لا يتوافر الفكر الفردي الجمعي إلا في قيادات العلماء والأدباء والمثقفين، وأعني به هنا المرء الذي يقدم لغيره ما ينفعه، ولا يدري الآخذ لهذه الحكمة قيمة ما يحصل عليه من المنتج، بل قد يعترض عليه، أو يحاربه جهلاً أو استكبارا، وهذا ما يجعل أصحاب الفكر التجديدي مضطهدين عبر الأزمنة، وحتى لو كانوا رسلاً أو أنبياء.
ويعنينا في وقتنا هذا – أكثر من أي وقت مضى – أن نساند الابتكارات الشخصية، حتى إذا لم نتمكن من فهمها، فالإجماع على الخطأ – في الوقت الآني – أكثر من الإجماع على الصواب، وقد ثبت هذا عبر كل العصور، فقد قُتْلَ أفلاطون لآرائه الصحيحة في الفلسفة، وقتل جاليليو لصحة نظرياته في العلوم الطبيعية، وقتل عمر بن الخطاب لآرائه الصحيحة في الدين .
فأصحاب التجديد متهمون عبر العصور، وحينما يثبت المبدع على حق اخترعه، ويهجره الآخرون، فلا نطلب منه أن يساير الجماعة، ولا نرى هنا صحة للديمقراطية، بل سيكون هنا هو الجماعة رغم فرديته، لأن الإجماع إذا لم يكن على صواب أو خير لا يمكن تسميته بالإجماع بل يسمي حينئذ بالتآمر على قتل الفكر والابتكار .
ومنذ الوجود التركي في البلاد العربية، وحتى اللحظة الآنية، والإبداع العربي والنقد مصاب بسرطان الأسماء، أعني أنهم يتبعون أسماء لا مناهج، وأشخاص لا مبادئ أو قواعد، مما جعل أدبنا العربي مجموعة من الأسماء لا الإنتاج، فإذا ذكرت القصة فلا بد أن يكتب القاص مثل فلان لأنه رائد القصة، وكذا المسرح، والشعر، وغيرها من الفنون القولية، إن “تأليه النجوم” والإيمان بالأشخاص أفقد الفكر العربي مصداقيته عبر قرون عديدة مضت، وأفقد الثقافة العربية شرعيتها، وأفقد الأنظمة العربية مواقفها الثابتة.
بيد أن سعي المنظمات الصهيونية، والمؤسسات الماسونية، والأوروأميركية على وجه التحديد استطاعت لفت انتباه الشخصية العربية إلى بيادر السفه، بمعنى أن الإنسان العربي لم يعد يعرف ما يصلحه، ويتمسك تمسكا حازما بما يضره.
فنجوم الفن قادة، ونجوم الرقص سادة الفكر، ونجوم الكرة أهل الحل والعقد، ومجلس إتحاد الكرة أهم من مجلس الشورى ـ ووسد الأمر إلى غير أهله، وأصبحت الريادة والرفادة للرويبضة، تفجرت هذه الشحنات، وأنا أقرأ مجموعة “لغة الآى آى للأديب الكبير يوسف إدريس، وفي اليد اليسرى مجموعة “عينان في الأفق الشرقي” للأديب / حسن غريب أحمد .
نحن – النقاد – نظلم كُتّاب القصة على حساب الأسماء السابقة، وما كان يمكنني قبل قراءة هذه المجموعة أن أتعرف إلى عمق فكر الكاتب أو ثقافته، رغم الصداقة التي ربطتنا من ربع قرن تقريبا، حيث أعرف بداياته المبشرة للغاية، فأرضه بكر وخصبة، ولذا فإنني سعدت بعد قراءتي للمجموعة .
تتكون المجموعة القصصية “عينان في الأفق الشرقي” من ثماني عشرة قصة قصيرة: الأولى: عينان في الأفق الشرقي، والأخيرة: لحظة حب، وبين القصة الأولى والأخيرة، مجموعة من القصص المتنوعة، يربط بينهم حداثة التناول وطرافته.
وتقوم الدراسة على استجلاء من عنصرين رئيسين هما:
- الخطاب القصصي وتأصيل الحكاية..
