د. أحمد خالد توفيق
في رحلة ريفية رأيت مجموعة من أصدقائي يلعبون لعبة سخيفة:
علقوا زجاجة مياه غازية فارغة بحبل على غصن شجرة وجعلوها تتأرجح كبندول الساعة، ثم راحوا يصوبون عليها بالبندقية من مسافة بعيدة نسبياً..
دنوت منهم وقررت أن أجرب.. ما هذه؟ بندقية؟ كيف تطلقون بها؟ ما المطلوب بالضبط ؟ إصابة هذه الزجاجة؟ دعوني أجرب..
وضغطت الزناد بلا تفكير لتتناثر شظايا الزجاجة في كل أتجاه ويشهق اصدقائي ذهولاً..
عرفت فيما بعد أنهم يحاولون منذ ساعة وأن ثلاثة منهم حاصلين على جوائز في الرماية لكنهم فشلوا !
لو كنت أعرف هذا كله مسبقا لفشلت حتماً..
شجاعة الجهل..
لولاها لما فعلنا أي شئ، لأننا نتوقع الفشل من البداية..
لهذا لم أندهش عندما قرأت عن ذلك الشاب الأمريكي الذي دخل قاعة المحاضرات متأخراً فوجد على لوح الكتابة معادلة غير محلولة.
نسخها وافترض ان هذه هي واجبه المنزلي..
وهكذا عاد لداره وسهر حتي أتم حل هذه المعادلة وقدمها لأستاذه في اليوم التالي.
أصيب الأستاذ بالذهول، وطلب الفتى ليخبره بالحقيقة: هذه المعادلة لاحل لها أو هكذا اعتبر أساتذة الرياضيات عبر التاريخ ، وقد كتبها الأستاذ علي لوح الكتابة كنموذج للمعادلات مستحيلة الحل.. الطالب الذي لم يعرف هذه الحقيقة حلها في ليلة واحدة !
هنا .. يجب أن نتحلي بشجاعة الجهل ولا نفكر في مدى صعوبة ما نحن بصدده، ولا بعدد من فشلوا قبلنا..
هذه هي الطريقة الوحيدة الممكنة للنجاح، أما لو حاصرتنا أشباح المخاوف قبل أن نبدأ فلسوف تخرج تلك الكلاب السوداء المفترسة لتمزقنا قبل ان نخطو خطوة واحدة !