سلاح الوهم: فضيحة السفينة الإيرانية تفضح زيف التصنيع الحوثي
تقرير خاص
مع تصاعد وتيرة الادعاءات الحوثية بشأن “القدرات الذاتية” في التصنيع العسكري والتطوير الحربي، جاءت واقعة “السفينة الإيرانية” المضبوطة الأسبوع الماضي لتكشف واحدة من أكبر الفضائح التي أطاحت بكذبة “الصناعة المحلية” التي لطالما روّجت لها جماعة الحوثي، وذلك بعد إعلان قوات المقاومة الوطنية في الساحل الغربي ضبط سفينة إيرانية بالقرب من السواحل اليمنية، كانت محمّلة بـ750 طناً من الأسلحة المتطوّرة الموجّهة للحوثيين. هذه الضربة الاستخباراتية والعسكرية كشفت بوضوح حجم التبعية المطلقة للميليشيات للنظام الإيراني، ونسفت تمامًا أسطورة “الصناعة الحربية المحلية” التي يتفاخر بها قادة ميليشيا الحوثي الإرهابية.
شحنة دولة
وفقًا للبيان الرسمي الصادر عن قوات المقاومة الوطنية، تم اعتراض السفينة الإيرانية في المياه الدولية قبالة ميناء الحديدة، عقب عملية مراقبة دامت عدة أيام، استنادًا إلى معلومات استخباراتية دقيقة. وقد أظهرت التحقيقات الأولية أن الشحنة كانت تتضمن عشرات الصواريخ الباليستية، والطائرات المسيّرة، وأجزاء متطورة من أنظمة الدفاع الجوي، بالإضافة إلى ألغام بحرية ومعدات إلكترونية لاختراق الاتصالات.
وبحسب مصادر مطّلعة، شملت الشحنة صواريخ بعيدة المدى من نوع “شهاب -110” تشبه إلى حد كبير صواريخ “بدر-1” التي يستخدمها الحوثيون في استهداف السفن التجارية، وطائرات مسيّرة من طراز “أبابيل-2K” قادرة على قطع مسافات طويلة، إلى جانب أجهزة توجيه لصواريخ بعيدة المدى مزودة بتقنيات إيرانية حديثة، فضلاً عن قطع غيار لمحركات صواريخ يزعم الحوثيون أنهم “يصنّعونها محليًا”.
غسيل تجاري
أثبتت هذه العملية أن الميليشيات، التي تعمل في واحدة من أفقر دول العالم وتفتقر للبنية التحتية الصناعية، غير قادرة واقعيًا على إنتاج أسلحة متطورة تشكل تهديدًا لدول تملك أنظمة دفاعية متقدمة. ووفقًا لخبراء عسكريين، فإن “الدعاية الحوثية” المتعلقة بالتصنيع الحربي ما هي إلا واجهة تمويهية لتغطية التدفق المستمر للأسلحة الإيرانية. ويؤكد العقيد فضل النمير أن ما يُطلق عليه “التصنيع الحربي الحوثي” ليس سوى عملية “غسيل” للعلامة التجارية الإيرانية، حيث يتم تفكيك الصواريخ في معامل طهران، ثم تهريبها إلى اليمن ليُعاد تجميعها في ورش بدائية، وتقديمها إعلاميًا على أنها “إنجاز وطني”.
وأضاف: “سبق أن كشفت عمليات سابقة هذا النمط، ففي عام 2020 تم ضبط سفينة إيرانية في خليج عمان تحمل أجزاء صواريخ، وفي 2022 أثبتت تحقيقات أممية شحنات من طائرات مسيّرة أُرسلت للحوثيين، لكن هذه المرة تختلف من حيث كمية ونوعية السلاح، مما يؤكد أن طهران لم تعد تحاول إخفاء تورطها في دعم الانقلاب باليمن”.
لعبة مكشوفة
على الأرض، تعاملت الجماعة الحوثية مع هذه الفضيحة بالإنكار المطلق في البداية، ثم اتهمت “العدوان” بتلفيق الأخبار. إلا أن اللافت هذه المرة كان صمت إيران الرسمي، والتي اعتادت على النفي السريع في مثل هذه الحالات. ويرجح مراقبون أن طهران تدرك أن الفضيحة أكبر من سابقاتها، من حيث الحجم والنوعية، خاصة أن الوثائق والأدلة تثبت تبعية الشحنة للحرس الثوري الإيراني مباشرة.
تداعيات الفضيحة
قد تتحول هذه العملية الناجحة، التي نفذتها قوات المقاومة الوطنية، إلى ورقة ضغط مهمة في الملف اليمني والدولي. فمع إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، تسعى دول عربية وغربية لتقديم أدلة على خرق إيران لقرارات حظر التسليح. وبناءً عليه، يمكن أن تُمثّل هذه الفضيحة مدخلاً رئيسيًا لتشديد العقوبات على شبكات التمويل والدعم العسكري الإيراني.
في المقابل، يواصل الحوثيون الزعم بأنهم يطوّرون أسلحة باليستية وطائرات مسيّرة، متجاهلين الحقائق المتكشّفة. لكن السفينة الإيرانية، بحمولتها التي تكفي لتسليح فرقة عسكرية كاملة، قد تكون بداية النهاية لأسطورة “السلاح المُصنّع محليًا”، وتأكيدًا بأن الصناعة الوحيدة التي يُجيدها الحوثيون هي صناعة الوهم والجوع والفقر، وأن دورهم الحقيقي لا يتجاوز وكلاء تسويق للآلة العسكرية الإيرانية.