- التحولات في تقنيات الخطاب..
أولا: الخطاب القصصي وتأصيل الحكاية
يبدو العنوان غريبا، لكنه ببساطة شديدة يعني محاولة الكشف عن طريقة تقديم القصة في مجموعة “عينان في الأفق الشرقي” كما يعني مد جذور الترابط بين ما يقدمه حسن غريب، وما سبق تقديمه من قصص.
وقد سميت هذه المجموعة “ديوان قصص” لما فيها من ترابط العوامل الفنية، وتنوع التوجهات، فهو يكتب عن مقاومة الاحتلال الصهيوني في العريش وما حولها، ويكتب عن الأضحية في العيد الكبير (عيد الأضحى)، ويكتب أحلام الرجل والمرأة بين الخيال والوهم وأحلام اليقظة، ومن أروع القصص “قصة وجه آخر للبؤس”، فطريقة التناول تصلح أن تكون نموذجا لقصة عربية جديدة، فالأسلوب غير مسبوق ولا مطرون، ويقدم إقناعا للمتلقي بتقنيات لغوية واستراتيجيات قصية، لم يسبقه إليها أحد، ويستجلي علاقة الإنسان بالمكان في قصته “تمرد”، فيجعل خروج الإنسان من المنزل إلى داخل الإنسان، ودخول الإنسان في ذاته يعرف أنه يحمل الأماكن التي يكرهها، وهي قريبة من رواية عبدالحكيم قاسم “قدر الغرف المقبضة”، بيد أن قصة حسن بالأخذ بمنهج العقاد، قليل من الأدوات، وكثير من المحاصيل .
كما قدم القصة الفلسفية التي تمزج بين فلسفة الفكر وشاعرية اللغة، من خلال دعوة للتأمل في حال غريب لمجتمعنا المصري، وذلك في قصة “أفول نهار أخضر”، وقد سبر الكاتب بفكر عميق ما يحدث في المجتمع المصري من عقدين وحتى الآن، فكثيرون ممن يتحدثون بالدين، ويعلمون الناس دينهم، هم جاهلون بحقيقة الدين، ومؤهلاتهم لنشر الدعوة مال ولحية، وثوب أبيض وعمامة، وقد اختار حسن غريب عنوان القصة “الشيطان يبحث عن وظيفة” وقلت أنا “الشيطان وجد وظيفة”، وهي من أروع ما قدم الكاتب، وقدم اعتمد الكاتب على تقنيات خاصة في تقديم الخطاب القصصي، كما استخدم استراتيجيات محددة لتأصيل الحكاية العربية .
أ) تقنيات الخطاب القصصي
سبقت الإشارة إلى أن الخطاب القصصي في أبسط تعريفاته هو الطريقة التي يقدم بها الكاتب قصته.
وتعنى الدراسة هنا بالتقنيات الخاصة بديوان قصصي “عينان في الأفق الشرقي”، حيث لن تعنى بالتنظير إلا في حدود مساحة التطبيق، وهذا قدر من مراقبة عجلة التقنية كاف للغاية، فالكاتب لا يتعمد تقنية واحدة في ديوانه القصصي، بل يستخدم تقنيات متنوعة، فيبدأ القصة بتصوير المكان لبيان مهمته وأهميته كما في القصة الأولى: “عينان في الأفق الشرقي” “الشمس ترسل أشعتها الذهبية على المنزل العرايشي الواسع الفناء.
وهو في أروع صورة له … وقد تجمعت فيه أشجار النخيل، وسعفه الزاهية .. الذي تم تشطيره في المساء، وسار صالحا لعمل الكراسي والمقاعد والأسبتة والقبعات.
توسط الفناء الكبير العم سالم .. وقد التفت أشجار السعف الرفيعة اللينة بين أصابعه، وأخذ السعف الرفيع الرقيق يقفز في حجره.
إذا سألتني عن مساحة الأرض التي تنمو فيها أشجار النخيل على شاطئ البحر، فإنني لست أدرى .. “
المجموعة ص 7.
