حثت ثاني أهم مسؤولة بصندوق النقد الدولي الولايات المتحدة على تقليص عبء الديون المتزايدة لديها، مشيرة إلى أن النمو القوي في الاقتصاد الأكبر في العالم يمنحه مجالاً “واسعاً” لكبح جماح الإنفاق وزيادة الضرائب.
وقالت جيتا غوبيناث، النائب الأول للمدير العام للصندوق، إن الوقت قد حان لكي تستثمر الاقتصادات المتقدمة في ضبط أوضاع المالية العامة ومعالجة الكيفية التي تخطط بها لخفض عبء الديون إلى مستويات ما قبل الوباء. وقالت في مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز: “بالنسبة إلى الولايات المتحدة، نرى مجالاً واسعاً أمامها لخفض حجم عجزها المالي، نظراً لقوة الاقتصاد الأميركي أيضاً”.
وتأتي هذه التحذيرات في الوقت الذي يخشى فيه الاقتصاديون والمستثمرون من أن تؤدي سنوات من التبذير المالي من قبل الديمقراطيين والجمهوريين إلى تخزين المتاعب للاقتصاد الأميركي. ويتوقع مكتب الميزانية بالكونغرس، وهو هيئة الرقابة المالية للحكومة الفيدرالية، أن يرتفع الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي فوق أعلى مستوياته السابقة في حقبة الحرب العالمية الثانية في عام 2029. ويتوقع عجزًا يراوح بين 5.2% و6.3% على مدى السنوات العشر المقبلة، إذا لم يعدل الكونغرس خططه الاقتصادية الحالية.
وقالت غوبيناث: “إن إغراء تمويل كل الإنفاق من خلال الاقتراض أمر يجب على البلدان تجنبه”. وقال صندوق النقد الدولي في تقريره المعياري للمراقبة المالية، الذي نشر في إبريل/ نيسان، إنه يتوقع تسجيل الولايات المتحدة عجزاً مالياً بنسبة 7.1% في العام المقبل، وهو ما سيكون أكثر من ثلاثة أضعاف متوسط الاقتصادات المتقدمة الأخرى البالغ 2%. وحذر من أن العجز المالي في كل من الولايات المتحدة والصين يشكل “مخاطر كبيرة” على الاقتصاد العالمي.
وأشادت غوبيناث بالإصلاحات المالية الأخيرة في منطقة اليورو، رغم أنها أضافت أن تنفيذ الإجراءات التي اتُّفِق عليها في ديسمبر/ كانون الأول “سيكون بالغ الأهمية”. ويرى كثيرون أن عام 2025 سيكون عاماً عصيباً بالنسبة إلى التوقعات المالية للولايات المتحدة، مع تعهد دونالد ترامب بجعل تخفيضاته الضريبية لعام 2017 دائمة إذا أعيد انتخابه، وفشل جو بايدن في الحد من مستويات الإنفاق المرتفعة، وهو ما أثار مخاوف من أن العجز قد يتضخم أكثر مما سبق بالفعل.
ومن المقرر أن يصدر صندوق النقد الدولي المراجعة السنوية لاقتصاد الولايات المتحدة، أو ما يُسمى مشاورات المادة الرابعة، في وقت لاحق من هذا الشهر. وقالت غوبيناث إنه في جميع الاقتصادات المتقدمة “لا توجد وسيلة للالتفاف” على حقيقة أن هناك حاجة إلى إصلاحات جوهرية لأنظمة معاشات التقاعد والإنفاق الطبي مع تقدم السكان في السن. وأضافت: “سيكون هذا أمرًا بالغ الأهمية”.
وعلى الرغم من أن إدارة بايدن كافحت لكبح جماح الإنفاق على الرعاية الصحية والاجتماعية، إلا أن غوبيناث أشارت ضمناً إلى أن صندوق النقد الدولي يدعم جهود البيت الأبيض لدفع الأميركيين الأثرياء إلى دفع المزيد من الضرائب. وقالت: “نرى أسباباً في العديد من البلدان لفرض ضرائب أكثر تصاعدية”، مضيفة أنه يمكن تنفيذ ضرائب الأرباح الرأسمالية والميراث بشكل أكثر فعالية.
وحذرت غوبيناث من أن التوسع في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي “يمكن أن يؤدي إلى تضخيم الانكماش الاقتصادي المقبل”، على الرغم من أنه قد يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتعزيز النمو. وكانت أبحاث حديثة قام بها مسؤولو صندوق النقد الدولي قد أكدت أن التكنولوجيا يمكن أن تسبب فقدان 30% من الوظائف في الاقتصادات المتقدمة، و20% في الأسواق الناشئة، و18% في البلدان المنخفضة الدخل. وقالت غوبيناث إنه يتعين على الدول إعادة التفكير في كيفية دعم العمال في الوظائف التي أزاحتها التكنولوجيا. وقالت: “نعتقد أن سخاء التأمين ضد البطالة يمكن أن يكون أعلى في بعض البلدان”، مضيفة أن تأمين الأجور لتغطية الفجوة بين رواتب العمال القديمة والجديدة يمكن أن يكون ناجحاً أيضاً.
المصدر: العربي الجديد