
لا تزال ردود الفعل المحلية والعربية الغاضبة تتصاعد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إثر الجريمة المروعة التي ارتكبتها ميليشيا الحوثي الإرهابية في محافظة ريمة، حين اقتحمت منزل الشيخ صالح أحمد حنتوس، أحد رموز تعليم القرآن الكريم في مديرية السلفية، وقتلته مع أحد أحفاده بدم بارد.
الجريمة، التي وصفها ناشطون بـ”المجزرة القرآنية”، جاءت بعد حصار مسلح استمر أكثر من 24 ساعة، استخدمت فيه الجماعة القذائف المدفعية والرشاشات الثقيلة، قبل أن تُداهم المنزل وتطلق النار مباشرة على الشيخ داخل داره، بحسب ما أفادت مصادر محلية وحقوقية.
مشايخ الكلمة وألسنة الغضب.. حملة تنديد واسعة
سلسلة الإدانات لم تتوقف، وبدأت بكتّاب بارزين وإعلاميين عرب. الكاتب السياسي الأردني ياسر الزعاترة قال في تغريدة:
“لا أسوأ من الجريمة سوى تبريرها.. زعم بيان الحوثي أن الرجل كان ضد مواقف الجماعة الداعمة لفلسطين! أي ابتذال هذا؟ كيف تُستغل غزة لتبرير اغتيال رجل نذر نفسه للقرآن؟”.
الكاتب المصري جمال سلطان وصف الحادثة بأنها “دليل فاضح على بشاعة الإرهاب الحوثي وعنصريته الكهنوتية”، مشيرًا إلى أن ما حدث في ريمة “يضاف إلى سجل طويل من الانتهاكات ضد اليمنيين، من تفجير للمنازل ودور العبادة، وسلب للحقوق، واختطاف العلماء”.
فيما دعا حزب التجمع اليمني للإصلاح، الذي كان الشيخ حنتوس من رموزه الدينية، المجتمع الدولي إلى “تصنيف ميليشيا الحوثي كمنظمة إرهابية، ومحاسبة قادتها، وتجفيف منابع دعمهم”، مشددًا على أن هذه الجريمة تمثل “عدوانًا على الدين، وليس فقط على الأشخاص”.
اغتيال الشيخ.. جريمة لها ما قبلها
الشيخ حنتوس، الذي تجاوز السبعين من عمره، أمضى أكثر من 50 عامًا في تحفيظ القرآن وتعليم النشء، وكان من الشخصيات التي رفضت الرضوخ لسلطة الحوثيين على المسجد والتعليم الديني. وأثناء اقتحام منزله، قاوم ببندقيته الشخصية، رافضًا تسليم نفسه، وترك خلفه وصية مؤثرة قال فيها:
“قصفونا داخل المسجد، وحاولوا اغتيالي.. إن شاء الله هي الشهادة، فمن قاتل دون عرضه أو ماله فهو شهيد”.
وفي اليوم التالي للجريمة، واصلت الميليشيا حملة الاستهداف بحق أهل القرآن، واعتقلت مدير دار القرآن الكريم في منطقة اليهاري بمحافظة إب، الدكتور محمد قايد عقلان، في خطوة وصفت بأنها “استكمال لتصفية العلماء الذين لا يدينون بالولاء للحوثيين”.
ردود فعل عربية: أين المجتمع الدولي من هذا الإرهاب؟
الكاتب الموريتاني محمد المختار الشنقيطي كتب:
“ويلٌ لأهل المسيرة القرآنية من استهداف دار القرآن، وقتل رجل القرآن الكريم”.
أما الناشط حاتم قشوع فهاجم بمرارة صمت العالم قائلاً:
“صواريخ الحوثي التي لم تُصِب تل أبيب، أصابت صدر الشيخ حنتوس بدقة! لا هدف لغزة، بل هدف داخلي لإرهاب كل من يقول: لا”.
الإعلامي حسين الغاوي أشار إلى بشاعة الجريمة قائلاً:
“ما حدث ليس اغتيالًا فحسب، بل مجزرة دينية وإنسانية.. لم يعد هناك حياد أمام هذا القتل”.
فيما شبّه الصحفي العراقي عثمان المختار الحادثة باغتيال الشيخ السني علي رزوقي السامرائي في بغداد عام 2006، قائلاً:
“قتلة القرآن لا يفرقون بين صنعاء وبغداد.. الفكر واحد، والرصاصة واحدة”.
المرأة الصابرة: صوت زوجة الشهيد
وأثارت كلمات فاطمة، زوجة الشيخ المصابة في الجريمة، تفاعلًا واسعًا، حيث قالت في رسالة مبكية:
“أخبروا من خدعتهم شعارات الحوثيين لفلسطين، أن عبد الملك الحوثي يفعل بنا في بيوتنا كما يفعل نتنياهو في غزة”.
وصية شهيد.. وصفعة لوجه الصمت
الشيخ صالح حنتوس لم يكن مجرد اسم، بل كان منارة دينية لأهالي ريمة. اغتياله فجّر موجة غضب شعبية وسياسية واسعة، وعرّى زيف ادعاءات الجماعة، التي تزعم الدفاع عن فلسطين بينما تقصف دور القرآن والمساجد.
الرسالة الأخيرة من ريمة جاءت واضحة على ألسنة اليمنيين والعرب:
“من يقتل علماء القرآن لا يمكن أن يكون من أنصار الله.. ولا نصيرًا لغزة”.
*يني يمن