وفي القصة التالية يبدأ بالشخصية: – “مع أن شقيقتي لها ثلاثة أبناء إلا أن ابنتها الصغرى أسماء وحدها استعمرت قلبي، واستأثرت بكل محبتي لأسباب لا أزعم حتى لنفسي صحة تأويلها أو القطع بها”. ص 25
وقد يبدأ القصة بحدث اعتيادي مثل قصة “قهوة بنكهة امرأة”، فيقول: “أعبث بأصابعي .. أشبكها معا .. أحركها برتابة .. وأسير وحدي .. أردت لحظات أسرقها من هذا الضجيج كي أكون وحيدا .. أعانق خيالات محزنة وذكريات تتشبث بي فلا تبرح ذاكرتي أبدا”. ص 29.
وقليلاً ما تبتدأ القصة بفكرة فلسفية، لكنها هامة، مثلما بدأت قصته التي تجاوزت حدود الروعة في التجديد، وذلك باستخدام تقنيات لم يسبقه إليها أحد من كتاب القصة الذين أعرفهم وذلك في قصة “وجه آخر للبؤس” حيث يقول: “إحساس ما يجعلك هذا اليوم أشد بؤسا، وأنت تبدأ يومك يتملكك هذا الشعور والذي رغم كل شيء كان له سطوة كبيرة عليك” ص 33.
وقد يبدأ بأثر المكان أو الحدث أو الأشخاص، مثل بدايته في قصة “تمرد”، حيث يقول: – “أحسست بالخدر يأكل ركبتيها، فأرخت ساقيها على سريرها الضيق التي كانت قد استلقت عليه منهكة منذ الظهيرة .. كانت قد قضت ساعات الصباح في تنظيف المنزل ككل صباح تكنس هنا، وترتب هناك .. هكذا بحركات تقوم بها دون تفكير وكأنها أدمنت صباحا تعبا حتى الإنهاك” ص 37
فليست هناك قيمة محددة لبداية القصة، ولا نهايتها، وهو لا يتصنع الخط الدرامي، فهو لا يلوى حدثا، ولا شخصية، لكنه يترك الحدث كما هو دون تدخل، ويترك الشخصية تتصرف بمنطقها الخاص، ولا بمنطق يمليه عليها، فهو لا يملي عليها شروطا، ولا ينظم لها خط سير، إنما يدخل في قلب الشخصية والحدث، ويكتب ما تقوله الشخصية لا ما يريده هو، وحينما يجد أن السارد تدخل في أقوال الشخصية، يعود بأقوال الشخصية ذاتها، لتؤدي نفس أقوال السارد مثل: – “رفعت الزوجة رأسها وقالت باسمة: لماذا عدت الليلة متأخرا هكذا؟ .. إيه جرالك يا رجل مش عوايدك يعنى التاخير هدا كله .. وين كنت يا سالم؟”.. فالمزج بين الفصحى والعامية لأداء نفس المعنى، وتسلل الفصحى داخل الحوار العامي ليس غريبا على لهجة أهل سيناء، فكثيرا ما ينطقون العامية، وهي مطعمة بالألفاظ الفصحى.
فالسارد لا ينقل واقعا، ولكنه يخترع واقعا قصصيا موازيا للواقع الحقيقي، في محالة لاستجلاء واقع الشخصية السيناوية في مرحلة ماضية، تؤسس للمستقبل.
وقد يعتمد حسن غريب لغة الشعر في العرض والخبر، فيرتقي بلغة السرد إلى آفاق متناهية الشعرية، حيث يصور ما لا يرى بحس يخترق داخل الشخصية مثل: “طفرت عبرة في صدر المرأة، لكنها لم تبك فقد قالت: ما دمت تفهم أمور البيت هكذا فلا بأس” ص 11.
إن المساحة الشاسعة بين القلب واللسان يختصرها الكاتب في هاتين الجملتين، جملة قلبية عاطفية، وجملة عقلية لسانية، وهنا تغليب الواجب على العاطفة، فرغم اندفاع الدمعة على غرة، إلا أنها لم تسمح لها بالتعبير عن البكاء، بل قدمت لها تعبير العقل، فهناك خط متماس ومتلاصق بين الحلم والواقع، ويختفي الحلم، بضرورة الاندماج في الواقع .
