حذرت صحيفة “بزنس ستاندر” الاقتصادية الهندية من نموذج “فدية البحر الأحمر” الذي أنشأته جماعة الحوثي الإرهابية في اليمن بهجماتها ضد السفن التجارية في المياه الدولية، معتبرة أنه يمكن أن يلهم الجماعات المسلحة الأخرى، وقد يمتد إلى صناعات أخرى مثل السفر الجوي في ظل تصاعد المخاطر الجيوسياسية”.
وقالت الصحيفة في تقرير لها: “نجاح الحوثيين في تحقيق الدخل من انعدام الأمن البحري يشكل سابقة خطيرة. من خلال استغلال نقاط الضعف في التجارة العالمية ، أنشأوا نموذجا يمكن أن يلهم الجماعات المسلحة الأخرى. وحذر التقرير من أن هذا الاتجاه المقلق قد يمتد إلى ما هو أبعد من الشحن إلى صناعات أخرى مثل السفر الجوي ، خاصة مع استمرار ارتفاع المخاطر الجيوسياسية.
وأشارت الصحيفة إلى أن البحر الأحمر وهو شريان حيوي للتجارة العالمية، أصبح ساحة معركة للقرصنة الحديثة التي تمزج بين التكنولوجيا والجغرافيا السياسية والتجارة.
وتابعت الصحيفة: “تبنت جماعة الحوثي في اليمن نهجا جديدا للاستفادة من موقعها الاستراتيجي، وطالبت شركات الشحن بدفع مدفوعات مقابل الممر الآمن”، معتبرة أن “هذا المخطط، المنظم من خلال رسائل البريد الإلكتروني وقنوات الدفع في السوق السوداء، يعيد تشكيل التجارة البحرية ويشكل تحديات عالمية كبيرة”، كما ذكرت مجلة الإيكونوميست.
واردفت الصحيفة: “في مزيج من التشدد والبيروقراطية، أضفى الحوثيون الطابع المؤسسي على ممارسات الابتزاز من خلال تزويد مالكي السفن بعنوان بريد إلكتروني “علاقات العملاء” للتفاوض على المدفوعات. بالنسبة لأولئك الذين يتنقلون في مياه البحر الأحمر المحفوفة بالمخاطر، فإن الخيارات قاتمة: الدفع ، أو المخاطرة بالهجمات ، أو اتخاذ طريق أطول وأكثر تكلفة”.
وبحسب الصحيفة، بإمكان الحوثيين، المسلحين بصواريخ وطائرات بدون طيار متطورة، استهداف السفن بدقة، مما يخلق جوا من الحتمية حول هذه المدفوعات. تقدر الإيكونوميست أن المجموعة تجمع ما يصل إلى 2 مليار دولار سنويا من خلال نموذج الابتزاز هذا.
ووفق الصحيفة فانه في حين أن العديد من الشركات الغربية ترفض دفع هذه الرسوم، وتختار إعادة توجيه السفن حول إفريقيا، فإن الالتفاف يأتي بتكاليف باهظة. تزيد الرحلات الطويلة من أوقات العبور واستهلاك الوقود، مما يؤدي إلى زيادة النفقات للشركات والمستهلكين على حد سواء. في المقابل، اتخذت دول مثل الصين موقفا براغماتيًا، حيث ورد أنها زادت حصتها من الشحن البحري الأحمر من خلال الموافقة على دفع أموال للحوثيين مقابل المرور الآمن.
تداعيات هائلة
واعتبرت الصحيفة الهندية أن “تداعيات هذا الابتزاز البحري هائلة، موضحة أن أحجام الشحن في البحر الأحمر انخفضت، حيث تشير بعض التقديرات إلى انخفاض بنسبة 70%، موضحة أن إحجام شركات الشحن الغربية عن الامتثال أدى إلى زيادة الملاحة عبر رأس الرجاء الصالح، مما أضاف وقتًا وتكاليفًا للشحنات، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن “هذا التحول عطل سلاسل التوريد وخلق فرصا للمشغلين تحت أعلام أقل تقييدا للسيطرة على حركة المرور في البحر الأحمر”.
وبحسب الصحيفة فان “التكاليف غير المباشرة لأنشطة الحوثيين أكثر وضوحًا. حيث يقدر أن النفقات الإضافية من إعادة التوجيه والتأخير واستهلاك الوقود تبلغ 175 مليار دولار سنويا ، وهو عبء مالي ينتقل في النهاية إلى المستهلكين النهائيين”.
ويواجه البحر الأحمر، الذي تمر عبره ما يقرب من 30 في المائة من حركة الحاويات العالمية، اضطرابا غير مسبوق. بحلول مارس 2024 ، انخفضت حركة المرور عبر قناة السويس ومضيق باب المندب بنسبة 50 في المائة ، بينما تضاعفت الملاحة عبر رأس الرجاء الصالح.
الابتزاز كنموذج عمل مستدام ذاتيا
وأكدت صحيفة “بزنس ستاندر” الهندية أن نموذج الابتزاز للحوثيين مثير للقلق بشكل خاص بسبب استدامته، معتبرة أن قدرة الجماعة على توليد الإيرادات من خلال العمليات البحرية تمول قدراتهم العسكرية ونفوذهم الأوسع في اليمن والمنطقة.
واختتمت الصحيفة بالقول: “في حين أثارت أفعالهم (الحوثيون) انتقادات واسعة النطاق، لا يمكن تجاهل الأسباب الجذرية. لقد وفر الصراع المستمر في اليمن – المدفوع بالفقر والمنافسات الجيوسياسية وسنوات من التدخل الأجنبي – أرضا خصبة لمثل هذه الأنشطة. وأدى الافتقار إلى استجابة عالمية منسقة إلى تفاقم الأزمة”.