تعتبر الأنباء الواردة من أوكرانيا حول استهداف غواصة روسية داخل ميناء نوفوروسيسك في البحر الأسود، باستخدام مسيرة تحت الماء، تطوراً استراتيجياً وصف بأنه الأول من نوعه في التاريخ العسكري البحري، وخطوة تؤكد على التطور النوعي في قدرات كييف القتالية رغم افتقارها لأسطول بحري تقليدي.
وقد أعلن جهاز الأمن الأوكراني، اليوم الإثنين، بالتعاون مع القوات البحرية، عن نجاح هذه العملية التي استخدمت فيها مسيرة تحت الماء تحمل اسم “Sub Sea Baby” (طفل البحر الغاطس).
الهدف الذي تم استهدافه هو غواصة روسية من فئة “كيلو” (الناتو يطلق عليها اسم Project 636.3 Varshavyanka-class أو Improved Kilo-class)، والتي تشتهر بقدرتها على امتصاص الصوت وانخفاض ضوضائها، مما أكسبها لقب “الثقب الأسود” نظراً لصعوبة اكتشافها بواسطة السونار.
وأكد جهاز الأمن الأوكراني في بيانه أن الغواصة كانت راسية في الميناء، وهي من طراز يستخدم لإطلاق صواريخ كروز من طراز كاليبر، والتي استخدمتها روسيا مراراً في ضربات بعيدة المدى على البنية التحتية والمدن الأوكرانية.
العملية، التي لم يتم تحديد موعدها بدقة، استهدفت الغواصة في ميناء نوفوروسيسك، وهو ميناء بات يمثل القاعدة الرئيسية الجديدة لأسطول البحر الأسود الروسي.
هذا التحول جاء بعد الضربات الأوكرانية المتكررة التي أجبرت روسيا على سحب جزء كبير من سفنها وغواصاتها من خليج سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم، مما جعل نوفوروسيسك الملاذ “الآمن” الأخير تقريباً للأسطول الروسي في المنطقة.
وقد نشر جهاز الأمن الأوكراني لقطات مصورة قال إنها للهجوم، تُظهر انفجاراً قوياً يحدث في المياه بالقرب من الرصيف حيث كانت الغواصة والسفن الأخرى راسية.
وبحسب المسؤولين الأوكرانيين، فإن الغواصة لحقت بها أضرار بالغة أدت إلى إخراجها فعلياً من الخدمة، وقدرت قيمة الغواصة الواحدة من هذا الطراز بنحو 400 مليون دولار أمريكي، مع إشارة إلى أن كلفة بناء غواصة بديلة قد تصل إلى 500 مليون دولار بسبب العقوبات الدولية التي تعيق وصول روسيا إلى المكونات التكنولوجية.
وأكد مستشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ألكسندر كاميشين، أن هذه المرة هي “الأولى في التاريخ” التي يتم فيها تحييد غواصة بواسطة مسيرة تحت الماء.
في المقابل، نفت موسكو بشدة المزاعم الأوكرانية، حيث نقلت وكالات الأنباء الحكومية الروسية عن الأسطول الروسي قوله إن “محاولة العدو لتنفيذ عمل تخريبي باستخدام مركبة غير مأهولة تحت الماء فشلت في تحقيق أهدافها”.
وأكد المتحدث باسم أسطول البحر الأسود أن “لم تتعرض أي من سفن أو غواصات الأسطول الروسي في خليج قاعدة نوفوروسيسك البحرية، ولا أطقمها، لأي أضرار نتيجة لهذا العمل التخريبي، وتؤدي مهامها كالمعتاد”.
ورغم النفي الروسي، يرى المحللون العسكريون أن نجاح المسيرة في اختراق الدفاعات في قاعدة محمية كهذه، وتسجيل أول هجوم ناجح معروف تحت الماء على غواصة، يمثل نقطة تحول استراتيجية في الحرب البحرية.
