في ظل تصاعد الغارات الأمريكية.. يمنيون يتخوفون من كارثة إنسانية وارتفاع أعداد الضحايا

أعادت الضربات الجوية الأمريكية الأخيرة أصوات القصف التي كانت ترافق حياتهم بداية اندلاع الحرب قبل عشرة أعوام ولكن هذه المرة أصبحت المخاوف أعظم من تصاعد المواجهات، وما قد يترتب عليها من آثار كارثية على معيشتهم، خاصة في ظل العقوبات الاقتصادية المتزايدة على الجماعة الحوثية والآثار الكارثية التي لحقت بهم خلال سنوات الحرب.
و تعرضت صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرة الحوثيين لضربات جوية أمريكية، عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه أمر الجيش بشن “عملية عسكرية حاسمة وقوية” ضد المليشيا.
أثارت هذه الضربات قلق السكان من احتمال اندلاع حرب طويلة الأمد، خاصة مع استمرار الحوثيين في تهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر، ورفع وتيرة التصعيد العسكري، وهو ما قوبل بموقف أمريكي أكثر تشدداً مقارنة بإدارة الرئيس السابق جو بايدن.
يقول صحفي مقيم في صنعاء إن قوة الضربات الأخيرة أعادت مشاعر السكان إلى بدايات الحرب والانقلاب الحوثي، لكن معظمهم اعتادوا على مثل هذه التطورات، باستثناء أولئك الذين يقطنون بالقرب من مواقع الجماعة الحوثية، حيث يزداد خوفهم من الغارات المفاجئة.
إلا أن القلق الحقيقي، بحسب الصحفي، ينبع من التأثيرات الاقتصادية لهذه المواجهة، خصوصاً مع إعادة تصنيف الولايات المتحدة للحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، الأمر الذي قد يؤدي إلى تشديد القيود المالية والاقتصادية، ويؤثر على وصول المساعدات الإنسانية.
ردّ الفعل الحوثي على الضربات الأمريكية كشف عن حالة من الارتباك، حيث حاول المتحدث الرسمي للجماعة، محمد عبدالسلام، التقليل من شأن الاتهامات الأمريكية بشأن تهديد الملاحة في البحر الأحمر، مدعياً أن عمليات الجماعة تستهدف فقط السفن الإسرائيلية، في محاولة لتبرير التصعيد.
إلا أن هذا الموقف قوبل بتشكيك واسع، خاصة في ظل استمرار استهداف السفن التجارية وتزايد التقارير حول تهديدات حوثية ضد الملاحة الدولية.
في الوقت ذاته، اعتبر ناشطون يمنيون أن الضربات الأمريكية تزيد من معاناة المدنيين، حيث يرى كثيرون أنها تأتي لتشارك الحوثيين في انتهاك حقوق الشعب اليمني، الذي يعاني أصلاً من أزمات معيشية خانقة.
مع تصاعد التوترات، بدأ الحوثيون حملة دعائية جديدة تحت شعار “دعم القوات البحرية”، مطالبين السكان والتجار بالمساهمة في تمويل عملياتهم العسكرية.
وأكد تجار في صنعاء أن الجماعة فرضت عليهم دفع تبرعات إجبارية، حيث باتت المساهمات المالية للمجهود الحربي إلزامية، حتى في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور.
أحد أصحاب معارض السيارات في صنعاء قال” إن الضربات الأمريكية الأخيرة ستؤدي إلى فرض المزيد من الإتاوات على التجار، بالإضافة إلى تأثيرها على حركة الاستيراد، ما يعني أن الأزمة الاقتصادية ستزداد سوءاً.
وأضاف: “منذ فترة لم يعد هناك من يستطيع شراء السيارات سوى القادة الحوثيين، والآن مع هذا التصعيد، ستتفاقم الأوضاع، وسنشهد موجة جديدة من التضييق والجبايات بحجة دعم الجبهة”.
في ظل استمرار الضربات الجوية، تعهد الحوثيون بالتصعيد، حيث أعلن المتحدث العسكري باسم الجماعة، يحيى سريع، عن استهداف حاملة الطائرات الأمريكية “يو إس إس هاري ترومان”، إلى جانب قطع بحرية أخرى في البحر الأحمر، للمرة الثانية خلال 24 ساعة.
ويبدو أن المرحلة القادمة ستشهد تصعيداً إضافياً من قبل الجماعة، مما يزيد من مخاوف المدنيين في صنعاء من تعرض المدينة لمزيد من الضربات الجوية، وسط أزمات معيشية خانقة قد تتفاقم مع استمرار المواجهات العسكرية.
في ظل التصعيد العسكري بين الولايات المتحدة والحوثيين، يجد سكان صنعاء أنفسهم مرة أخرى في قلب أزمة لا ناقة لهم فيها ولا جمل. ومع تزايد الغارات الأمريكية وتشديد العقوبات الاقتصادية، تتزايد مخاوف المواطنين من استمرار تدهور الوضع المعيشي، بينما تستغل الجماعة الحوثية الأزمة لفرض مزيد من الجبايات والإتاوات على السكان والتجار.