وتتجلى التقنية في استخدام اللغة، لرصد الحركة والتماوج، والتخاطب، ورد الفعل، ووضع الصور في شكل تراتبي يسمح بتقديم شريط اللغة، وباسترجاع، وذلك في قصة لم أقرأ مثلها في الأدب العربي، حتى أنني اعتبرتها أنموذجا لقصة عربية جديدة، حيث إنها من أروع القصص في الحكي والسرد وطريقة التناول، واستخدام الأزمنة من استرجاعات واستباقات، وهذه قصة “وجه آخر للبؤس “
فالصفحة الأولى فقط في القصة، يستخدم 76 اسما، و33 فعلا، سبعة أفعال ماضية فقط، وبقية الأفعال في زمن المضارع، ولا يستخدم فعل أمر واحد، ولا يستخدم ضمير المتكلم، بل استخدم عشرين ضميرا خمسة ضمائر للغائب والباقية للمخاطب، ولأن الأفعال المضارعة زمانية وكذا الماضية، فلم يستخدم ظرف الزمان سوى مرتين، بينما أستخدم ظرف المكان أربع مرات، وقد جاء التعامل الإحصائي مع الحروف بهذا الشكل حروف الجر 14 مرة، حروف العطف 11 مرة، حروف التوكيد 5 مرات، حروف النصب 4 مرات، حروف التسويف مرتين، وتجئ النسب الإحصائية هكذا
- الاسم: الفعل بنسبة 2 : 1
- الاسم: الظرف بنسبة 12 : 1
- الاسم: الحرف 2 : 1
- الفعل: الحرف 1 : 1 تقريبا
- المضارع: الماضي 4 : 1 تقريبا
- الفعل: الظرف 5 : 1 تقريبا
- ضمير المخاطب: ضمير الغائب 3:1
وحينما يستخدم كاتب اللغة بهذا التنظيم، فهو ينبهنا إلى زيادة الأسماء تلغي دور الشخصية الرئيسة، مما يجعل الخطاب منفتحا على اللانهائي من الفكر، واستخدام الاسم بشكل التغليب يعني ثبات الفكرة في ذهن السارد، والدليل على ذلك استخدام الأفعال المضارعة حيث تعني الحركة الآنية المستمرة والمتواصلة، مع إفادة تكرار هذه الحركة، ولذا فإن هناك تقاربا بين الماضي القليل وضمير الغائب فهم تقريبا 7 : 5، وتقاربا بين المضارع الكثير، وضمير المخاطب وتقريبا تنقسم النسبة 6 : 4.
نادرا ما يتمكن كاتب قصة محترف أن يقدم هذا النموذج في فن القص، بتلك النسب، وبهذا الشكل من التوزيع على مدار القصة كلها. ولو لم يكن بديوان القصص “عينان في الأفق الشرقي”، سوى قصته “وجه آخر للبؤس” لكفت وأغنت بدلالتها على قدرة الكاتب على استحداث تقنيات جديدة في فن القص.
ثانيا: التحولات في تقنيات الخطاب .
تحاول الدراسة هنا تقديم فكرا تنظيريا متموسقا مع صيغة الخطاب الحكائي الذي تقدم هذه المجموعة أو ما اصطلحت على تسميته “بديوان قصصي”، وقد قصدتُ متعمدا إلى هذا العنوان “التحولات في تقنيات الخطاب” لأميز بين ثبات التقنيات عند الكثيرين من كتاب القصة، مما جعل قصصهم يقبل عددا كبيرا من التأويلات، وذلك من خلال السعي والتفتيش بين السطور.
بيد أن ديوان القصص هنا يقدم إشعاعات متعددة وقد تكون متضادة إلا أنها تسجل معان محددة، وهذا يعنى وضوح الفكرة في القص، وقدرة القاص على استخدام أدواته بطلاقة، وأن خططه لطريقه، والوصول إلى أهدافه واضحة المعالم.
“الشيطان يبحث عن وظيفة ؟
الشيطان في تراثنا العربي والإسلامي، موظف كبير، حيث إن وظيفته هي عداوة الإنسان، قال الله تعالى: – “إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا”. والشيطان آمر ويقدم وعودا: “الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء”.
