطلقها شاب غاني يُدعى “إيبو نوح” (Ebo Noah)، ادعى فيها أن طوفاناً عالمياً سيبدأ اليوم وسيستمر لمدة ثلاث سنوات، مدفوعاً بما وصفه بـ “رؤى إلهية” لإعادة بناء سفينة نوح لإنقاذ البشرية.

وقد بدأت هذه الظاهرة الغريبة منذ عدة أشهر حين انتشرت مقاطع فيديو لـ “إيبو نوح”، وهو صانع محتوى على منصة “تيك توك” يتمتع بمتابعة واسعة، يظهر فيها بملابس رثة وهو يشرف على بناء عدة هياكل خشبية ضخمة تشبه السفن البدائية، مدعياً أنه استثمر مبالغ طائلة لشراء آلاف الألواح الخشبية لبناء 10 سفن قادرة على استيعاب آلاف الأشخاص، بل وذهب في ادعاءاته إلى حد القول بأن إحدى هذه السفن مهيأة لاستقبال ملايين البشر في “درجة خاصة”.

ومع اقتراب الموعد المحدد، تحولت المنطقة الساحلية في غانا إلى خلية نحل، حيث أظهرت الصور واللقطات المسجلة حشوداً من المؤمنين بنبوءته وهم يحاولون الصعود إلى تلك الهياكل الخشبية، بينما قام آخرون ببيع ممتلكاتهم وتصفية أعمالهم في بلدانهم الأصلية للسفر إلى غانا بحثاً عن “النجاة”، وهو ما تسبب في حالة من الذعر والاضطراب الأمني، مما دفع السلطات الغانية للتدخل واعتقال “إيبو نوح” مؤقتاً بتهمة نشر الرعب وتضليل الجمهور، قبل أن يُطلق سراحه وسط تجمهر مؤيديه.

من جانب آخر، كشفت تقارير محلية وشهادات لسكان منطقة “إلمينا” أن تلك الهياكل التي يروج لها “نوح الجديد” كأطواق نجاة، ليست في الحقيقة سوى سفن صيد كبيرة (Fishing Boats) قيد الإنشاء مملوكة لصيادين محليين، ولا علاقة لها بأي مشروع ديني أو نبوءة، مشيرين إلى أن الشاب استغل وجود هذه السفن لتصوير مقاطع الفيديو الخاصة به وإضفاء مصداقية على ادعاءاته، وهو ما أكدته مصادر إعلامية حذرت من استغلال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في تزييف الحقائق ونشر النبوءات الكاذبة.

ورغم غياب أي مؤشرات علمية أو أرصاد جوية تدعم فرضية الطوفان، ورغم تبرؤ المؤسسات الدينية الرسمية في غانا من هذه الادعاءات واعتبارها “هرطقات” تخالف النصوص الدينية، إلا أن الزحف البشري استمر حتى ساعات المساء من هذا اليوم، وسط ترقب مشوب بالخوف من قبل أتباعه، وسخرية وانتقاد واسع من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين تساءلوا عن الخدمات المتوفرة على متن هذه “السفن” المتهالكة، في مشهد يعكس قوة تأثير المحتوى الرقمي في إثارة الهواجس الجماعية.