من بين المعاناة والآلام… يمنيون يقهرون التحدي بتأسيس فريق كرة قدم لمبتوري الأطراف

على غرار خمس دولة عربية تتجه اليمن لتأسيس أول فريق كروي لكرة القدم لمبتوري الأطراف، حيث كان ملعب الشهداء بمدينة تعز هو شاهد العيان لأول حصة تدريبية لفريق كرة قدم مبتوري الأطراف.
وتتوسع هذه اللعبة منذ بدايتها في الثمانينات بشكل تدريجي ومتسارع، ومع انطلاق المباريات الاستعراضية وتدوال المعلومات حولها وتوسع أخبارها جذبت رياضة كرة قدم مبتوري الأطراف اهتمام وسائل الإعلام واكتسبت شعبية كبيرة.
وساهم ذلك بزيادة عدد الفرق ولاعبيها في جميع أنحاء العالم ومع زيادة عدد مبتوري الأطراف باليمن بسبب الحرب الدائرة منذ العام 2015، حيث نقلت وكالة الأناضول التركية عن الصليب الأحمر في العام 2022 أن حوالي 150 ألف شخص في اليمن يحتاجون الى خدمات الأطراف الصناعية، وأضافت أيضا إن هناك قرابة 4.5 مليون شخص (ما يعادل 15% من السكان)، يحملون إعاقات بينهم 1.2مليون طفلا.
خلال حديثه لـ “الموقع بوست” يقول الدكتور منصور الوازعي مدير مركز الأطراف الصناعية بتعز بأن الحرب الدائرة في البلاد أدت الى تزايد إعداد مبتوري الأطراف.
الفكرة والتأسيس

ومع تواجد هذا العدد الكبير من مبتوري الأطراف باليمن، ومن وسط المعاناة والألم، بدأت الفكرة تأتي وتتبلور في رأس جهاد البريهي الذي تعرض في العام 2017 لإصابة جراء سقوط قذيفة على الحي الذي يسكن فيه بتعز بترت قدمه اليسرى وأصابت عينه اليمنى، لتأسيس فريق لرياضة مبتوري الأطراف، ليعلن جهاد في ديسمبر من العام 2024 ومن مدينة تعز بالتحديد عن تأسيس أول فريق لكرة القدم لمبتوري الأطراف، بهدف تمكين ذوي الإعاقة الحركية من ممارسة الرياضة والمنافسة على مستويات مختلفة.
وتأتي هذه المبادرة في إطار جهود دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجال الرياضي وتعزيز روح التحدي والإنجاز لديهم، هذا الفريق الجديد يأتي كجزء من مبادرة مجتمعية تهدف إلى تمكين الأفراد من ذوي الهمم وإثبات أن الإعاقة ليست عائقًا أمام تحقيق الأحلام.
وعن تأسيس فريق مبتوري الأطراف لكرة القدم كانت البداية مع المهندس فؤاد فاضل المدير العام لمكتب وزارة الشباب والرياضة بتعز.
في حديثه لـ “الموقع بوست” يقول فاضل إن الفكرة رائعة وجميلة لما تحمله من رسالة، ويرى فاضل أن هذه المبادرة والتي حرص مكتب الشباب والرياضة بالمحافظة أن يكون جزء منها، تشكل أهمية كبيرة كونها ستلعب دوراً تثقيفياَ وإرشادياً لرفع الوعي العام بقضايا مبتوري الأطراف وحقوقهم ودراسة أوضاعهم من النواحي الصحية والمادية والإجتماعية، إضافة إلى دورها في حل مشكلاتهم وتلبية احتياجاتهم.
أما جهاد البريهي رئيس مبادرة التحدي لرياضة مبتوري الأطراف (CIAS) ومؤسس الفريق، يقول إن الفكرة جاءت عندما شاهد مباراة كرة قدم لمبتوري الأطراف على مواقع التواصل الاجتماعي، وبدأ البحث عن تفاصيل اللعبة والقوانين المنظمة لها.
يقول البريهي إن الفكرة بدأت تعمل وتضع الكثير من الأسئلة في رأسه وأن من حق ذوي الإعاقة ممارسة الرياضات ومنها كرة القدم، وأن يكون هناك فريق كرة قدم مبتوري الأطراف باليمن نفس ما يحدث في العديد من الدول التي تحتضن فرقًا من هذا النوع.
