فنان فلسطيني يسلي الأطفال النازحين بعروض دمى مسرحية

على ركام أحد المنازل المدمرة بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة، يجتمع أطفال نازحون حول الفنان الفلسطيني مهدي كريرة، وهو يقدم عروضا مسرحية بمجسمات دمى “ماريونيت”.

ووسط الدمار والخراب الناجم عن الحرب الإسرائيلية على القطاع، يسعى الفنان الفلسطيني إلى إدخال الفرح والسرور إلى قلوب الأطفال، مستعينا بعروضه الفنية التي تحاكي حياة الأطفال وأحلامهم، ليخفف عنهم معاناة الحرب ويمنحهم لحظات من السعادة والبهجة.

وخلال العروض المسرحية التي يقدمها كريرة (51 عاما)، تظهر السعادة واضحة على محيا الأطفال الذين نالت الحرب من ابتساماتهم، حيث يشاهدون عروض الدمى بحثا عن الفرح والأمل بالحياة رغم الظروف القاسية التي يعيشوها في القطاع منذ 10 أشهر.

وتعد تلك العروض متنفسا للأطفال بعيدا عن أصوات الطائرات والمدافع والغارات الإسرائيلية، ومشاهد القتل والدمار المتكررة يوميا.

تدوير علب المساعدات الغذائية

ويصنع الفلسطيني كريرة مجسمات دمى “ماريونيت” من العلب المعدنية الفارغة من مخلفات المساعدات الغذائية للقطاع، ليقدم بها عروضا للأطفال النازحين داخل خيمته القريبة من شاطئ البحر.

ويستخدم كريرة أدوات بسيطة لإعادة تدوير المواد المتاحة، مثل العلب الفارغة والخيوط وقطع الكرتون، في محاولة لتقديم عروض للأطفال للتخفيف عن آلامهم وزرع الابتسامة على وجوههم.

ودمى “الماريونيت”، والمعروفة أيضا بعروض العرائس المتحركة، هي مجسمات اصطناعية يتم التحكم في حركاتها من قبل أحد الأشخاص إما يدويا أو عبر خيوط أو أسلاك أو عصي.

وتستخدم الدمى على شكل أشخاص أو حيوانات أو نباتات أو أشياء أخرى، حيث تتقمص أدوارا متنوعة ضمن مسرحيات تهدف إلى تقديم الترفيه والمرح للجمهور.

متعة وسط الحرب

وفي حوار مع الأناضول، قال كريرة إنه “رغم استشهاد أكثر من 60 فردا” من أبناء عائلته خلال حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، إلا أنه يواصل تقديم العروض المسرحية للأطفال.

ويرى الفنان الفلسطيني أن في تقديم العروض للأطفال “وسيلة لمنحهم لحظات ممتعة ومليئة بالبهجة في ظل ظروف الحرب القاسية”.

و يأمل أن تساهم تلك العروض في “توفير بعض السعادة والراحة للأطفال، وأن تساعدهم على نسيان معاناة الواقع ولو لفترة قصيرة”، بحسب قوله.

وقال كريرة: “الأطفال يعيشون أوضاعا إنسانية صعبة جراء الحرب والقتل والدمار على مدار الأشهر الماضية، لذلك وجب علي كفنان أن أساعدهم في تخطي هذه الظروف الصعبة”.

وأضاف: “أصنع تلك الدمى من علب المساعدات الغذائية التي نتناولها، وبعض الأدوات المتاحة البسيطة لعدم توفر الأدوات الرئيسية”.

احتلال بلا إنسانية

كريرة نزح كغيره من الفلسطينيين من شمالي قطاع غزة إلى الوسط، حيث يعيش ظروفا إنسانية صعبة داخل خيمة من النايلون والقماش المهترئ.

وقال: “نزحت مثل أي فلسطيني من مدينة غزة (شمال) وتوجهت إلى جنوب القطاع، ثم إلى مدينة دير البلح بحثا عن الأمان الذي نحتاجه ولم نجده، فالقصف والدمار في كل مكان، حيث لا يعرف الاحتلال معنى الإنسانية؛ ويقتل الأطفال والنساء والشيوخ”.

ولفت إلى أنه “في خيم النزوح نفتقر لأدنى مقومات الحياة، لا يوجد مياه ولا طعام جيد، والأطفال يعانون أيضا من أمراض مختلفة”.

ومؤخرا، قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، إن أطفال قطاع غزة “يواجهون الفواجع والصدمات كل يوم”.

وأشارت الأونروا، في منشور على حسابها عبر منصة “إكس”، إلى أن فرقها بغزة، “رغم التحديات المستمرة، تواصل تقديم دعم الصحة العقلية لأطفال غزة الذين يواجهون الفواجع والصدمات كل يوم”.

وأضافت الوكالة الأممية: “زملاؤنا بمدينة خان يونس جنوبي القطاع ينظمون اليوم أنشطة للأطفال غير المصحوبين بذويهم للسماح لهم باللعب مجددا”.

ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يواجه الفلسطينيون معاناة النزوح، حيث يأمر الجيش الإسرائيلي سكان المناطق والأحياء السكنية بإخلائها استعدادا لقصفها وتدميرها.

ويضطر الفلسطينيون خلال نزوحهم إلى اللجوء إلى بيوت أقربائهم أو معارفهم، والبعض يقيم خياما في الشوارع والمدارس، في ظل ظروف إنسانية صعبة حيث لا تتوفر المياه ولا الأطعمة الكافية، وتنتشر الأمراض.

وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، بلغ عدد النازحين داخل القطاع منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مليوني شخص.

وبدعم أمريكي مطلق، تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر، أسفرت عن أكثر من 129 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.

وتواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح (جنوب)، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري بغزة.

المصدر: الأناضول

Exit mobile version