فرحة ممزوجة بالحذر تعم أرجاء غزة بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار

عمّت فرحة كبيرة مدن قطاع غزة صباح اليوم الخميس، بعد الإعلان رسميا عن اتفاق وقف إطلاق النار بين الاحتلال وحركة “حماس” في ختام مفاوضات شاقة جرت في القاهرة برعاية أمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب.

تغير المشهد فجر اليوم الخميس خلال دقائق قليلة، إذ امتلأت منصات التواصل الاجتماعي بمقاطع الفيديو والصور التي وثقت لحظات الفرح الأولى في غزة.

وخرج الغزيّون وأطفالهم إلى الشوارع ورددوا التكبيرات، وأهازيج تعبر عن الفرحة الممزوجة بالألم الذي عاشوه لسنتين.

ورفع غزيّون الأعلام الفلسطينية. ووزعت نساء بعض الحلوى، فيما نشر ناشطون مشاهد مؤثرة لفرحة الأطفال وسط الخيام.

ظهرت وجوه يعلوها الغبار والدموع لكنها تبتسم، وأطفال يلوحون بأعلام فلسطين فوق الركام، ونساء يطلقن الزغاريد من مراكز الإيواء، في حين خرج السكان إلى الشوارع يعبرون عن ارتياحهم بانتهاء الحرب.

جاء ذلك بعد إعلان حركة حماس التوصل إلى اتفاق يقضي بوقف الحرب وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من كامل قطاع غزة، مع إدخال المساعدات الإنسانية وتنفيذ عملية تبادل للأسرى بين إسرائيل وفصائل المقاومة.

ورغم مشاهد الفرح التي غمرت الشوارع، بدت على الوجوه علامات التعب والوجع، فالغزيون الذين عاشوا أقسى أنواع الألم والصبر خلال عامين من الحصار والدمار، وجدوا في هذه الهدنة متنفسا مؤقتا بعد معاناة طويلة.

ووثق ناشطون عبر منصات التواصل لحظات مؤثرة لخروج الأطفال والمواطنين من بين الأنقاض وهم يرددون التكبير ويهتفون لفلسطين.

في أحد المقاطع، يتبادل شبانٌ التهنئات بقولهم “الحمد لله سكت القصف”، قبل أن يضيف أحدهم بحذر “بس ما بنصدق إلا لما تمر أيام”.

وفي الوقت ذاته، علت أصوات النساء بالتكبير من داخل مراكز الإيواء، في مشهد جمع بين الارتياح والخوف، حيث شعر كثير من الأهالي بأن لحظة الهدوء الحالية قد تكون بداية لمرحلة جديدة من الإعمار والسلام، لكنهم يدركون أيضا أن الطريق ما زال طويلا.

بالمقابل عبّر آخرون عن خليط من الأمل والوجع، إذ بدى صمت المدينة بعد القصف أثقل من أصوات الطائرات التي اعتادوا سماعها، في حين استعاد آخرون صور الشهداء الذين غابوا عن هذه اللحظة، متمنين لو كانوا بين الأحياء ليشاركوا الناس فرحتهم.

قال أحد النشطاء إن الناس في غزة يشعرون وكأنهم “أطفال ينتظرون صباح العيد”، في حين رأى آخرون أن الهدنة تمثل “فرصة مؤقتة للنجاة” أكثر من كونها نهاية للحرب.

وأضاف آخر “ربنا يعوضنا عن كل هذا الفقدان ويثبت قلوبنا، نريد فقط أن نعيش بسلام وأن نرى غزة تبنى من جديد”.

وكتب أحدهم “كأنها ليلة العيد وأجمل. والله الإنسان مش عارف يبكي من الفرح ولا الحزن، مرت أمام عيني صور كل الشهداء، كنا نأمل أن يكونوا معنا ومع أهل غزة في سعادتهم”.

وشبّه بعضهم الأجواء بليلة عيد طال انتظارها، حيث بدت وجوه الأطفال تترقب الصباح كما لو كانت تنتظر بداية حياة جديدة. ومع ذلك، ظل الشعور العام حذرا، فالكثيرون يعتبرون الهدنة فرصة مؤقتة للنجاة وليست نهاية للحرب، في ظل استمرار المعاناة الإنسانية التي تجعل الفرح ناقصا.

وشمل الاتفاق في مرحلته الأولى إطلاق سراح كافة أسرى الاحتلال وعددهم 48 أسيرًا إسرائيليًا مقابل آلاف الأسرى الفلسطينيين، إلى جانب انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية وفتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية.

وسجّل القطاع، الذي يضم أكثر من مليوني نسمة، واحدًا من أكثر الأيام هدوءًا منذ اندلاع الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، والتي أودت بحياة أكثر من 67 ألف شهيد، معظمهم من النساء والأطفال.

وتضمّن الاتفاق بنودًا لإعادة الإعمار خلال ثلاث إلى خمس سنوات، ما اعتبره الغزيون بارقة أمل بعد دمار واسع طال البنية التحتية والمنازل والمستشفيات. ورغم الحذر من تعثر التنفيذ، تمسّك كثيرون بآمالهم في أن تكون هذه النهاية الحقيقية للحرب.

وانتقلت مشاهد الفرح إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تصدّر وسم #غزة_تنتصر المنصات الرقمية، وتداول المستخدمون مقاطع تُظهر الاحتفالات والتكبيرات في شوارع القطاع.

وتعرض قطاع غزة على مدى عامين لحرب إبادة أسفرت عن استشهاد أكثر من 67 ألفا وإصابة 169 ألفا. وإلى جانب القصف والتدمير لكل مقومات الحياة، شنت إسرائيل حرب تجويع على مليوني فلسطيني في القطاع، مما أسفر عن استشهاد المئات.

Exit mobile version