بعد تسريبات عدة في اليومَين الأخيرَين، أكّد مصدر في وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة التعاقد بين الوزارة وشركة بريسايت “الإماراتية التي تعدّ شركة ريادية في التحول الرقمي في مجالات التعليم، والصحة، والبنى التحتية، والرياضات الإلكترونية، وغيرها من المجالات، وهي كالعديد من الشركات الإماراتية تتميّز على المستوى العالمي والإقليمي”. وأضاف المصدر الوزاري، في تصريح نقلته وكالة الأنباء الرسمية الأردنية “بترا”، أنّ “هذا التعاقد هو جزء من منحة إماراتية في إطار التعاون التاريخي والدعم الذي تقدمه الشقيقة الإمارات للأردن ومن خلال شركاتها المتميزة والمتطورة في مجالات عدة، وهي شراكة يقدّرها الأردن عالياً”، مشيراً إلى أن “برسايت لها دور محدّد في إنشاء مشروعات معينة على أن ينتهي عملها، بعد إنجاز هذه المشروعات لتُشغّل أردنياً”.
لكن لماذا أثار توقيع هذه الاتفاقية كل هذا الجدل؟ ببساطة لأنّ “بريسايت” ليست شركة إمارتية، بل شركة إماراتية ــ إسرائيلية، تأسست عام 2021، لتكون مشروعاً مشتركاً بين شركتَي Group 42 (G42) الإماراتية، وشركة Rafael Advanced Defense Systems التي تملكها دولة الاحتلال الإسرائيلي، بحسب ما نقلت وكالة رويترز للأنباء في 19 إبريل/ نيسان 2021.
وبحسب “رويترز” تعمل “بريسايت” على تسويق تقنيات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، على أن يكون للشركة موقع للبحث والتطوير في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيت تُطوّر منتجات لقطاعات تشمل الخدمات المصرفية، والرعاية الصحية، والسلامة العامة.
وقد أثار النائب الأردني المنتخب عبد الرؤوف الربيحات (لم يحلف النواب المنتخبون حديثاً اليمين الدستورية بعد) هذه القضية، مطالباً بإنهاء الاتفاق الموقع بين حكومة الأردنية وشركة بريسايت الإمارتية، “خوفاً من تهديد الأمن الوطني ورفضاً لأي شكل من أشكال التطبيع مع الاحتلال، سواء كان مباشراً أو غير مباشر”. وقد وجّه الربيحات مذكرة إلى وزيرة التخطيط والتعاون الدولي، زينة طوقان، يوم الأحد الماضي، حول التعاقد مع “بريسايت” التي كلّفتها لوزارة بمشروع رقمنة وتحديث القطاع الصحي، دعا فيها الحكومة “إلى الإفصاح عن تفاصيل العقد، والعمل على إنهائه سريعاً حفاظاً على الأمن الوطني الأردني”.
وكانت وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة ووزارة الصحة قد أطلقتا في 8 سبتمبر/ أيلول الماضي مشروع تقييم واقع التحول الرقمي في المستشفيات والمراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة في المملكة، وتطوير الاستراتيجية التي ستوضع على أساسها خريطة الطريق للمشاريع المستقبلية ضمن الاتفاقية الموقعة بين وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة وشركة “بريسايت”.
ومع انتشار خبر التعاقد، انتقد ناشطون وسياسيون على مواقع التواصل هذا الاتفاق. وكتبت النائبة المنتخبة ديما طهبوب في تدوينة على موقع إكس أنّ “أمن المعلومات لا يقل خطورة عن أي شكل من أشكال الأمن والحماية العسكرية ولا يجب أن يباشر أو يسلم إلا إلى أبناء البلد وجهات محلية مراقبة من الحكومة، غير ذلك انكشاف وتسليم رقبة إلى الخصوم الاتفاقية مع شركة بريسايت المنبثقة من تحالف مع شركة رافاييل الصهيونية مرفوضة ويجب أن تلغى”.
وكتب عبد الله الحويطي على “أكس”: “لم نتعلم من التجربة اللبنانية وحجم الاختراقات والتفجيرات التي تعرضوا لها بسبب تسريب البيانات للعدو والآن نعيد الخطأ نفسه بتسليم معلوماتنا وبيانات الوطنية للعدو عبر التعاقد مع بريسايت الإسرائيلية، هذا اختراق لأمننا وسيادتنا، أين الوطنيون ممن يخافون على أمن الوطن”.
بينما كتب رئيس قسم كهرباء القلب في مستشفى العبدلي الدكتور محمد الحجيري على صفحته في “فيسبوك”: “وزارة الصحة العزيزة، أرفض رفضاً تاماً وقاطعاً مشاركة أي من بيانات مرضاي أو التعامل، سواء من قريب أو من بعيد، مع المشروع الجديد الذي ستشرف عليه شركة إسرائيلية للبيانات، بحسب ما ورد في مصادر إعلام وبحسب ما وردني من نقابة الأطباء… وأطلب من جميع زملائي الأطباء الرفض القاطع والتام والكامل للتعامل مع هذا المشروع، وهذه الشركة التي هي ظاهرياً لمصلحة المريض الأردني وباطنياً لسرقة كل بياناتنا والتحكم بقطاعنا الصحي. الأردن عنده الكفاءة الكاملة لحوسبة البيانات بأيادٍ أردنية”.