
فلسطين – متابعة الوعل اليمني
يشهد الأسرى الفلسطينيون هذا الشتاء واحدة من أقسى موجات البرد منذ سنوات، وفق هيئة شؤون الأسرى والمحررين، التي أكدت أن إدارة السجون تتعمّد حرمان المعتقلين من الأغطية والملابس الشتوية، ما حوّل الزنازين إلى ما يشبه غرف تجميد دائمة. وتشتد برودة الأقسام عشرات المرات أكثر من الخارج، في ظل جدران إسمنتية مشبعة بالرطوبة وأسِرّة معدنية تلسع الأجساد طوال الليل، بينما لا يملك الأسرى سوى ملابس خفيفة لا تقوى على حماية أجسادهم.
برد قاسٍ داخل الزنازين
وتصف الهيئة مشاهد الوضع داخل السجون بـ الصادمة، إذ ينام كثيرون على الأرض لعدم توفر فرش دافئة، فيما يلتحف آخرون قطع قماش مهترئة لا تقي من البرد. كما يقضي المرضى ليالي طويلة في ارتجاف مستمر دون دواء أو غطاء. وترى الهيئة أن ما يجري يشكل “أقسى أشكال التعذيب”، محذّرة من تدهور صحي جماعي في ظل انتشار الالتهابات ونوبات البرد الحادة وتفاقم آلام المفاصل.
مبادرة أوروبية لرفع الصوت
وبالتزامن مع هذه الأوضاع القاسية، أطلق حزب اليسار السويدي مبادرة لافتة داخل البرلمان السويدي بمشاركة أعضائه الـ22 ونواب من البرلمان الأوروبي، في خطوة تهدف إلى تسليط الضوء على معاناة الأسرى الفلسطينيين. وتم رفع صور 24 أسيرًا، بينهم القائد مروان البرغوثي، على مقاعد النواب لمدة أسبوعين، إلى جانب نشر معلومات عن ظروف الاعتقال، وكتابة رسائل تضامن شخصية أُرسلت عبر الصليب الأحمر.
وأكدت رئيسة الحزب نوشي دادغوستار التزام اليسار السويدي بالدفاع عن الحقوق الفلسطينية، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تأتي ضمن جهود أوسع لدفع المؤسسات الأوروبية للتعامل مع قضية الأسرى كقضية إنسانية عاجلة. وقد لاقت المبادرة دعم الاتحاد العام للجالية الفلسطينية في السويد، الذي شدد على أهمية حشد الأصوات الأوروبية لكسر حالة الصمت الدولي.
استشهاد جديد داخل السجون
وجاء هذا الحراك الأوروبي في وقت تتصاعد فيه أعداد الشهداء داخل السجون بوتيرة غير مسبوقة، آخرهم المعتقل عبد الرحمن سفيان السباتين (21 عامًا) من بلدة حوسان غرب بيت لحم، الذي أعلن عن استشهاده في مستشفى “شعاري تسيدك” الإسرائيلي. وتشير شهادة عائلته إلى أنه لم تُظهر آخر جلسة لمحاكمته أي تدهور صحي، ما يعزز شبهة الإهمال الطبي المتعمد.
وأوضحت المؤسسات الحقوقية الفلسطينية أن استشهاد السباتين يرفع عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ بدء حرب الإبادة إلى أكثر من مئة شهيد، بينهم 85 معروفو الهوية، بينما يبقى عشرات معتقلي غزة الشهداء رهن الإخفاء القسري. وبذلك يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967 إلى 322 شهيدًا ممن عُرفت أسماؤهم.
سياسات قتل بطيء
وتؤكد هيئة الأسرى ونادي الأسير أن هذه المرحلة هي الأكثر دموية في تاريخ السجون، إذ تُمارَس بحق المعتقلين سياسات ممنهجة تشمل: التعذيب، التجويع، الحرمان من العلاج، الاعتداءات الجسدية والجنسية، ونشر الأمراض المعدية وعلى رأسها الجرب، الذي تحوّل هو الآخر إلى أداة تعذيب. وتشير معطيات إسرائيلية إلى ارتفاع حاد في الشهداء داخل السجون منذ تولّي المتطرف إيتمار بن غفير وزارة الأمن القومي.
وتحمّل المؤسسات الفلسطينية سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن استشهاد السباتين وتدهور أوضاع الأسرى، مطالبة بتدخل دولي فوري لحمايتهم من موجة البرد القاسية وسياسات القمع الممنهجة، وفرض عقوبات على الاحتلال لوضع حد لحالة الإفلات من العقاب. وترى هذه المؤسسات أن المبادرة السويدية تمثل خطوة مهمة نحو تدويل قضية الأسرى، لكنها تحتاج إلى دعم دولي أكبر لإنقاذ حياة المعتقلين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي.