والشيطان يقدم فكرا، ويقود المنحرفين، وهو متبع من كثيرين من بني آدم: “واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا”. هؤلاء شياطين الجن، إذا قرأت آية الكرسي والمعوذتين انصرفوا، وإذا حًرّجتَ عليهم بالله واليوم الآخر، وبالعهد الذي بينهم وبين نوح وسليمان لا يضرونك. أما شياطين الإنسن، وأولئك الذين يعوذون بشياطين الجن، فالأمر مختلف معهم للغاية.
الكاتب يضع المبررات الكافية، فالشاب يريد عملاً، وهو يحيا في ملل وضجر، وهو يخشى الناس، حيث ستشير إليه الشوارع بأنه عاطل، ويرى نفسه، لا بد أن يكون نجما، والنجومية هنا أصبحت نجومية الدعوة إلى الله، ولكنها ليست على بصيرة.
إنه سوف يصبح داعية، كدعاة التلفزيون، أعني دعاة على أبواب جهنم، فتلك شاشة تأخذك إلى الجنة، وذلك شيخ إذا تحدث استمع له الناس ليس هناك منهج، إنما هناك أشخاص، أنه تأليه الأشخاص، إنه تصوف جديد، إنه نوع من أنواع الاستهزاء بأغلى ما يملكه الإنسان، وهو دينه، يشير الكاتب إلى أن العاطلين هم الدعاة المزيفون.
وهذا يعني أن المنتشر بين الناس ليس هو الدين الصحيح، بل هو دين العاطلين، والذين لا يجدون وظائف، فأصبحت الدعوة إلى الله مهنة من لا مهنة له.
يستخدم حسن غريب الأحداث كتقنية لسبر أغوار المجتمع، إنه لا يحكي ولا يقص ولا يسرد، كاتب يجتهد في ابتكارات جديدة لإبلاغ رسالته، لا يوجد لديه ثيمة يعمل لها أو بها لديه أفكار، يريد أن يقيم منها منهجا تحويليا، للأفكار المنتشرة في المجتمع، يؤصل للانتماء، فالانتماء فعل وليس كلمات، كما يفعل غيره، في حشو القصص بالكلمات بأحبك يا بلادى، أو حشو النصوص بأغان ومواقف تقول للمتلقي إنه يحب بلاه.
الكاتب في ديوانه القصصي يكتب الفعل / الحادثة ـ يكتب اللفظ باعتباره عاملاً نصيا، وليس عاملاً لفظيا.
يكتب الجملة والفقرة باعتبارها متواليات متضافرة، تصنع شبكة من العلامات، وتكشف عن اللحظة الحرجة، وهي لحظة المعرفة، تلك اللحظة التي تقع بين لحظتين هما لحظة الجهل ولحظة العلم، يحرص على إطالتها، رغم أنها لحظات، إلا أنها تستغرق منه ديوانه القصصي كله.
يقدم حسن غريب في مجموعته “عينان في الأفق الشرقي”، حياته، لا أعني سيرته الذاتية، ولكنني أعني بحياته مجموعة الأنماط الفكرية والثقافية التي يرى أنها تقدم كشفا واقعيا يشتمل على مزايا الأشخاص والأحداث، أو خطايا الأشخاص، وبلاء الأحداث.
وختاما: جاءت المراجعة لهذه المجموعة غير خالية من الأخطاء العقدية أو اللغوية، وكنت أتمنى غير ذلك، فمن الأخطاء العقدية: شبح سعد “يذبحه بلا رحمة، كان المرحوم سعد” وهو يقصد الخروف، وهذا خطأ عقدي كبير في تقديم الأضحية والنسك، لمجموعة ص 26، 27.
وجدتك “تصغري وتصغري” يقصد تصغرين وتصغرين تمنيت أن تديري قرص الهاتف وتضربين معي موعدا، يقصد تضربي معي موعدا .. المجموعة ص 42.
“أكد الشيخ أن الآلهة دائما طيبون”
يدل العمل على جهد مشكور، ولكنه جهد بشري..
إيمان عباس زيادة