في يوم الطفل العالمي.. أطفال غزة يعانون الأمرّين بسبب الإبادة الإسرائيلية

يحلّ يوم الطفل العالمي في ظل مرحلة هي الأكثر دموية بحق أطفال فلسطين في تاريخ القضية، مع استمرار حرب الإبادة وعمليات المحو المُمنهجة، التي أدت إلى استشهاد الآلاف منهم، إلى جانب إحصاء آلاف الجرحى ومثلهم ممن فقدوا أفراداً من أسرهم أو عائلاتهم بالكامل، وفقاً لتقرير مشترك لهيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني.

وأضافت الهيئة والنادي، في تقريرها بمناسبة يوم الطفل العالمي الذي يصادف 20 نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، أن “مستوى التوحش الذي يمارسه الاحتلال بحقّ أطفالنا، يشكل أحد أبرز أهداف حرب الإبادة المستمرة منذ أكثر من 400 يوم، لتشكل هذه المرحلة امتداداً لسياسة استهداف الأطفال التي يمارسها الاحتلال منذ عقود طويلة، إلا أن المتغير اليوم، مستوى وكثافة الجرائم الراهنة”.

وفي ما يخص قضية الأطفال الأسرى التي شهدت تحولات هائلة منذ بدء حرب الإبادة، وتصاعد حملات الاعتقال بحقّهم، سواء في الضّفة التي سُجل فيها ما لا يقل 770 حالة اعتقال بين صفوف الأطفال، إضافة إلى أطفال من غزة، لم تتمكن المؤسسات من معرفة أعدادهم في ضوء استمرار جريمة الإخفاء القسري، ويواصل الاحتلال اليوم اعتقال ما لا يقل عن 270 طفلاً يقبعون أساساً في سجنَي عوفر ومجدو، إلى جانب المعسكرات التابعة للجيش الاحتلال، ومنها معسكرات استحدثها الاحتلال بعد الحرب مع تصاعد عمليات الاعتقال التي طاولت آلاف المواطنين.

يوم الطفل العالمي.. اعتقالات وإخفاء قسري

ودولة الاحتلال هي الوحيدة في العالم التي تحاكم بشكل منهجي ومنظم نحو 600 – 700 طفل فلسطيني أمام المحاكم العسكرية للاحتلال. ولفت التقرير “إلى أنه منذ عام 2015، وهو التاريخ الأقرب لتصاعد عمليات اعتقال الأطفال، سُجل لدينا أكثر من عشرة آلاف حالة اعتقال، فيما سُجل منذ بدء الحرب على قطاع غزة في أكتوبر/ تشرين الأول 2023 اعتقال ما لا يقل عن 770 طفلاً من الضّفة، من بينهم طفلة واحدة من مدينة القدس، ولا تتوافر معطيات عن أعداد الأطفال المعتقلين من غزة بسبب سياسة الإخفاء القسري التي ينتهجها الاحتلال ضد أسرى قطاع غزة”.

وأشار التقرير “إلى وجود مائة طفل رهن الاعتقال الإداري، من بينهم طفل يبلغ من العمر 14 عاماً، وهذه سابقة، استناداً إلى المعطيات المتوافرة لدى المؤسسات الحقوقية”. ووثّق “عدداً من الحالات خلالها استخدم الاحتلال الأطفال رهائن للضغط على أحد أفراد العائلة لتسليم نفسه، وكانت أبرز هذه الحالات احتجاز طفل من بلدة بيت لقيا في رام الله، عمره ثلاث سنوات، لساعة ونصف، ثم أطلق سراحه، وسلّم والده نفسه لقوات الاحتلال لاحقًا”.

وجدّد التقرير تأكيده أن الاحتلال ما زال حتى اللحظة “يحرم جميع عائلات الأطفال المعتقلين زيارتهم منذ بدء الحرب، كما هو الشأن بالنسبة إلى آلاف الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي ومعسكراته”. ولفت “إلى أن الأطفال الأسرى يواجهون عدة جرائم في الوقت ذاته، منها التعذيب والتجويع والجرائم الطبية التي باتت كابوساً حقيقياً أهم معالمه انتشار مرض الجرب (السكايبوس) تحديداً في قسم الأطفال في سجن مجدو، إلى جانب تصاعد الاعتداءات الجنسية بمستوياتها المختلفة، التي أدت إلى استشهاد العشرات من الأسرى والمعتقلين”.

