أعلنت قناة “الحرة”، المؤسسة الإعلامية الناطقة بالعربية التي أنشأتها الولايات المتحدة وموّلتها بعد غزوها العراق من أجل موازنة نفوذ قناة “الجزيرة”، السبت، أنها ستسرح معظم موظفيها، وستتوقف عن البث، بسبب انتهاء الدعم بقرار اتخذته إدارة الرئيس دونالد ترامب.
وأكد صحافيون في موقع الحرة من العاملين في المكتب الإقليمي في دبي تلقيهم، صباح أمس السبت، مراسلات رسمية تفيد بإنهاء عملهم، من دون أي توضيح حول إمكانية حصولهم على حقوقهم المادية عن عملهم في إبريل/نيسان الحالي أو مكافأة نهاية الخدمة أو التعويض عن الضرر.
خلال اليوم نفسه، أعلنت قناة الحرة أنها ستسرّح معظم موظفيها وستتوقف عن البث بسبب انتهاء الدعم بقرار اتخذته إدارة الرئيس دونالد ترامب، وذلك في بيان قال فيه جيفري غدمين، الرئيس التنفيذي لشبكة الشرق الأوسط للإرسال في الشرق الأوسط التي تضم تحت مظلتها قناة الحرة وغيرها من وسائل الإعلام العربية الأصغر حجماً والممولة من الولايات المتحدة، إن “هذا التمويل جمد بشكل مفاجئ وغير قانوني”، وأشار إلى أن “كاري ليك، المستشارة الخاصة للوكالة التي تشرف علينا، ترفض مقابلتنا أو حتى التحدث معنا”.
وأعرب عن أسفه قائلاً: “أستنتج أنها تحرمنا عمداً من الأموال التي نحتاج إليها لدفع أجور موظفينا المخلصين الذين يعملون بجد”. وأكد أنّ قناة الحرة ستتوقف عن البث وستقلّص عدد العاملين فيها إلى “بضع عشرات”. وأضاف: “نعتمد على الكونغرس والمحاكم لإنقاذ مستقبل” الشبكة.
واللافت أن غدمن استخدم خطابا سياسيا في بيانه، قائلا إن قناة “الحرة” هي صوت ضد الأصوات المتطرفة والإرهابية.
وأضاف: “هناك كثير من الجماعات الإرهابية التي تكرهنا، مثل حماس وحزب الله والحوثيين، وكذلك الجماعات المعادية للولايات المتحدة في إيران. وتعزز إيران نفوذها وتوسعها في المنطقة، حيث زادت ميزانيتها لعمليات نشر الأخبار والمعلومات في المنطقة بنسبة 50 بالمئة. وفي مواجهة هذه التحديات، تقف شبكة الشرق الأوسط للإرسال في وجه محاولات نشر العداء ضد الولايات المتحدة”.
وقال غدمن: “نحن الوحيدون الذين نروي القصة الأمريكية في منطقة تشهد مناخاً إعلامياً يعمه العداء المطلق للولايات المتحدة. فوسائل التواصل الاجتماعي في المنطقة تحتفل اليوم باستسلام (صوت أمريكا) نتيجة إنهاء تمويلنا بشكل مفاجئ”.
وأضاف “أن ميزانية شبكة الشرق الأوسط للإرسال لا تتجاوز تكلفة مروحيتين من طراز (أباتشي) وفي هذا الوقت بالذات، لا يجب على أمريكا أن تتخلى عن أحد مصادر قوتها”.
ووثقت مؤسسة المرصد المصري للصحافة والإعلام واقعة فصل تعسفي طاولت 15 صحافياً وصحافية من العاملين في قناة الحرة وموقع الساحة الإخباري، التابعين لشبكة الشرق الأوسط للإرسال، ليصل بذلك إجمالي عدد الصحافيين المفصولين من هاتين المؤسستين إلى 30 صحافياً مصرياً منذ سبتمبر/أيلول 2024.
وفي سياق مشابه، تعرض عشرات الصحافيين للفصل من موقع الجمهور المحلي، بعد سلسلة من القرارات المفاجئة على مدار عامين، منها تغيير رئيس التحرير وعدد من مساعديه. انطلق “الجمهور” خلال الربع الأول من 2023، واستقطب حينها عدداً من الصحافيين والنقابيين.
وأشار المرصد إلى أن عدد الصحافيين في “الجمهور” الذين يمتلكون عقود عمل “لا يتعدون أصابع اليد، مقارنةً بأغلبية كبيرة في الموقع ليست لهم عقود عمل أو أي ضمانات تأمينية أو غيرها”.
وأضاف المرصد أنه “عقب رحيل رئيس التحرير السابق، بدأ استبعاد المحررين، إما اختياراً بعد مضايقات مستمرة، أو إجبارهم على الاستقالة، وذلك في ظل غياب لوائح داخلية واضحة للعمل، ومن دون اتباع أي مسار قانوني أو إداري سليم، وهو ما يعكس نمطاً ممنهجاً من التلاعب بعقود العمل والحقوق القانونية للصحافيين داخل المؤسسة”.
وبحسب الشهادات التي جمعها المرصد، فإن الصحافيين المفصولين “لم يتلقّوا أي إنذار مُسبق، ولم يبلغوا بخطط تتعلق بتخفيض عدد العاملين أو إجراء هيكلة داخلية، بل إن بعضهم علم بقرار فصله من خلال توقف حساباته البريدية والمهنية، أو من خلال اتصالات هاتفية مقتضبة. كما لم يُمنح أي من المفصولين فرصة لتقديم تظلّم أو نقاش القرار مع الإدارة، وعلى العكس، مورست ضغوط نفسية ومهنية على بعضهم لقبول تسوية مُجحفة مقابل توقيع استقالة، فيما لم تُصرف مستحقات البعض الآخر حتى الآن”.
وفقاً لاستبيان أجرته نقابة الصحافيين المصريين في ديسمبر/كانون الأول الماضي، فإن 72% من الصحافيين في مصر يعيشون على أقل من الحد الأدنى للأجور المُحدد من الدولة بـ6 آلاف جنيه شهرياً (نحو 120 دولاراً أميركياً)، و40% من الصحافيين يعيشون بأقل من نصف الحد الأدنى، مقابل 28.2% يلامسون الحد الأدنى أو يزيدون عليه، و40.1% من الصحافيين يلجأون للعمل الإضافي بشكل دائم.
وتقول قناة “الحرة” إنها تصل إلى أكثر من 30 مليون شخص أسبوعياً في 22 دولة. ولكنها تعاني خصوصاً منافسة من شبكة “الجزيرة” القطرية. وأنشئت قناة “الحرة” في عام 2004 لموازنة نفوذ القناة القطرية، بعدما أبدى مسؤولون أمريكيون عدم رضاهم عن تغطية حرب العراق التي بدأت في آذار/مارس 2003.
كما أن ثمة منافسة شرسة من قناتي “العربية” و”سكاي نيوز عربية” الممولتين من السعودية والإمارات على التوالي.
وقال غدمين إن إنهاء برامج قناة “الحرة” يمكن أن “يفتح الطريق أمام خصوم الأمريكيين وأمام المتطرفين الإسلاميين”.
وصعّد ترامب هجماته على الصحافة منذ عودته إلى البيت الأبيض في نهاية كانون الثاني/يناير، وهو يشكك في الاستقلالية التحريرية لوسائل الإعلام الممولة من الحكومة.
وتتلقى قناة “الحرة” تمويلاً حكومياً، لكنها لا تعتبر ذراعاً للحكومة الأمريكية، خلافاً لإذاعة “صوت أمريكا”.