الأخبار
أخر الأخبار

غضب واسع إثر حالات اختناق جماعية في محافظة قابس التونسية

تشهد محافظة قابس جنوب شرق تونس حالة من الغليان الشعبي والاحتقان غير المسبوق إثر تكرار حوادث الاختناق بالغازات السامة المنبعثة من المجمع الكيميائي التونسي (GCT)، حيث سُجلت مؤخراً موجة جديدة من الاختناقات الجماعية، تركزت بشكل خاص في صفوف تلاميذ مدرسة إعدادية بمنطقة شط السلام، وهي منطقة سكنية تقع بمحاذاة المصانع.

وأفادت التقارير أن عشرات الأشخاص، بمن فيهم الطلاب، تعرضوا لصعوبات حادة في التنفس وفقدان للوعي، مما استدعى تدخل وحدات الإسعاف لنقلهم إلى المستشفيات لتلقي الإسعافات اللازمة.

ويعزو ناشطون بيئيون محليون والاتحاد الجهوي للشغل هذه التسربات المتكررة للغازات السامة، مثل ثاني أكسيد الكبريت والأمونيا، إلى اهتراء المعدات وتجاوز عمرها الافتراضي في المجمع، الذي يعود تاريخ إنشائه إلى سبعينيات القرن الماضي.

أثارت هذه الحادثة الأخيرة موجة واسعة من الغضب، حيث نُظمت احتجاجات عارمة شملت إغلاق الطرق، حيث أقدم المحتجون، استجابة لدعوات من منظمات مجتمع مدني مثل “أوقفوا التلوث”، على إغلاق الطريق المؤدية إلى المنطقة الصناعية وإشعال إطارات السيارات، تعبيراً عن رفضهم لاستمرار الوضع.

وطالب المتظاهرون بشكل حاسم بـالتطبيق الفوري للقرار الحكومي الصادر في يونيو 2017، والذي يقضي بإيقاف وإغلاق الوحدات الملوثة والتخلي عن سكب مادة “الفوسفوجيبس” السامة في البحر، وهو القرار الذي ظل معلَّقاً دون تنفيذ حتى اليوم.

من جهته، أعلن الاتحاد الجهوي للشغل في قابس أن الولاية أصبحت “جهة منكوبة وعلى فوهة قنبلة موقوتة”، محذراً من أن استمرار هذا التدهور الصحي والبيئي قد يدفعهم لإعلان إضراب عام جهوي.

وتُعد أزمة قابس البيئية من أخطر القضايا في تونس، حيث يشتكي الأهالي منذ عقود من انتشار الأمراض المزمنة، خاصة السرطان والأمراض التنفسية وهشاشة العظام، بسبب الاستنشاق المستمر للهواء الملوث إضافة إلى تدمير الواحة البحرية الفريدة في قابس وتدهور الثروة السمكية نتيجة إلقاء النفايات الكيميائية ومخلفات الفوسفات في البحر.

وفي وقت سابق، كان الرئيس التونسي قد وصف ما يحدث في قابس بأنه “جريمة” و “اغتيال للبيئة”، إلا أن الإجراءات التنفيذية لمعالجة المشكلة أو تفكيك المصانع لا تزال بطيئة، مما يثير استياء الأهالي الذين يرون أن السلطات تتعاطى مع القضية أمنياً بدلاً من إيجاد حلول جذرية.

زر الذهاب إلى الأعلى