وتابع: “على مدار 400 يوم من حرب الإبادة، تمكنت الطواقم القانونية بصعوبة ضمن إجراءات إسرائيلية مشددة ومقلّصة من تنفيذ زيارات للعديد من الأطفال الأسرى في سجني عوفر ومجدو، رغم القيود المشددة التي تجرى فيها الزيارات، وخلالها جُمعَت عشرات الإفادات من الأطفال التي عكست مستوى التوحش الذي يمارس بحقهم، من تعذيب وعمليات سلب غير مسبوقة، استناداً إلى المتابعة التي جرت على مدار تلك الفترة”.

وأوضح التقرير أن “أبرز هذه الجرائم تعرضهم للضرب المبرح، والتهديدات بمختلف مستوياتها، حيث تشير الإحصاءات والشهادات الموثّقة للمعتقلين الأطفال إلى أنّ أغلب من اعتُقِلوا تعرضوا لشكل أو أكثر من أشكال التّعذيب الجسدي والنفسيّ، عبر جملة من الأدوات والأساليب الممنهجة المنافية للقوانين، والأعراف الدولية، والاتفاقيات الخاصة بحقوق الطّفل. هذا إلى جانب عمليات الإعدام الميداني التي رافقت حملات الاعتقال، وكان من بينها إطلاق الرصاص بشكل مباشر ومتعمّد على الأطفال”.

واحتلت جريمة التجويع “السطر الأول في شهادات الأطفال للمحامين أو من تحرر منهم، فالجوع يخيم على أقسام الأطفال بشكل غير مسبوق، حتى إنّ العديد منهم اضطر إلى الصوم لأيام جراء ذلك، وما تسميه إدارة السّجون بالوجبات، هي فعلياً مجرد لقيمات، ففي الوقت الذي عمل الأسرى فيه على مدار عقود طويلة على ترسيخ قواعد معينة داخل أقسام الأسرى، من خلال وجود مشرفين عليهم من الأسرى البالغين، إلا أنّ ذلك فعلياً لم يعد قائماً، واستفردت إدارة السّجون بالأطفال دون وجود أي رقابة على ما يجري معهم، وفعلياً الرعاية التي حاول الأسرى فرضها بالتضحية، انقضّت عليها إدارة السّجون كما ظروف الحياة الاعتقالية كافة التي كانت قائمة قبل الحرب”.

وبالنسبة إلى اعتقال الأطفال إدارياً، أشار التقرير “إلى تصاعده منذ بدء الحرب، وبشكل غير مسبوق تاريخياً، حيث وصل عدد المعتقلين الإداريين إلى 4343 معتقلاً، وهذا المعطى فعلياً لم يسجل حتى في أوج حالة المواجهة في الانتفاضتين الأبرز في تاريخ شعبنا، واليوم أحد أبرز التّحولات الخطيرة والمرعبة، استمرار الاحتلال في اعتقال نحو 100 طفل إدارياً، واحتجازهم تحت ذريعة وجود (ملف سري). بالمقابل، يواصل الاحتلال اعتقال أطفال من غزة وتصنيفهم (مقاتلين غير شرعيين)، كما المئات من معتقلي غزة المعلن عنهم ضمن معطيات إدارة السّجون والبالغ عددهم 1627، وهذا المعطى الوحيد الذي أعلنه الاحتلال بشأن معتقلي غزة أخيراً، ونؤكد باعتبارنا جهات مختصة أنّ جريمة الاعتقال الإداري تشكّل اليوم إلى جانب الاعتقال على خلفية ما يُسمى بالتّحريض، الأساس لحملات الاعتقال في الضّفة”.

وتطرق التقرير إلى القوانين التي صاغها الاحتلال، وكرّسها لاستهداف الأطفال، وكان آخرها ما خرجت به اللجنة التشريعية في الكنيست الإسرائيلي، وهو إقرار قانون يقضي بفرض أحكام طويلة على الأطفال دون 14 عاماً في إطار قانون الطوارئ، لمدة خمسة أعوام، وهذا ليس القانون الأول الذي يشرع لفرض أحكام لسنوات بحقّ الأطفال، علماً أنّ العديد من الأطفال، صدرت بحقّهم أحكام بالسجن المؤبد، بعد أن تجاوزوا سنّ الطفولة داخل الأسر، والعديد من الأسرى البالغين اليوم في سجون الاحتلال اعتُقلوا أطفالاً وصدرت بحقّهم أحكام بالسجن المؤبد لاحقاً، وما زالوا منذ عقود رهن الاعتقال.

Exit mobile version