الأخبار
أخر الأخبار

كيف تمكنت “وحدة الظل” من خداع إسرائيل وإخفاء عشرات الأسرى الإسرائيليين؟

تُعد “وحدة الظل” إحدى أكثر الوحدات العسكرية سرية ونخبوية ضمن كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، والتي تأسست في الأصل بعد أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2006. وتتمحور مهمتها الأساسية حول الاحتفاظ بالأسرى والمحتجزين الإسرائيليين وتأمينهم وإبعادهم عن أعين أجهزة الاستخبارات والجيش الإسرائيلي، بهدف استخدامهم كورقة تفاوض استراتيجية لإتمام صفقات تبادل كبرى، وهو ما نجحت فيه على مدى سنوات، حتى أصبحت تُوصف بـ”شيفرة لم يفكها أحد” رغم التفوق التكنولوجي والمخابراتي الإسرائيلي.

برز دور “وحدة الظل” بشكل حاسم ومبتكر في “خداع إسرائيل” وإدارة ملف المحتجزين خلال عملية “طوفان الأقصى” والحرب التي تلتها، حيث استطاعت الوحدة إخفاء وتأمين عدد كبير من المحتجزين (تجاوز عددهم المائتين)، رغم الاجتياح البري الإسرائيلي الواسع والقصف المكثف الذي استهدف قطاع غزة بحجة البحث عنهم. وقد اعتمدت الوحدة على “تكتيكات معقدة وتمويه” عالي المستوى، ونجحت في تحويل إسرائيل من مطارِد إلى طرف عاجز عن تحديد مكان المحتجزين.

أحد أبرز مظاهر الخداع التي كشفت عنها تقارير واعترافات لاحقة لمحتجزين إسرائيليين تم الإفراج عنهم، هو استخدام “المظاهرات الوهمية” كغطاء لتهريب المحتجزين. ووفقاً لتحليل أمني تم تأكيده باعترافات أسير إسرائيلي سابق، نظمت الوحدة مظاهرات شعبية ضد الحرب وضد حماس في مناطق مثل بيت لاهيا، ثم استغلت هذه المظاهرات لنقل المحتجزين سراً عبر الحشود. وقد قام عناصر الوحدة بنقل المحتجزين سيراً على الأقدام وسط المتظاهرين، في عملية وصفت بـ”الخيالية”، خاصة وأن الطائرات المسيّرة الإسرائيلية كانت تراقب المظاهرات، لكنها فشلت في اكتشاف عملية التهريب، مما يمثل انتصاراً في “حرب العقول والاستخبارات”.

بالإضافة إلى تكتيك المظاهرات، اعتمدت “وحدة الظل” على أساليب تمويه أخرى للحفاظ على المحتجزين بعيداً عن الرصد الإسرائيلي. وشمل ذلك النقل المستمر للمحتجزين بين أماكن مختلفة، حيث تم استخدام طرق تمويه مثل دفع المحتجزين لارتداء ملابس نسائية لنقلهم على أنهم نساء، ونقلهم من الأنفاق إلى شقق سكنية سرية أو مركبات مهجورة، لضمان عدم ثبات موقعهم وبالتالي صعوبة تتبعه من خلال أي وسيلة استخباراتية أو تكنولوجية إسرائيلية. وخلال عمليات تسليم المحتجزين إلى الصليب الأحمر ضمن صفقات التبادل، ظهر مقاتلو الوحدة في بث مباشر وهم يقومون بالعملية، في إشارة رمزية لانتصارهم في حفظ وتأمين “الورقة الرابحة” رغم القصف والاجتياح.

وفي إشادة نادرة، وجهت كتائب القسام تحية إلى “وحدة الظل” بعد نجاح عملية التبادل الأخيرة، واصفة عناصرها بـ”الجنود المجهولين”، ومؤكدة أنهم أداروا ملف الأسرى “بذكاء تكتيكي وأخلاق إنسانية”، وأنهم “فضحوا محدودية التكنولوجيا وأثبتوا أن المعلومة الحية واليد المدربة أحياناً أقوى من أقمار وطائرات بلا قدرة على ترجمة الواقع”. وقد نجحت الوحدة في المحافظة على سرية تامة بشأن هوية أفرادها وأماكن تواجدهم، وهو ما مكّنها من الحفاظ على المحتجزين أحياء، وإجبار إسرائيل على القبول بصفقات التبادل، لتتحول “وحدة الظل” إلى رمز لـ”هزيمة الاستعمار بالعقل لا بالسلاح”.

زر الذهاب إلى الأعلى