ويشير إلى أن تأسيس الفريق هو فرصة لمن فقدوا أحد أطرافهم بسبب الحرب والحوادث وكذلك الأمراض، ليعيدوا اكتشاف أنفسهم في مجال الرياضة، كما يؤكد جهاد البريهي بأن الرياضة ليست حكراً على أحد، ومن حق الجميع ممارسة هواياتهم وتحقيق أحلامهم.
وأكد أن هدف المبادرة هو منح هؤلاء الأبطال فرصة لإثبات قدراتهم وإلهام الآخرين، ويزف جهاد بشارة تأسيس فريق كرة قدم للمبتورين في مدينة عدن حيث أعلن عن ذلك يوم الأحد الموافق 2 فبراير، مشيداً بالنجاح الكبير الذي حققه أول فريق كرة قدم للمبتورين في اليمن بمحافظة تعز، ليكون إضافة قوية نحو تمكين الأبطال من ممارسة شغفهم الرياضي والتعبير عن قدراتهم.
وعن التأسيس كذلك يقول الكابتن نبيل مكرم نائب مدير مكتب الشباب والرياضة بالمحافظة رئيس اتحاد الرياضة للجميع، بأنها اتت من خلال متابعة جهاد البريهي وتواصله مع مكتب الشباب والرياضة بالمحافظة ممثل بالمدير العام م.فؤاد فاضل والنائب بلال الحكيمي، وتم الإجتماع بالمكتب بحضوره.
وخلال الاجتماع تم إقرار ضم فريق كرة قدم مبتوري الأطراف الى اتحاد الرياضة للجميع كمرحلة أولى الى ان يتم تشكيل اتحاد خاص بمبتوري الأطراف لكرة القدم، ويزف مكرم بشارة إصدار قرار تشكيل اتحاد رياضة كرة قدم مبتوري الأطراف خلال الفترة القادمة من قبل وزارة الشباب والرياضة ممثله بالوزير نايف البكري، وأن هذا الاتحاد سيكون نواة تشكيل منتخب اليمن لرياضة كرة قدم مبتوري الأطراف.
ويشيد مكرم بفكرة التأسيس أنها ستشكل حافز قوي لذوي الإعاقة من حيث النفسيات والمعنويات والعودة للحياة والخروج من قوقعة الانطواء والحياة المنطوية حول نفسه وحول إصابته إلى ملعب كرة القدم الذي سيشعره بالراحة النفسية والعودة إلى الإبتسامة.
ويتفق مع الكابتن نبيل الدكتور منصور الوازعي أن فكرة التأسيس ستشكل حافز كبير جداً لمبتوري الأطراف.
التدريبات والاستعدادات
الـ29 من نوفمبر العام الماضي ميلاد أول فريق لرياضة كرة قدم مبتوري الأطراف في اليمن، ومن على أرضية ملعب الشهداء بمدينة تعز بدأ الفريق أول نشاطه واستعداداته وتدريباته بقيادة جهاز فني وإداري يقوده الكابتن نبيل مكرم المدير الفني للفريق ومساعده عادل الشرعبي ومدرب الحراس مدحت الصامت، والجهاز الإداري بقيادة مؤسس الفريق جهاد البريهي.
ويتلقى اللاعبون تدريبات مكثفة، وتعتمد هذه الرياضة على العكازات الرياضية بدلاً من الأطراف الاصطناعية، حيث يُمنع اللاعبون من استخدام الأطراف الصناعية أثناء اللعب لضمان المساواة بين جميع المشاركين.
ويقول الكابتن نبيل مكرم عن هذه التجربة، بأن الحماس والإصرار الذي رآه في اللاعبين يفوق التوقعات وإنهم يثبتون كل يوم أن الإعاقة لا يمكن أن تقف في طريق الشغف، وإن الفريق يمارس تدريباته على عدة فترات منها صباحية ومسائية، وتأتي التدريبات برغبة جامحه من اللاعبيين، وعندهم رغبة حقيقة من أجل النجاح وتحقيق الإنجاز ويمتثل ذلك في الانضباط والالتزام.