لم تعد شعارات “حق إسرائيل في الوجود”، و”ضرب الإرهابيين”، و”معاداة السامية” تسيطر على المشهد الأميركي، وحلت بدلا منها شعارات “الفصل العنصري”، و”سرقة الأراضي”، و”التطهير العرقي” في أوساط الشباب الأميركيين.
ودفع ذلك توماس فريدمان الكاتب اليهودي في صحيفة نيويورك تايمز ليطلق قبل شهور تحذيرا للقيادة الإسرائيلية من تبعات استمرار تبنيها سياسات يمينية ترفض بمقتضاها حل الدولتين.
وشدد فريدمان على أن إسرائيل بدأت خسارة الرأي العام بين طلاب الجامعات الأميركية، مستشهدا بمقاومة الاتحادات الطلابية في أغلب الجامعات الأميركية استضافة مسؤولين إسرائيليين رسميين للحديث داخل أسوارها.
وطالبت صحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية بـ”محاسبة الجامعات”، التي قالت إن فيها طلبة وأساتذة إسرائيليين يتعرضون لـ”اعتداءات”.
وحسب تعبير الصحيفة واسعة الانتشار، فإن “الرأي العام الأكاديمي بات يتحول ضد إسرائيل”، بسبب هجماتها العنيفة على قطاع غزة.
ومع تصاعد الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، في أعقاب هجوم حركة حماس المفاجئ عليها، نظمت العديد من الجامعات العالمية مظاهرات غاضبة، معتبرة أن الحرب الإسرائيلية تجاوزت رد الفعل والدفاع عن النفس إلى استهداف المدنيين، بمن فيهم الأطفال والنساء.
وعن أحوال الطلبة والأساتذة الإسرائيليين في الجامعات، قالت “يديعوت أحرونوت” في تقرير نشرته الثلاثاء:
في الآونة الأخيرة، امتلأت صفحات الأخبار بتقارير مثيرة للقلق حول مدى عداء الجامعات والحرم الجامعي في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا للطلاب الإسرائيليين.
مؤسسات التعليم العالي، بما في ذلك بعض من أرقى المؤسسات في العالم، تفشل في حماية الطلاب الإسرائيليين.
يتم استهداف أعضاء هيئة التدريس وغيرهم ممن يكشفون عن هويتهم الإسرائيلية.
الطلاب الإسرائيليون يتعرضون للاستهداف أيضا في شوارع ومدن مثل نيويورك ولوس أنجلوس ولندن.
الحوادث ضد الإسرائيليين في أنحاء العالم زادت بنسبة تزيد عن 500 بالمئة، يحدث الكثير منها ضد الطلاب الإسرائيليين في الجامعات.
هناك طالب إسرائيلي قتله أميركيون غاضبون من إسرائيل في لوس أنجلوس.
الطلاب في الخارج باتت لديهم قناعة أن إسرائيل هي الدولة المعتدية الوحيدة، ويرفض الكثير منهم تواجد زملاء إسرائيليون.
حان الوقت بالنسبة لنا لمحاسبة المؤسسات الأكاديمية التي لا تتحدث ولا تعمل ضد هذه الهجمات، فلا ينبغي لنا أن نتسامح مع واقع يتعرض فيه الطلاب للخطر في المؤسسات التي ينبغي أن تركز على إثراء العالم، وتكون ملاذا آمنا للجميع.
يستنتج الباحث في العلاقات الدولية جاسر مطر، من هذا المشهد الجديد على الجامعات خارج الشرق الأوسط، أن “الآلة الإعلامية الإسرائيلية تعطلت أمام النشاط الكبير للفلسطينيين والمتضامنين معهم لإيصال الحقائق للعالم عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.
وعن الفروق التي أحدثها النشاط على المواقع والصفحات على الإنترنت، يقول مطر في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”:
في السابق كانت تلك الجامعات ساحة يمتلكها الطلاب الإسرائيليون حرفيا، وكان لهم تأثير كبير على زملائهم، ويستطيعون شحنهم ضد الفلسطينيين.
في الحرب الجارية استطاع الفلسطنيون والقنوات العربية والعالمية نقل حقيقة ما يحدث داخل قطاع غزة، ونشر آلاف الفيديوهات للمجازر الإسرائيلية عبر استغلال “السوشال ميديا”، بعد أن كانت إسرائيل تخفيها بسيطرتها على الإعلام التقليدي.
الطلاب في العالم تصل إليهم الصورة بشكل صحيح اليوم، وبدأوا تنظيم مظاهرات حتى في أشهر جامعات العالم يهاجمون فيها إسرائيل، ولما خرجت مسيرات داعمة لإسرائيل تعرضت لهجوم من طلاب مؤيدين لفلسطين.
في وقت سابق من نوفمبر الجاري، تحدثت صحيفة “فاينانشيال تايمز” الأميركية عن أن الجامعات في الولايات المتحدة أصبحت “نقطة محورية” لوجهات النظر المتعارضة بشأن ما يجري في غزة، بما في ذلك جامعتا هارفارد وبنسلفانيا.
وخرجت مظاهرات تندد بالقصف الإسرائيلي نظمها ائتلاف “طلاب لأجل العدالة في فلسطين”، وجرت مسيرات منسقة بعدة جامعات، منها أريزونا وفرجينيا وأوهايو ونيويورك وجورج تاون، وفق ذات الصحيفة.
كما أصدر ائتلاف يضم 34 منظمة طلابية في جامعة هارفارد بيانا، اعتبر أن هجوم حركة “حماس” ضد إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي “لم يأت من فراغ”.
في المقابل، اتخذت بعض الجماعات إجراءات تحذيرية وعقابية ضد الطلاب سواء مؤيدين أو معارضين لإسرائيل، في محاولة للحد من “الصراع الفكري” والاعتداءات ذات الخلفيات السياسية.
وعلقت جامعة كولومبيا جمعيتين طلابيتين، هما ” طلاب من أجل العدالة في فلسطين”، و”الصوت اليهودي من أجل السلام”، حتى نهاية الفصل الدراسي.
وفي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أرسلت مسؤولة توضيحا للطلاب بحدود الاحتجاجات المسموح بها، واصفة مظاهرة مؤيدة لفلسطين بأنها “معطلة وذات صوت مرتفع”.
وهدد أثرياء أميركيون بوقف تبرعاتهم لمؤسسات مثل جامعتي هارفارد وبنسلفانيا، بحسب صحيفة “فينانشال تايمز” البريطانية، التي أوضحت أيضا أن أكثر من 20 شركة محاماة حذرت أنها لن توظف الخريجين الذين يقفون ضد إسرائيل.