سقوط 100 قتيل جراء هجوم عنيف لقوات الدعم السريع على شمال دارفور

سقط ما لا يقل عن 100 قتيل بينهم أطفال ونساء في معسكر زمزم (يقع على بعد 15 كيلومتراً جنوب الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور)، الذي يؤوي أكثر من مليون ونصف نازح، جراء هجوم واسع وعنيف لقوات “الدعم السريع” على مدى يومين متواصلين (أمس السبت وأول أمس الجمعة) باستخدام المدفعية الثقيلة والطائرات المسيرة الانتحارية، في وقت تشهد الفاشر معارك شرسة بين الجيش بمشاركة حلفائه من (القوة المشتركة التابعة للحركات المسلحة والمستنفرين) و”الدعم السريع” مما صاعد معدلات نزوح مئات المواطنين نحو مختلف مناطق الولاية هرباً من سوء الأوضاع الإنسانية.

وقالت شبكة أطباء السودان إن الهجوم المتواصل الذي شنته “الدعم السريع” على معسكر زمزم للنازحين، إضافة إلى القصف المدفعي المكثف على مدينة الفاشر يمثل تحولاً خطراً في نمط عمليات القتل التي تمارسها هذه القوات منذ أكثر من عام.

وحذرت الشبكة في بيان لها من خطر ارتكاب إبادة جماعية تطاول أكثر من 500 ألف من النازحين والمهجرين في معسكرات النزوح شمال دارفور.

وقال مدير عام وزارة الصحة في ولاية شمال دارفور إبراهيم عبدالله خاطر إن “قوات ’الدعم السريع‘ ارتكبت جريمة شنعاء في حق سكان معسكر زمزم للنازحين تعد بمثابة إبادة جماعية، إذ قامت إلى جانب من سقطوا قتلى بنيران مدفعيتها الثقيلة بتصفية جميع أفراد الطاقم الطبي التابع لمنظمة الإغاثة الدولية داخل المخيم، فضلاً عن تصفية 16 طفلاً داخل إحدى خلاوي تحفيظ القرآن بالمخيم”.

واستغرب خاطر صمت المجتمع الدولي تجاه الجرائم التي ترتكبها قوات “الدعم السريع” في ولاية شمال دارفور التي أصبحت بحاجة عاجلة وماسة إلى مساعدات إنسانية وحماية المدنيين.

ونوه بأن “الوضع الصحي في الفاشر وضواحيها سيئ وصعب للغاية”، لكنه أكد أنه “لن يكون هناك استسلام مهما تعقدت الأحوال والظروف”، وطالب الجيش بالتحرك من الخرطوم لفك الحصار المفروض على الفاشر منذ مايو (أيار) 2024.

من جهته قال حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي إن ميليشيات “الدعم السريع” قامت بشن هجوم على معسكر زمزم للنازحين، مما أسفر عن تفاقم الأوضاع الإنسانية بصورة غير مسبوقة.

وتابع “هذا التصرف الإجرامي من قبل الميليشيات يعكس عزمها على استهداف المدنيين من خلال حرمانهم من الغذاء والدواء”.

سرب مسيرات

في الأثناء، أكدت قيادة الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني بالفاشر في بيان، أن قوات “الدعم السريع” أطلقت سرباً من المسيرات الانتحارية، مصحوبة بقصف مدفعي من مدافع عيار 120 وقناصات من شرق وشمال شرقي الفاشر.

وأكد البيان أن حصيلة القتلى حتى عصر أمس بلغت 32 شخصاً، بينهم أربع نساء و10 أطفال تتراوح أعمارهم بين سنة وخمس سنوات، إضافة إلى إصابة 17 آخرين.

وحذرت قيادة الجيش بالفاشر من أن القصف لا يزال مستمراً وأن المسيرات تتعاقب في سماء المدينة، مناشدة المواطنين أخذ الحيطة والحذر وتجنب الحركة في الشوارع.

ووفقاً لتنسيقية لجان المقاومة بالفاشر، فإن قوات “الدعم السريع” شنت هجومين أمس على مخيم زمزم.

وقالت التنسيقية في بيان “لا يمكن وصف ما يجري من مذابح وتجويع ونزوح، وللمرة الأولى لا يمكن إحصاء المجازر لكثرتها وتزامنها، لكن هذه المرة يأتي التصعيد ونصف المستشفيات مدمرة والأسواق خالية”.

وأضاف البيان “سابقاً إذا كان هناك احتمال لنجاة الإصابة الخطرة، الآن لا يوجد احتمال لنجاة الإصابات المتوسطة ولا حتى الطفيفة”.

استباحة أم كدادة

في سياق متصل استباحت قوات “الدعم السريع” بلدة أم كدادة التي تقع شرق مدينة الفاشر بالكامل، حيث نهبت السوق الرئيسة وعدداً من منازل المدنيين، إلى جانب مصادرة أجهزة الإنترنت الفضائي “ستارلينك”، بعدما سيطرت عليها خلال معارك عنيفة في إطار مساعيها لتشديد الحصار على مدينة الفاشر، وحماية خطوط إمدادها في طريق الإنقاذ الغربي من هجمات متوقعة من الجيش السوداني وحلفائه القادمين من إقليم كردفان.

واتهمت وزارة الصحة بولاية شمال دارفور، قوات “الدعم السريع” بتصفية المدير الطبي لمستشفى أم كدادة، نور الدين آدم عبدالشافع، أثناء تأديته واجبه الإنساني داخل المستشفى، في ظل تصاعد أعمال العنف والانتهاكات في حق المدنيين ضمن البلدة الواقعة شرق مدينة الفاشر.

وبحسب شهود، فإن قوات “الدعم السريع” نفذت عمليات تصفية في حق عشرات المواطنين، بينهم مرضى كانوا يتلقون العلاج داخل المستشفى الريفي بأم كدادة، في تصعيد خطر للأوضاع الإنسانية والأمنية في المنطقة.

أزمة خانقة

وتعاني منطقة دارفور أزمة إنسانية خانقة، إذ تفتقر المساعدات الإنسانية الأساسية، فقد أعلنت الأمم المتحدة عن حال مجاعة في ثلاثة من مخيمات اللجوء في الإقليم، مع توقعات بانتشار هذه الحال في خمسة مخيمات أخرى بحلول مايو المقبل، إذ تعكس هذه الأوضاع المأسوية حجم المعاناة التي يعيشها النازحون في المنطقة الذين يواجهون تحديات كبيرة في الحصول على الغذاء والمياه والرعاية الصحية.

في ظل هذه الظروف الصعبة، حذرت المنسقية العامة لمخيمات اللاجئين والنازحين من تدهور الوضع في الفاشر، مشيرة إلى أن المدينة تشهد تدهوراً كارثياً غير مسبوق، ويعاني السكان قصفاً مدفعياً مستمراً، إضافة إلى تفشي الجوع والمرض والجفاف.

وبينت المنسقية أن هذه الأوضاع تتطلب استجابة عاجلة من المجتمع الدولي لتقديم المساعدات اللازمة وتخفيف معاناة النازحين في دارفور.

ويسيطر الجيش السوداني على الفاشر، وتقاتل إلى جانبه حركات دارفورية مسلحة كانت قد وقعت مع حكومة السودان في أكتوبر (تشرين الأول) 2020 اتفاق سلام جوبا، من أبرزها حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، وحركة العدل والمساواة بزعامة جبريل إبراهيم.

وتعد الفاشر مركز إقليم دارفور المكون من خمس ولايات وأكبر مدنه، والوحيدة بين عواصم ولايات الإقليم الأخرى التي لم تسقط بيد قوات “الدعم السريع”.

ويخوض الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023 حرباً خلفت 29683 قتيلاً.

ووفقاً لإحصائية صادرة عن منظمة الهجرة الدولية في الـ29 من أكتوبر 2024، فإن العدد الإجمالي للفارين بسبب الحرب في السودان بلغ أكثر من 14 مليون شخص.

وبحسب الإحصائية، هناك 11 مليون شخص نازح داخل البلاد، و3.1 مليون شخص عبروا الحدود إلى دول مجاورة.

ووفقاً للأمم المتحدة، فإن لدى السودان أعلى معدل نزوح داخلي في العالم.

Exit mobile version